وفي حين دعت لجنة المال والموازنة النيابية وزيري المال غازي وزنة والاقتصاد والتجارة راوول نعمة الى حضور جلسة للجنة لشرح الخطة الاقتصادية المالية التي اقرتها الحكومة مؤخراً، تتجه الأنظار الى القصر الجمهوري في بعبدا حيث يعقد احتماع تشاوري للكتل النيابية لبحث الخطة الاصلاحية.
وما بين الاجتماعين يعقد مجلس الوزراء جلسة يوم غدٍ الثلاثاء في القصر الجمهوري، يتضمن جدول اعمالها حسبما علمت “اللواء” ثلاثة بنود اساسية هي: استكمال البحث في بنود ورقة وزيرة العدل ماري كلود نجم المتعلقة بمكافحة الفساد والإثراء غير المشروع. وملف قطاع الخلوي بعد قرار وزير الاتصالات استرجاع القطاع الى الدولة إثر انتهاء مدة عقد الشركتين المشغّلتين. وطرح وزيرة السياحة امورا ضريبية تتعلق بالقطاع السياحي، والارجح ان تطلب اعفاء المؤسسات السياحية من الرسوم والضرائب لتخفيف الاعباء عنها.
وفي حين تردد انه قد تُطرح في الجلسة بعض التعيينات المستعجلة، لا سيما منصبي محافظ بيروت ورئيس مجلس الخدمة المدنية، بعد إحالة رئيسة المجلس فاطمة الصايغ الى التقاعد، وبعد انتهاء انتداب المحافظ زياد شبيب وعودته الى وظيفته الاساسية في مجلس شورى الدولة، لكن مصادر رسمية استبعدت طرح التعيينات اذا لم يحصل توافق مسبق مع تداعي الارثوذكس الى لقاء في دار مطرانية في بيروت بدعوة من المتروبوليت الياس عودة للدفاع عن المحافظ شبيب.
اجتماع بعبدا
اذاً، تتجه الانظار الى بعبدا الاربعاء المقبل، بعدما صار الاجتماع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية على المحك. واذا كان الهدف منه ضخ أعلى جرعة ممكنة من الدعم السياسي في عروق خطة الحكومة، وإحاطتها بأوسع إجماع داخلي، قبل حملها الى صندوق النقد ومجموعة الدعم الدولي للبنان، فان التردد الذي ابداه المدعوون تجاه تلبية الدعوة، او المواقف من الخطة، والسؤال عن “شرعية” الدعوة، باتت تهدد النتائج، خصوصا ان بعض الانتقادات باتت تصدر عن “اهل البيت”.
وعلم ان عددا من المدعوين لم يحسم بعد مشاركته الشخصية او ايفاد ممثل له في ضوء العلاقة مع رئيس الجمهورية، وقد جاء اعلان كتلة “المستقبل” اعتذارها عن عدم المشاركة في الاجتماع بمثابة الضربة التي تؤكد انقطاع العلاقة مع العهد بشكل نهائي. وتردد ان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيه قرر ايفاد النائب فريد الخازن، واوكل الرئيس نجيب ميقاتي الى النائب نقولا نحاس تمثيل كتلة “الوسط المستقل”، ويعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع موقفه اليوم مع ارجحية مشاركته بناء لتمني بكركي، ومثله رئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي رجحت مصادره المشاركة بعد التشاور مع الرئيس بري الذي يستقبل اليوم الرئيس حسان دياب. علما ان المدعوين اضافة الى الاسماء السابقة هم: نبيه بري، حسان دياب، جبران باسيل، محمد رعد، سامي الجميل، هاغوب بقرادونيان، اسعد حردان، طلال ارسلان، وفيصل كرامي.
وعلم ان اكثر من جهة ديبلوماسية ودينية دخلت على خط الاتصالات غير المباشرة للايعاز الى من يعنيهم الامر بعدم المقاطعة لان الخيارات تضيق امام اللبنانيين.
وبناءً عليه، رأت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ “اللقاء تحت وطأة هذه المواقف بات عملياً فاقداً لرونقه ولم تعد تنطبق عليه صيغة اللقاء الوطني الجامع كما أراده عون”، مشيرةً في الوقت عينه ربطاً بقرار كتلة “المستقبل” إلى أن الكتلة أخطأت في استدراج الرئاسة الأولى إلى “صراع على الصلاحيات” وكان من الأجدى أن تكتفي بما ضمنته بيانها من تصويب على وجوب أن يتحمل “العهد وحكومته” مسؤولية إقرار الخطة وتنفيذها أمام الداخل والخارج بدل أن تفتح باباً للسجال مع رئاسة الجمهورية حول صلاحياتها بشكل قد يعطي موضوع المقاطعة طابع “كباش مسيحي – سني” بهذا الخصوص من شأنه أن يحرف الاختلاف في وجهات النظر عن جوهره المعارض لأداء الرئاستين الأولى والثالثة في مقاربة الخطة الإصلاحية ويأخذ بالتالي الأمور باتجاه استدرار العطف والتجييش المسيحي خلف رئاسة الجمهورية باعتبارها تدافع عن صلاحيات موقع الرئاسة الأولى. وهذا ما حصل بالفعل من خلال ما بدا من ارتكاز صياغة البيان الصادر عن القصر الجمهوري على نقطة “الصلاحيات” رداً على موقف كتلة “المستقبل”، التي سرعان ما استدركت الهفوة التي ارتكبتها ربما من خلال إصدار بيان آخر تنصلت فيه من تهمة “الالتفاف على الصلاحيات الدستورية للرئاسة الأولى”، وأعادت تصويب موقفها نحو التشديد على عدم جدوى اللقاء التشاوري في بعبدا لمناقشة خطة حكومية بعد إقرارها في مجلس الوزراء باعتبار أنّ “من لديه النية الصادقة بالأخذ بالآراء يشاور قبل إقرار الخطة وليس بعد إقرارها”.
تقول مصادر رسمية أن الخطة الاقتصاية– المالية تضمنت إقتراحات ومشاريع تتطلب إقرار قوانين يُصدرها المجلس النيابي، لذلك لا بد من وضع النواب في تفاصيل هذه الخطة لتبيان رأي الكتل فيها قبل إحالة ما يجب ان يُحال من مشاريع قوانين جديدة او تعديلات على قوانين موجودة، ليصار بعدها الى الطلب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحديد جلسة لإقرار هذه القوانين.
واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” ان الاجتماع المرتقب انعقاده بعد غد الاربعاء في القصر الجمهوري لا يهدف الى الانتقاص من اي دور للادوار المؤسساتية وهدفه معروف وواضح وسبق للقصر الجمهوري ان استضاف لقاءات تحمل العناوين نفسها. واشارت الى انه لا يزال في موعده المقرر ويتوقع ان تتلقى الدوائر المعنية في القصر الجمهوري في الساعات المقبلة الأسماء النهائية للمشاركين من رؤساء الكتل النيابية.
واكدت المصادر ان ما من شيء يحول دون تبادل وجهات النظر حيال الخطة الاقتصادية والاستماع الى ملاحظات الكتل منها ولا سيما في الشق المتعلق بالقوانين مشيرة الى ان ما من قرارات ستصدر انما فتح باب النقاش.
ولفتت الى ان هناك كلمة استهلالية للرئيس الجمهورية عون الذي يتحدث عن الخطة واهميتها فيما يتوقع ان تكون هناك كلمة للرئيس دياب.
جمعية المصارف ترفض الخطة
وسط هذه الأجواء، اعربت المصادر عن خشية جمعية المصارف لهذه الخطة، لانها تؤسس لتحول جذري في تركيبتها عبر “ضخ” مساهمين جدد لاعادة رسملة المصارف، وبالتالي امساك مجموعات مجهولة الهوية بالقطاع وبقراره. ويقول مصدر مصرفي لـ”النهار” ان هذه العملية مدروسة في دوائر قرار خارج الحكومة، وثمة من يخطط لها منذ زمن لوضع اليد على القطاع، واخراج المسؤولين عنه من اللعبة. وتعد جمعية المصارف ردا قانونيا دوليا على مضامين الخطة الحكومية في شأن القطاع تمهيدا لاعلان الرفض الكلي لتحميل المصارف اخطاء السياسات المالية المتعاقبة ونتائج الفساد والاهدار.
اطلالة مرتقبة لنصرالله اليوم
في هذا الوقت، يطل الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عصر اليوم داعماً الحكومة وخطتها الاصلاحية، ومبرراً قبوله وحزبه التوجه الى صندوق النقد الدولي، بعدما شعر ان الاستمرار في الرفض، مع ارتفاع منسوب الفقر، وتجدد الانتفاضة في الشارع، والخوف من تحولها ثورة جياع، يمكن ان تقوض اساس الحكومة وتسقطها في الشارع ممهدة لفوضى مجهولة الاهداف والنتائج.
استرداد قطاع الاتصالات قائم
وبعيداً عن الخطة المالية، تواجه الحكومة تحدياً جديداً سيتصدّر جدول أعمال مجلس الوزراء خلال الأيام المقبلة، وهو ملف “تأميم قطاع الاتصالات” ووضع إدارته في قبضة الدولة. إذ ومنذ انتهاء العقد المبرم مع شركتي الخلوي في 31كانون الأول 2019كثر التحليل والتأويل حول مسألة التجديد للشركتين المشغلتين أو استعادة الدولة للقطاع وتشغيله وتحضير دفتر شروط جديد بشروط جديدة، إلى أن حسمت الحكومة اتجاهها باسترداد إدارة الخلوي بقوة دفع ملحوظة من جانب “حزب الله”.
وعن المجريات التطبيقية للاسترداد، توضح مصادر معنية لـ”نداء الوطن” أنّ مجلس الوزراء سيكون أمام خيارين عند تدارسه الملف على طاولة مجلس الوزراء “فإما تقرر الدولة الاسترداد الفوري للقطاع من الشركتين المشغلتين أو يصار إلى الطلب من الشركتين الحاليتين “ألفا” و”تاتش” الاستمرار في تسيير المرفق لمدة ستة أشهر إلى حين تحضير دفتر شروط جديد وإجراء مناقصة عالمية لتنفيذ عملية الاسترداد”، لافتةً الانتباه إلى أنه “في حال اعتماد مجلس الوزراء الخيار الأول فسيعمد حكماً إلى تعيين مديرين لإدارة القطاع الخلوي ريثما يتم تحضير دفتر شروط وإجراء مناقصة عالمية”، وفي هذا الإطار كشفت المصادر عن عدة أسماء مقترحة لتولي هذه المسؤولية ومن بينها الأوفر حظاً: حسن الدهيني (محسوب على “حزب الله”) شربل قرداحي (محسوب على التيار الوطني الحر) ورولا أبو ضهر”.
التعيينات على الطاولة
وإذ علُم أن من بين الأسماء المطروحة لخلافة شبيب في محافظة بيروت يبرز إسم كل من بترا خوري والقاضي زياد مكنا، بادر المطران الياس عودة إنطلاقاً من رفضه لسياسة إسقاط الأسماء الأرثوذكسية على المواقع الرسمية من دون التشاور مع الفاعليات في الطائفة، إلى دعوة النواب الأرثوذكس الحاليين والسابقين إلى اجتماع يُعقد عصر اليوم في دار المطرانية لدرس الموضوع والخروج بموقف موحد إزاءه.
وفي هذا الاطار، كشفت المصادر لـ”الشرق الأوسط” أن الاتجاه هو لتعيين بترا خوري، المحسوبة على باسيل، والتي كان يدفع بتوزيرها عند تشكيل الحكومة، لتعيّن لاحقاً مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية، وأخيراً منسقة لخلية الأزمة الخاصة بوباء كورونا، وسألت: “كيف سيتم تعيين خوري في هذا الموقع وهي التي تحمل شهادة في الصيدلة ولا تتقن العمل الإداري والقانوني؟”.
وفي ملف التعيينات أيضاً لفتت المصادر إلى توجه لتعيين أحمد عويدات الذي كان منذ العام 2005 مديراً عاماً للصيانة والاستثمار في مؤسسة أوجيرو، وهو محسوب على باسيل أيضاً، رئيساً لمجلس الخدمة المدنية، بدلاً من فاطمة الصايغ التي لم تحل على التقاعد حتى الآن.
وفيما رجّحت المصادر أن تحصل خلافات أيضاً على هذه التعيينات، على غرار ما سبقها، سألت: “هل يبقى لقاء بعبدا قائماً؟”، معتبرة أنه “إذا ما عقد، فسيكون اجتماعاً أعرج، خاصة بعد إعلان كتلة المستقبل مقاطعته”.