كتبت هديل فرفور في “الأخبار”: من بوابة مخيم الجليل في بعلبك، استردّ فيروس كورونا مكانته في المشهد العام، بعد إعلان مُستشفى بيروت الحكومي تسجيل 4 إصابات جديدة مخالطة للإصابة التي أعلن عنها أول من أمس. هذه الوقائع التي من شأنها أن ترفع منسوب الحذر وتُعكّر صفو الإيجابية التي عكستها أرقام العدّاد خلال الأيام الماضية، تأتي في وقت تدفع فيه الأوضاع الاقتصادية والأزمة النقدية المُقيمين في لبنان نحو تفضيل الإصابة على البقاء في المنازل.
لا حاجة إلى مراجعة تقييم “إدارة الكوارث” بالنسبة إلى الالتزام بالحجر المنزلي في لبنان خلال الأيام الراهنة. التمرّد على إجراءات التعبئة العامة بات واضحاً منذ أيام، وهو يسبق حتماً تظاهرات، أمس، وإن كان قد بلغ ذروته مع تفاقم التحركات الاحتجاجية وتنظيم تجمعات متفرقة.
فشل السلطة أولاً في إدارة ملف المُساعدات المالية وعجزها عن دعم العائلات الأكثر فقراً بما يمكّنها من المكوث في بيوتها انعكس تفلّتاً في بعض المناطق التي لا يملك أهلها “ترف” الحجر وانتظار المعونات، قبل أن تدفع الأوضاع الاقتصادية والأزمة النقدية المُقيمين والمحتجّين نحو الانتحار وتفضيل الإصابة بالفيروس على البقاء في المنازل.
إلى ذلك، ثمة فئة أخرى استسهلت استئناف الحياة “الطبيعية”، مُستمدة من أرقام الإصابات المحدودة التي تُسجّل منذ نحو أسبوع، طمأنينة “طائشة”. إذ غاب عن هؤلاء أن “الأرقام الإيجابية” ــــ حتى الآن ــــ لا يُمكن البناء عليها والقول إن الخطر زال لأنّ لبنان لم يتخطَّ مرحلة الخطر، على ما أعلنت مُمثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان إيمان الشنقيطي قبل يومين، ناصحة باستمرار إجراءات التعبئة لمدة أسبوعين، فيما قال وزير الصحة العامة حمد حسن “إننا حريصون على عدم التعرّض لموجة ثانية من الوباء”.
ولعلّ الأرقام التي وردت في تقرير مُستشفى رفيق الحريري الحكومي، ليلاً، بشأن تسجيل أربع إصابات تعود لأقرباء المُصابة في مخيم الجليل، فضلاً عن تسجيل ثلاث إصابات أخرى، تعطي فكرة حول حساسية الوضع القائم، وخصوصاً لجهة وضع المخيمات وتجمعات النازحين.
الانطلاق من هذا “السرد” يُعدّ ضرورياً للإشارة إلى أن التفلّت من إجراءات الحجر، سواء عبر التظاهرات والتجمعات أو من أجل مطاردة الرغيف، يأتي في وقتٍ دقيق يتطلّب مزيداً من الحذر مهما بشّرت النتائج الظاهرية الأولية بالخير. وبالتالي، فإنّ المعنيين في السلطة مُطالبون بسحب ذرائع التمرّد تجنّباً لسيناريو أزمة صحية تزيد الوضع كارثية.