حرّك ارتفاع صرف الدولار الأميركي الذي لامس 4000 ليرة لبنانية الشارع. هذه المرة لم تكن مجموعات وناشطي وناشطات 17 تشرين وحدها من قطع الطرقات وهتف ضد حاكم مصرف لبنان، بل انضمّت إليهم مجموعات من مناصري الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل. فكان لافتاً وصول مواكب من دراجات نارية إلى أمام مصرف لبنان، ونزل من على متنها ليهتفوا “شيعة شيعة”.
هذا الهتاف الذي سبق وأدمى الثورة في مناسبات عدة، بين ساحتي رياض الصلح والشهداء، وصولاً إلى جسر الرينغ، وجد نفسه منسجماً اليوم مع مطالب الثوار بإسقاط حاكم المصرف رياض سلامة! لكن بالطبع، لم يقدر أصحاب حناجر “شيعة شيعة” إلا وأنّ يمسّوا بالثورة. فقبل وصولهم إلى شارع الحمرا، عرّجوا على ساحة الشهداء، حيث كسّروا بعض المجسّمات واعتدوا على ما تبقى من رموزها، وأكملوا طريقهم باتجاه المصرف.
قمع وحشي في البقاع
وفي البقاع، تعرّض المعتصمون في تلعبايا لقمع وحشي على يد عناصر من الجيش اللبناني والقوى الأمنية. فسجّل الناشطون سقوط 40 جريحاً نتيجة تدخّل الجيش لفض الاعتصام وتفريق المتظاهرين. مهمّة أمنية لم تمرّ من دون غاز مسيل للدموع ورصاص مطاطي أُطلق على المتجمهرين الذين لم يرفعوا إلا شعار “الدولار بـ4000 آلاف ونحن نتعرّض للضرب”.
اعتقالات في صيدا
أما في صيدا، فأوقفت القوى الأمن 7 ناشطين من بين مجموعات كانت تعتصم أمام مبنى مصرف لبنان في المدينة، وقد أفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” أنه تم توقيف هؤلاء بعد رميهم الحجارة على المبنى، في حين استمرّ العشرات في اعتصامهم السلمي، ورددوا الهتافات ضد الحاكم وسياسته.
وفي ساحل الشوف، قطع المحتجّون الأوتوستراد الذي يربط بيروت بصيدا، فأشعلوا الإطارات المشتعلة على مسلكيه عند نقطة برجا، وهتفوا ضد السلطة والزعماء، لتعود وحدات من الجيش وتعيد فتح الطريق وتسليك حركة السيارات.
اعتصامات متفرقة
وتكرّر المشهد نفسه عند جسر خلدة، كما امتدت الاعتصامات إلى منطقة ضبيه حيث قطع المحتجون مسلكي الأوتوستراد بسياراتهم لبعض الوقت احتجاجاً على الأوضاع المعيشية. وشمالاً، اجتمع المئات في ساحة النور وقطعوا الطرقات المؤدية إليها. افترشوا الأرض وهتفوا ضد حاكم المصرف، ثم توجّه عدد منهم إلى مركز فرع مصرف لبنان في المدينة، حيث كرروا الشعارات نفسها محتجّين على الأزمة المالية والمعيشية التي يعاني منها كل اللبنانيين. وفي بعلبك، نفّذ ناشطو “حراك بعلبك” وقفة احتجاجية عند دوار بلدة دورس، لجهة مدخل بعلبك الجنوبي، احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء الأسعار، ورددوا شعارات ضد السياسة المصرفية.
أزمة في السلطة
تشير هذه الأجواء إلى أنّ ثمة ما تبدّل في صفوف السلطة، وتتلاحق الأحداث والمواقف تحديداً تلك التي تحذّر رئيس الحكومة حسان دياب من سيناريو المرحوم عمر كرامي. قد تكون مؤشرات السقوط هي نفسها، أزمة مالية وأسعار دولار تحلّق، واعتصامات في الشوارع ودعوات إلى خلع الرئيس.
كل هذا يأتي ليكمّل المشهد العام، وكل ما حكي عن تغيير حكومي. لكن يبقى أنّ المشاهد المتسارعة على الساحة السياسية تؤكد أنّ السلطة ومن فيها في مأزق، وأن على اللبنانيين دفع ثمن هذه الأزمة السياسية إضافةً إلى الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي يعانون منها.