ارتفاع الدولار يرفع التوتر السياسي – الاقتصادي…. موقع الحاكم على المحك والانظار الى مجلس الوزراء

24 أبريل 2020
ارتفاع الدولار يرفع التوتر السياسي – الاقتصادي…. موقع الحاكم على المحك والانظار الى مجلس الوزراء

سيطر مشهد ارتفاع سعر صرف الدولار أمس ووصوله الى حدود الـ 4 الآف ليرة لبنانية، على المشهد الداخلي اللبناني، ضارباً عرض الحائط جميع التعاميم الصادرة عن المصرف المركزي والتي طالبت بتحديد لسعر الدولار في سوق الصيارفة، الذين أعلنوا الاضراب حتى يوم الاثنين.

 وشكّلت التحركات التي انطلقت أمس في أكثر من منطقة ضغطاً كبيراً على السلطة، وان كان بعضها ممنهجاً ومحركاً لأهداف سياسية واضحة، ما دفع الى تريب معلومات عن امكانية اقالة حاكم مصرف لبنان اعتراضاً على هذا التفلت الجنوني بسعر الدولار.

واليوم تتجه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد في القصر الجمهوري في بعبدا، وما سيصدر عنها من مواقف في ما يتعلق بالوضع المالي، والكلمة المرتقبة لرئيس الحكومة حسان دياب والتي كان قد وعد بها يوم الاربعاء الماضي.

ولم تستبعد مصادر وزارية لـ”اللواء” ان يحل هذا الموضوع اي الوضع النقدي ورفع سعر الدولار في مجلس الوزراء انطلاقا من كلام متوقع لرئيس مجلس الوزرإء حسان دياب الذي لم يعرف ما اذا كان سيطل من القصر الجمهوري بعد الجلسة ام يكتفي بالحديث في استهلالية الجلسة.

هل تتم إقالة سلامة اليوم
اذاً، بدت حكومة الرئيس حسان دياب في مواجهة الاستحقاق الأخطر الذي يتهددها اليوم بالذات في ظل عوامل عدة من ابرزها ان الحملات العنيفة التي شنت على حاكم مصرف لبنان بدت كانها تمهد لهجوم فريق العهد “والتيار الوطني الحر” مدعوما من “حزب الله “ساعيا الى احراج الحكومة ورئيسها والضغط بقوة للاقتصاص من سلامة وعبره من قوى معارضة أساسية في مقدمها “تيار المستقبل” استنادا الى توظيف غضب الناس وغليان الشارع. واذا كان رئيس الحكومة تعهد عقب الجلسة التشريعية لمجلس النواب في قصر الاونيسكو باتخاذ سياسات متشددة حيال ازمة صرف الدولار والمعاملات المصرفية والتحدث عن الامر بعد جلسة مجلس الوزراء عصر اليوم فان التساؤلات التي طرحت عشية الجلسة تناولت الحدود القصوى والدنيا لما يمكن ان يقبل به دياب والافرقاء الاخرين في الحكومة في حال جنح الفريق الطامح الى تسديد ضربات معنوية عنيفة الى حاكم مصرف لبنان وتحميله كل تبعات مجريات الازمة المالية والمصرفية لاهداف معروفة، اذ راحت بعض المواقع الإخبارية الالكترونية الموالية للعهد ولبعض قوى 8 آذار تروج مساء امس لاتجاهات “إقالة” حاكم مصرف لبنان.

وقد أكدت مصادر وزارية بارزة ليل امس لـ”النهار” ان فريق رئيس الجمهورية يريد تطيير حاكم مصرف لبنان ومحاسبته وتحميله تبعة الانهيار ككبش محرقة علما ان الاحتياطات في مصرف لبنان في السنوات العشر الأخيرة تراجعت بسبب كهرباء لبنان بقيمة عشرين مليار دولار. وقالت المصادر ان الافرقاء الاخرين في الحكومة لا يرون موجبا للاستعجال في هذا الموضوع خصوصا ان الوضع قد يتجه نحو اخطار كبيرة جدا. كما ان هذه المصادر لم تستبعد ان يكون جانب واسع من التحركات الاحتجاجية مساء امس مدفوع نحو اتهام رياض سلامة بالاداء السيء ليشكل ذلك مبررا للعهد والحكومة للاقتصاص منه وتعيين احد المحسوبين المعروفين على العهد مكانه. وذكر في هذا المجال ان بكركي دخلت ليلا على خط التأزم وأبلغت من يقتضي إبلاغهم انها تحذر من تحويل حاكم مصرف لبنان كبش محرقة للازمة. 

وفي هذا الاطار، علّقت مصادر مطلعة عبر “اللواء” بالقول ان ما من توجه حاليا لأقالة الحاكم انما قد يكون هناك توجه الى اللوم او رفع سقف الكلام لجهة ان الحكومة في غربة عن القرارات التي يتخدها الحاكم.

ولفتت المصادر الى انه قد يشير الحاكم الى انه لدى مطالبته بقانون مع ضوابط يسحب من التداول وعند اصداره تعاميم وفق المادة 174 من قانون النقد والتسليف يتم رفضها لكن المصادر اكدت انه لا يمكن التغاضي عن وصول الدولار الى 4000 وخوف الناس من  المخاطر المترتبة.

واذ رأت ان المادة 19 من قانون النقد والتسليف تورد اسباب اقالة حاكم مصرف لبنان منها الإخلال في موجبات الوظيفة وما يتعلق بالصحة لفتت الى ان ما من توجه لذلك كما ان اي توجه لا يكفي اذ ان الحديث عن تغيير الحاكم يعني وجود بديل معروف لدى الأوساط المالية العالمية وصندوق النقد الدولي ومراكز القرار الكبرى والمصارف المركزية ولديه القدرة على التواصل مع هذه المؤسسات ويقوم بدوره لإنقاذ الوضع من ظواهر الأنهيار .

وكشفت مصادر سياسية لـ”اللواء” النقاب عن حملة اعلامية منسقة عشية جلسة مجلس الوزراء لتحميل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مسؤولية الازمة المالية والاقتصادية المتفاقمة في البلد،في محاولة مكشوفة لتهرب رئيس الجمهورية والحكومة من هذه المسؤولية. وأشارت المصادر الى ان الحملة التي يشارك فيها التيار العوني وقريبون من حزب الله وتنطلق من تقاطع مصالح كلا الطرفين ضد سلامة وهذا الامر لم يعد خافيا على احد، باعتبار أن رئيس التيار جبران باسيل ومنذ بداية العهد الحالي لم ينفك على التصويب على الحاكم،وينظم الحملات عليه تارة لتغييره واستبداله بآخر من اتباعه وتارة بتحميله اوزار الازمة الحالية، ومن جهته حزب الله الذي ينظم حملات اعتراض وتجييش تحت يافطات معروفة في الشارع منذ انتفاضة ١٧ تشرين الأول الماضي في اطار تصفية حسابات قديمة جديدة مع الحاكم لانه التزم بتطبيق العقوبات المصرفية الاميركية حماية للقطاع المصرفي ولم يتجاهلها ويترك لبنان منصة مصرفية مفتوحة للحزب ليمارس من خلالها الالتفاف على العقوبات لصالح النظام الايراني واطراف اخرى تشملها العقوبات الأميركية. 

 واعتبرت المصادر ان اجواء الشحن وإلصاق مسؤولية ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان بسياسة المصرف المركزي بهذا الخصوص لا يطابق الواقع لان هناك جهات حزبية معروفة تتولى المضاربة على العملة الوطنية لاهداف محض سياسية. وأشارت المصادر الى انه بدلا من تجييش الرأي العام على هذا النحو الذي يزيد من تفاعل الازمة، كان الاجدى قيام الحكومة بتسريع إنجاز خطة الانقاذ المالي والاقتصادي والمباشرة بالاتصال بصندوق النقد الدولي وغيره من الهيئات المالية الدولية للبدء عمليا بالخطوات الفعلية للتخفيف من تداعيات الازمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشة عن الناس.

عون ودياب واجتماعات مع الحاكم
وكانت اجتماعات قد عقدها كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مع سلامة، وقد حرصت كل من المصادر القريبة من قصر بعبدا ومن السراي الحكومي على الإشادة بأجواء اجتماعات حاكم المصرف المركزي مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب خلال الساعات الأخيرة، وقالت مصادر بعبدا لـ”نداء الوطن”: “موضوع إقالة رياض سلامة غير مطروح، من جهة لأنّ المادة 19 من قانون النقد والتسليف تحول دون إمكانية الإقالة، ومن جهة أخرى لأنّ الرئيس عون ليس في هذا الوارد حالياً سيّما وأنّ اجتماعه الأخير به كان جيداً”، معتبرةً في المقابل أنّ “هناك في البلد من يريد تفجير الوضع لكن مخططاته لن تنجح”.

وبحسب معلومات “الأخبار”، فإن دياب استدعى سلامة بعد جلسة مجلس النواب أول من أمس، وأبلغه بأن وضع الليرة لم يعد يُحتمل وعلى المصرف المركزي أن يتدخل فوراً لوقف الانهيار. سلامة رفض الأمر بكلّ بساطة، وقال لرئيس الحكومة: “ما فيي اتدخلّ، ما معي مصاري”. فذكّره دياب بإعلانه سابقاً أنه “لديك 21 مليار دولار. وقُلْت أيضاً إنّك ستُمَوِل استيراد النفط بحوالي 3 مليارات دولار، والآن سعر النفط هبط بشكل كبير، والفاتورة النفطية هبطت على الأقل حوالي 30% ولا تزال تهبط، استعمل المليار الوافر لديك لكي تجمّد الانهيار”. فما كان من سلامة إلّا أن حسم الأمر بالقول إن “هذه الإجراءات لن تنفع وهي هدر للمال، والحل الوحيد هو أن تحضروا 15 مليار دولار من الخارج”. وبكل هدوء، قال سلامة إن الناس سيعتادون على ارتفاع الأسعار، وسيتعايشون معه، و”ما حدا رح يجوع”، قبل ان يدافع عن استقلالية المصرف المركزي القانونية!

حزب الله والحسابات القديمة
أوضحت مصادر مواكبة لهذا الملف لـ”نداء الوطن” أنّ “لحزب الله حساباً قديماً مع حاكم مصرف لبنان ومع القطاع المصرفي عموماً على خلفية العقوبات الأميركية المفروضة على الحزب، وعلى ما يبدو فإنه وجد الفرصة سانحة أمامه اليوم لتصفية هذا الحساب بشكل يمكنه من “تقريشه” في السياسة من خلال تجيير الضغط الذي يمارسه لمصلحة تعزيز أرضية حكمه وتمتين سطوتها على مختلف مفاصل الدولة، في وقت يتولى كل من رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء عملية استدراج العروض لمساعدة السلطة على استنهاض نفسها داخلياً وخارجياً بدءاً من التفاوض مع سلامة نفسه على سلسلة إجراءات تؤمن المعونة المصرفية للحكومة، وصولاً إلى الطموح بمفاوضة الأميركيين مباشرةً إذا ما دخلوا على خط الاتصالات في سبيل عرض مقايضات معينة عليهم على شاكلة حماية “رأس سلامة” مقابل تأمين المعونة الدولية للحكومة”. وأضافت: “معلوم أنّ “حزب الله” هو رأس الحربة في المعركة ضد سلامة لكن قرار الإطاحة به لم يتخذ بعد وإن كان سيبقى مطروحاً على طاولة الأخذ والرد بانتظار ما ستنتهي إليه حملة الضغوط، فإذا فقدت السلطة الأمل بتحقيق شروطها عندها قد يصار إلى الدفع باتجاه إزاحته، إما عبر تعديل قانون النقد والتسليف لتعبيد الطريق أمام إقالته أو عبر تحضير ادعاءات وشكاوى قضائية ضده للضغط عليه ودفعه إلى “الاستقالة الاختيارية” المنصوص عنها في نص القانون الحالي”.

بدورها، وصفت مصادر وزارية لـ”نداء الوطن” ما يجري في الشارع بـ”الأمر الخطير”، وشددت في الوقت عينه على “عدم وجود اتجاه لتطيير رياض سلامة لأنّ ذلك من شأنه أن يعقّد الأمور أكثر ويرفع منسوب الخطورة”، كاشفةً أنّ اللقاء الذي جمع دياب بسلامة ليل الأريعاء “لم يكن سلبيا”. وعن فحوى الكلمة التي سيلقيها رئيس الحكومة إثر جلسة مجلس الوزراء اليوم، اكتفت المصادر بالقول: “سيتحدث عن الأوضاع في البلد لكنه لن يتطرق إلى الورقة الإصلاحية المالية باعتبار أنّ الكلام لا يزال مؤجلاً بشأنها إلى وقت لاحق بعد بلورة صورة المناقشات الأخيرة حيالها”.

البطريرك الراعي يتدخل
وسط هذه الأجواء، ترددت معلومات أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي طالب الرئيس دياب، في اتصال مع وزير بارز مقرب منه، بعدم استعمال حاكم مصرف سلامة ككبش محرقة والإنقاذ لا يكون لهذه الطريقة، كما دعا الحكومة الى حلّ المشكلة الماليّة حيث هي لا حيث يرغب البعض في أخذها. في ضوء مما اشارت اليه دوائر عليمة عن توجه حكومي لإقالة سلامة.

بري يساير الحكومة
وفي المقابل استدعى التوتر العلني الذي برز بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس دياب اجراء عملية تبريد بينهما تمثلت بقيام المعاون السياسي لرئيس المجلس الوزير السابق علي حسن خليل بزيارة رئيس الحكومة في السرايا وشرح حقيقة موقف بري من الحكومة في ظل ما جرى في الجلسة. ونفت الأوساط القريبة من عين التينة من ان يكون هذا التوتر مؤشرا لقطيعة او لتبديل في موقف بري الداعم للحكومة، لكنها لفتت الى ان ملابسات واخطاء شابت إحالة الحكومة مشاريع الى المجلس في اللحظة الأخيرة كانت السبب في التباين. 

وساد اللقاء وفقا لمعلومات “اللواء” اجواء من المصارحة، وتم الاتفاق على ان المشروع المتعلق بـ1200 مليار ليرة لبنانية، سيعرض على اللجان لانجازه على ان يرى النور لاحقا.