جلسة ‘استثنائية’ لمجلس النواب مضموناً ومكاناً…. الحكومة تحت مجهر الشارع والمعارضة فكيف ستتصرف؟

21 أبريل 2020
جلسة ‘استثنائية’ لمجلس النواب مضموناً ومكاناً…. الحكومة تحت مجهر الشارع والمعارضة فكيف ستتصرف؟

مع انتهاء عطلة عيدي الفصح في لبنان، تعود عجلت العمل السياسي الى الواجهة، في ضوء الجلسة التشريعية التي من المقرر ان تنعقد على مدى ثلاثة أيام، اعتباراً من اليوم، في قصر الاونيسكو. وعلى جدول أعمالها 66 اقتراحاً ومشروع قانون، بعضها مرتبط بالتخفيف من حدة الأزمتين المالية والاقتصادية على اللبنانيين وبعضها بالعملية الإصلاحية، لكن اقتراح القانون الأبرز الذي من المتوقع أن يشهد شد حبال بين الكتل النيابية، هو “العفو العام” الذي يدعمه بشدة “الثنائي الشيعي” ويعارضه حليفهما تكتل “لبنان القوي” الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون.

وكشفت مصادر نيابية أن الأمانة العامة لمجلس النواب اتصلت أمس ‏بالنواب ‏طالبي الكلام ضمن “الأوراق الواردة” في جلسة مجلس النواب التي تفتتح أعمالها صباح‏ اليوم، وأبلغتهم إلغاء هذه “الأوراق”. ‏‎

وإذ أكدت أوساط رئيس المجلس لـ”اللواء” هذه المعلومة، أوضحت أن الرئيس بري ألغى ‏الأوراق ‏الواردة بسبب وجود جدول أعمال مرشّح لنقاشات طويلة وخصوصاً البند المتعلق بالعفو ‏العام‎.‎

العفو العام مادة سجال
يشكل ملف العفو العام أبرز بنود جدول أعمال الجلسة النيابية اليوم، وبحسب مصادر نيابية لـ”الشرق الأوسط” تم إدراج اقتراحيْ قانون يرتبطان بالعفو العام؛ الأول تقدم به النائبان في كتلة “التنمية والتحرير” التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ياسين جابر وميشال موسى، ويرتكز على الورقة الإصلاحية لحكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة، أما الاقتراح الثاني فتقدمت به كتلة “المستقبل”. واعتبرت المصادر في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، أنه سيكون من الصعب الجزم بشكل مسبق بإمكانية تمرير هذا القانون، لأن مصيره ستحدده النقاشات التي ستجري، لأنه بات واضحاً أن لكل كتلة رأيها بالموضوع.

الاّ ان تكتل لبنان القوي  يبدي اعتراضاً على هذا القانون، وأعربت مصادر نيابية لـ”اللواء” عن اعتقادها بان وراء اعتراض كتلة لبنان القوي على مناقشة واقرار مشروع قانون العفو العام في جلسة مجلس النواب اليوم ،قطع الطريق على القوى السياسية ألتي تسعى لتمريره وتحديدا كتلة التنمية والتحرير وكتلة المستقبل النيابة لمنع تجييره شعبيا لصالحهما، لعل هذه المحاولة في حال نجاحها ستؤدي حتما الى حصر اصدار مرسوم العفو الخاص برئيس الجمهورية تحديدا، مايؤدي في النهاية إلى استحسان واصداء ايجابية شعبيا توظف للرئاسة الاولى في الشارع المسيحي تحديدا في هذه المرحلة ألتي شهدت تراجعا ملحوظا في هذا الشارع بفعل تردي الاداء الرئاسي طوال منتصف الولاية من جهة ونتيجة الانتفاضة الشعبية من جهة ثانية.

وعلمت “اللواء” ان موضوع العفو الخاص يتم على قدم وساق لدى وزيرة العدل والنيابة العامة التمييزية ومجلس القضاء الأعلى لوضع المعايير واقتراح الأسماء لأن العفو الخاص هو عفو اسمي ورئيس الجمهورية لا يوقع عفوا خاصا ما لم يكن هناك من معيار وماهية المعايير التي يعتمدها للعفو الخاص مع الأخذ بالاعتبار المعيار النسبي لأنه لا يخطئ لكن اقتراحات قوانين العفو العام المطروحة في مجلس النواب تقرر مصير مواقف كثيرة في هذا الموضوع.

تشريع الحشيشة
الاّ ان موضوع العفو العام لن ينفرد بالنجومية، بل سيتقاسمها مع مشروع قانون تشريع “الحشيشة”، وكشفت المصادر النيابية لـ”نداء الوطن”، في سياق تعدادها للبنود المهمة المدرجة على جدول أعمال الجلسة التشريعية، عن وجود “توافق واسع بين الكتل على تشريع “الحشيشة” من شأنه أن يؤمن تصاعد “الدخان الأبيض” وإقرار اقتراح قانون “زراعة القنّب” وفق صيغة مدروسة بعناية ودقّة”، كما توقعت أن يمر بند تشكيل “الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد” بعد تعديله و”شدشدته”، فضلاً عن إقرار سلسلة من القروض أبرزها قرض من البنك الدولي مخصص لتمويل “تعزيز النظام الصحي” وهو ما من شأنه أن يساهم في دعم القطاع الاستشفائي وتمتين القواعد الصحية في مواجهة وباء كورونا، أما بعض الاقتراحات التي لم تكتمل دائرة التوافق النيابي حولها فستتم إحالتها إلى اللجان المعنية لاستكمال الدرس بشأنها قبل إقرارها في جلسات تشريعية لاحقة. 

اجراءات استثنائية
وتتخذ القوى الأمنية تدابير استثنائية في المنطقة، حيث يقع قصر “الأونيسكو”، خصوصاً في ظل بعض الدعوات من قبل ناشطين في انتفاضة 17 تشرين الأول، أو ما يعرف بـ”الحراك المدني” لمسيرات سيارة بالتزامن مع انعقاد الجلسة، علماً بأن هؤلاء الناشطين كانوا قد أطاحوا في شباط الماضي بالجلسة التي دعا إليها بري حين منعوا النواب من الدخول إلى البرلمان. ولكن لا يبدو أنهم سيعمدون إلى ذلك اليوم وفي الأيام المقبلة إلى ذلك، وسيكتفون بتحركات ذات طابع رمزي، إذ وبحسب مصدر في الحراك، فإن “بعض القوانين التي يتم البحث فيها، أساسية، سواء بموضوع الأمن الاجتماعي أو مكافحة الفساد، بالرغم من اعتراضنا الشديد على عدم إدراج اقتراح قانون استقلالية القضاء، الذي نعتبر أن أي إصلاح حقيقي يبدأ منه”.

المعارضة تتحضر
وسط هذه الأجواء، تواصل المعارضة اتصالاتها في مسعى لتوحيد صفوفها في وجه الحكومة، وفي هذا الاطار، تنفي أوساط الحزب التقدمي الاشتراكي لـ”النهار” الأجواء المغلوطة عن لقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع سفراء غربيين وتصوير المشهد على أنه أشبه بمؤامرة محاكة. لا تعدو هذه الانطباعات سوى مجرد “ولدنات” في رأي مواكبين، فيما تلفت معلومات “النهار” إلى أن “زبدة” المشاورات لا علاقة لها بحدود السياسة الداخلية، وفحواها محاولة تكوين جنبلاط صورة عن الآراء الدولية حول مصير لبنان ما بعد “الكورونا” وسط أزمة تعصف بالاقتصاد العالمي. وكان جنبلاط بحث في مصير “سيدر” مع السفير الفرنسي. ولم يخرج لقاؤه مع السفيرة الأميركية عن إطار الزيارة الطبيعية – العادية، وهي ليست المرة الأولى التي يضطلع فيها جنبلاط بدور محوري في الاتصالات واللقاءات مع السفراء. وينقل المواكبون أن ما كوّنه جنبلاط حول التحديات العالمية بعد مرحلة الوباء، تنذر بصعوبات كبيرة منعكسة على الصعيد اللبناني الداخلي.

ماذا في أسباب وكواليس زيارة موفد التقدمي إلى معراب؟ تفيد المعلومات بأن الهدف هو، عملياً، التوقف عند رؤية رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع حول كيفية تشغيل محركات المعارضة. وعُلم أن الرؤية المشتركة توصلت إلى ضرورة وضع النقاط على الحروف في ما يخص أداء الحكومة التي تبدو عاجزة عن الحل. وفي مقاربة أوساط بارزة في معراب عبر “النهار”، فإن عمر الحكومة قارب المئة يوم من دون ولادة الخطة الاقتصادية، وهي ممسوكة من أطراف لا نية لديها الدخول في خطط عملية أو إصلاحات حقيقية وسط مشهد مقفل تستفحل في ظله الأزمة اللبنانية. ويستدعي هذا المشهد تحرك قوى المعارضة، إذ تؤكد أوساط معراب أن اللقاء مع موفد التقدمي اندرج في سياق التواصل وبلورة المرحلة المقبلة من طريق رؤية موحدة وتنسيق مشترك للمواجهة. وحصل اللقاء ليقول إن التنسيق قائم ويتجه نحو مزيد من التطوير. وإذا فرضت المرحلة قيام جبهات ستُشكَّل جبهة، ذلك أن المعارضة أعطت الحكومة فرصتها وتبين أنها غير قادرة على فعل شيء.

وأثبتت الأحداث صوابية قرار “القوات” القائم على ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة. وبحسب مقاربة معراب، فإن القضية لا تتعلق بسيطرة “حزب الله” فقط بل بفريق العهد المتمسك بزمام السلطة، ما يؤكد ازدواجية المشكلة والحاجة إلى جديد يدرأ الانهيار الشامل. وتشير المعطيات إلى أن “القوات” تلقفت رسالة الرئيس نبيه بري ووضعتها في خانة الرسالة السياسية (المقصود فيديو تضامن “حركة أمل” مع بشرّي جراء “كورونا”). وتنظر “القوات” إلى الرسالة على أنها نقطة انطلاق جديدة في العلاقة مع “الحركة” رغم اتخاذها بعداً صحيّاً إنسانيّاً، آملة التوافق على قاسم مشترك جديد يترجم في تقاطع مالي – اقتصادي حول خطة إنقاذية.

يُذكر أن عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت شكّلت محور اهتمام داخلي. وعُلم أن العودة لا تخرج عن الإطار الطبيعي المتزامن عشية شهر رمضان . ولا يخفى أن العودة تزامنت مع حراك سياسي يتبلور على مقلب المعارضة ويشكل الحريري أحد أضلعه الرئيسيين في ظل تنسيق واسع النطاق واتصالات سياسية بين “تيار المستقبل” وأحزاب المعارضة (التقدمي و”القوات”) فضلاً عن تواصل وتنسيق مع بري الذي بات كأنه يشكل رأس حربة المعارضة الداخلية وسط استيائه من الأداء الحكومي في أكثر من ملف بدءاً من “الهيركات” وصولاً إلى التعامل الأولي مع قضية عودة المغتربين. إلى ذلك، عُلم أن الرهان المعارض لا يتمثل بمواجهة الحكومة بناء على حراك حزبي أو سياسي بل على عودة الانتفاضة إلى الساحات بزخم أكبر، وهذا ما تتلقفه المعارضة، وقد بدأت مؤشراته تظهر مع حراجة الوضع الاقتصادي. لكن الفارق يكمن هذه المرة في أن التحركات ستكون مدعومة سياسياً وستشهد مشاركة فاعلة للمعارضة.