شهد لبنان موجة جديدة من قطع الطرقات. في بيروت، في طرابلس، في الإقليم، البقاع، جبل لبنان، في كل لبنان. ويمكن البحث عن آلاف الحجج التي تدفع اللبنانيين إلى النزول إلى الشارع رغم إجراءات فيروس كورونا.
ليس البحث عن الدوافع صعباً بعد أشهر من الثورة والصراخ، ويضاف إلى كل ذلك سعر قالب القشقوان وسعر عبوة حليب الأطفال، وصولاً إلى سعر صرف الدولار، ومروراً طبعاً بالحرب السياسية الدائرة بين مكوّنات السلطة التنفيذية والبرلمانية.
لكن حتى هذا الأمر لم يعد ينفع. الطاولة ستغرق معهم. باتوا عاجزين عن تكرار ما فعلوه في أيام الحرب والسلم.
حرب الضباع
حرب على السنّة، أخرى على الموارنة، ثالثة على الشيعة. الكل في خطر والكل مسبّب لخطر آخر. كشلّة ضباع مسجونة في قفص واحد ولا مكان لتنفيس خبثها سوى فيما بينها.
طرف يريد الإطاحة برئيس الحكومة ليأتي مكانه، وآخر ينقضّ على حاكم مصرف لبنان للإطاحة به. والخطير في الأمر أنّ هذا الصراع يتحوّل تدريجياً إلى الشارع.
أنصار من تيار المستقبل يقطعون الطرقات لإسقاط حسان دياب. ومجموعات من سرايا المقاومة تتحرّك لإسقاط رياض سلامة.
والناس في الوسط، مع إسقاط دياب وسلامة معاً، ومعهم كل من يدافع عنهما أو يسعى للإطاحة بهما. الشعب يريد إسقاط المنظومة وكل من فيها. الشعب لا يريد ضباعاً تحكمه.
لعبة الشارع
في لعبة الشارع، الجديدة القديمة، يسعى حزب الله والفريق الحاكم إلى شرعنة وجود حسان دياب في رئاسة الحكومة. وبعد استفحال القيادات السنية في الهجوم عليه، يركّز الحزب اليوم على تابعيه في الطائفة السنية للتأكيد على أنّ لدياب جمهور، في طائفته ومن كل الطوائف.
فيكون اللجوء، كما دائماً، إلى مجموعات من “سرايا المقاومة” لتأجيج الحرب على سلامة ومطالبة دياب بتنفيذ الإصلاحات وأولها محاصرة حاكم مصرف لبنان.
في المقابل، تحاول تلك القيادات السنّية استدراك خسائرها الفادحة، فتنبذ دياب من مقرّ دار الفتوى وتصوّره جندياً صغيراً منفّذاً لأجندة القضاء على الطائفة. جندي في مشروع دائم التجدّد والتطوّر هدفه السيطرة على البلاد وما فيه.
لا يمكن فصل بعض ما حصل في الساعات الأخيرة على طرقات لبنان عن سعي الأحزاب إلى استعادة الشارع في معركة أخيرة. وعناوين الحركة الحزبية لقطع الطرقات معروفة في كل المناطق. ففي الميدان اليوم، فريق ضباع أول وفريق ضباع ثانٍ، وبينهما مواطنون جائعون لا يريدون إلا الانتهاء من حكم الضباع.