سيناريو حرق المصارف وصل الى مدينة النبطية، كان بنك BLC في شارع محمود فقيه في مرمى مولوتوف مجهولين، قاموا بإحراق واجهته وإلحاق الأضرار بالصراف الآلي، رفع سريعاً حراك النبطية يده من القضية، أعلن صراحة أنه ضد الأعمال التخريبية، قضيته تتمحور حول مصالح الناس وحقوقها.
ولا شك أن عملية إحراق المصرف تحمل في طياتها رسائل واضحة للمصارف، وفق متابعين فإنها “قد تكون ردّة فعل على سياسة إذلال الناس على أبوابها، وحجز أموالهم”.
داخل المصرف الذي ينفض غبار الحريق، جرى إصلاح الصراف الآلي، ليتسنى للموظفين سحب معاشاتهم، غير أنه أقفل أبوابه أمام استقبال المودعين، ريثما تنجلي معالم الحادث الذي وضعته مصادر مطلعة في خانة “عمل المجهول”، يرفض المصرف، بحسب المصادر “توجيه اتهام لأحد، ويفضّل التريّث حتى انتهاء التحقيق”.
غير أن حراك النبطية سارع الى التأكيد على أن لا علاقة له بالحادث، وهناك طابور خامس يعمل على جرّ الحراك الى الفوضى البناءة، وهذا ما يرفضونه، ويحمّلون المسؤولية الى حزب المصارف الذي خرج أخيراً، ينشط على خط إحراق المصارف والعبث بمحتوياتها، وهذا ما يراه الحراك بعيداً عن أهدافهم المطلبية، ولا يخدم قضيته.
وترى مصادر الحراك “أن الأعمال التخريبية تفتعلها السلطة الفاسدة كتصفية حسابات في ما بينهم، وأعمال التخريب، تندرج في سياق تشويه صورتنا وتشتيت أهدافنا المطلبية وحرفها عن مسارها الأساسي”، وتؤكد أن “الوعي والتحرّك بمنهجية واضحة هو المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة، والتي قد تشهد ضغطاً شعبياً غير مسبوق”.
بنك BLC في مرمى مولوتوف مجهولين
عودة الثوار مجدداً للساحات، رغم كورونا، باتت ملحة، بل تدخل في إطار الدفاع عن الفقراء ممن باتوا كبش محرقة لصراع الزعماء، يؤكد وسام طأن “هناك مخطط للإنقضاض على الثورة الشعبية بإفتعال مشاغبات تخريبية، يريد الزعماء تمرير رسائل سياسية بينهم”. ما يؤسفه أن “هؤلاء لا يرون حجم الغلاء المستشري في الأسواق، ولا ينظرون الى تلاعب التجّار بالأسعار، ولا يأبهون للعبة الدولار الذي يتجه نحو الـ5000، ما يهمّهم مصالحهم ومكتسباتهم فقط، ونحن سنكون بالمرصاد لمخططاتهم”.
ومن ساحة النبطية أضاء الشبان الشموع، عن روح شهيد لقمة العيش فواز السمّان، بدوا أقرب الى الحقيقة المُرّة التي خرج لأجلها السمان. معظم شباب الحراك كانوا حزينين، تأثروا بما أصابه، شعروا أنهم سيكونون يوماً فواز، فالدفاع عن لقمة العيش صعب في وطن تستبيحه سلطة الفساد، ربما أحسّوا أن ما أصاب فواز هزّ كيانهم، أعادهم مجدداً للساحة التي اشتاقوا إليها، كانوا أكثر تمسكاً بمطالبهم المحقة، حقهم في حياة كريمة، تبسط عدالتها بين الناس، فالفقر المُدقع بات يلامس كل المنازل، كله بسبب سياسة الغلاء الهادفة لإفقارنا أكثر، يردّد هلال كلماته وهو يضيء شمعته لروح فواز، لا يدرك الشاب العشريني ماذا يطلب بعد: “طلبنا الكثير، صرخنا، علَّينا صوتنا، يبدو أننا داخل سلطة صمّاء لا تسمع إلا لغة الفساد والفاسدين، ولكننا لن نسكت عن حقنا”.
وعلى خط كورونا كانت النبطية تخضع لفحوص الـpcr، تجري عينات عشوائية في القرى عبر فريق وزارة الصحة، للتأكد من خلوها من الوباء، تمهيداً لإعلان انتصار المنطقة على الفيروس وخروجها من الحجر الدائم.
وتسهم العينات العشوائية في رسم خريطة بيانية واضحة لتفشّي الوباء، وتمكّن المنطقة من تجاوز كورونا بأقل الخسائر. أكثر من 400 فحص عشوائي اجراها فريق الوزارة، في عدد من قرى النبطية، تجاوب الأهالي مع أهمية الخضوع للفحص، وفق الحاجة سعاد “خضعت للفحص لأحمي عائلتي وبيئتي، ولا يمكن الخروج من هذه المحنة من دون تكثيف فحوص الـPCR”، وهذا ما شدد عليه طبيب القضاء بشار شميساني الذي اعتبر أن النبطية ما زالت في مأمن من الوباء نتيجة تقيّد أهلها بالحجر المنزلي، ولكن تسجيل إصابتين داخلها يُحتّم إحراء الفحوصات، لمعرفة إمكان تفشّي الوباء، والحدّ منه، لنصل الى برّ الأمان”. وأكد أن تجاوب الناس مهم في هذه المرحلة ولفت الى أن فرق الوزارة توزّعت في القرى عبر البلديات وأخذت عينات عشوائية، يمكن البناء عليها لتحديد مسار تفشي كورونا”.