وسئل عون عن وقوف روسيا الى جانب لبنان في مواجهة وباء كورونا، فقال: “نحن بالطبع منفتحون على أي مساعدة ممكنة في معركتنا ضد وباء “كورونا”، وخصوصاً في مجال تعزيز مخزوننا من فحوصات “PCR”، لنتمكن من اجراء اكبر عدد ممكن من الفحوصات العشوائية” ، مؤكدا “ان مواجهتنا مع هذا الوباء العالمي، ناجحة حتى الآن، ونأمل الاستمرار في السيطرة على انتشاره، وصولاً إلى القضاء عليه، وذلك بفضل الجهود الكبيرة والخطة العلمية التي انتهجتها الحكومة والتي كانت محل تقدير منظمة الصحة العالمية”، مضيفا “اننا في هذه المواجهة، التي لا نعرف بدقة المدى الزمني الذي ستستغرقه، نحن بحاجة إلى دعم دولي صحي ومالي أيضاً، بسبب التأثيرات الكارثية التي خلفها الوباء على قطاعات الانتاج والعمل في لبنان. ونأمل أن يصل صوتنا إلى دولة روسيا الصديقة”.
وسئل رئيس الجمهورية عن التعاون الروسي –اللبناني في التعامل مع ازمة اللاجئين السوريين فقال: “نحن على تواصل مع روسيا حول هذا الملف، وخصوصاً بعد المبادرة التي طرحَتها لتسهيل عودة النازحين إلى بلادهم. ولكن مع الأسف، اصطدمت هذه المبادرة بعراقيل دولية حالت دون تحقيقها، وبالتالي تفاقمت أوضاع لبنان جراء ذلك. نحن نعتبر أن لبنان وروسيا لديهما نظرة متقاربة إلى ملف النازحين السوريين، ونعول على هذا التقارب، لتغيير الإرادة الدولية بإبقاء النازحين في الدول التي لجأوا اليها، بانتظار حل شامل للأزمة في سوريا، وهو حل قد يطول جداً، ما يؤدي في النهاية إلى نتائج كارثية على الدولة اللبنانية، على غرار انتظار الفلسطينيين لحل سياسي لقضيتهم منذ أكثر من 72 سنة”.
وسئل الرئيس عون عما اذا كان المجتمع الدولي اوفى بالتزاماته تجاه لبنان في ما خض هذه المسألة، قال رئيس الجمهورية: “منذ سنوات، كررنا موقفنا أكثر من مرة. إن كلفة ملف النزوح السوري الى لبنان تفوق قدرة بلدنا على التحمل. لقد صم المجتمع الدولي آذانه، ولم يأبه بالانهيار الذي يمكن ان يطال بلدنا، لا بل كان يضغط علينا، ولا يزال، لنتحمل أعباء أكبر من قدرة لبنان على التحمل. وقد وصلنا مؤخرا الى ازمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة في تاريخنا، وأحد أسبابها الرئيسية هو تكبد لبنان، بحسب أرقام صندوق النقد الدولي، نحو 30 مليار دولار نتيجة وجود أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري على أراضيه. طبعاً تفاقمت أزمة لبنان نتيجة انتشار وباء كورونا، وبات على الحكومة ان تقر خططاً مالية لمساعدة من فقدوا أعمالهم، نتيجة الوباء من جهة، واليد العاملة السورية في لبنان، من جهة أخرى. فلو أوفى المجتمع الدولي بالتزاماته تجاهنا، لما وصلنا إلى هذا التدهور المريع”.
مجموعة الدعم الدولية
وسئل عون عن تقييمه لعمل “مجموعة الدعم الدولية للبنان” في ظل الظروف الراهنة، فاجاب: “لقد دعوت مجموعة الدعم الدولية الى اجتماع في القصر الجمهوري في 6 نيسان الماضي، ودعوتهم إلى دعم خطة الاصلاح التي تضعها الحكومة، لأن هذه الخطة تحتاج الى دعم الدول الصديقة والشقيقة ومجموعة الدعم من أجل تطبيقها. دول المجموعة سوف تناقش الخطة التي اقرها مجلس الوزراء لتقييمها واتخاذ القرارات المناسبة، وأتمنى أن تفي هذه الدول بالتزاماتها تجاهنا”.
وتطرق عون الى مستقبل الاقتصاد اللبناني بعد اعلان لبنان عن وقف تسديد ديونه، والمعوقات التي ترافق اقرار خطة الانقاذ، اوضح “ان الخطة استغرقت وقتاً، وهو أمر طبيعي لأننا نتحدث عن تراكمات عمرها 30 سنة اودت بالاقتصاد اللبناني والمالية العام الى الهاوية”، مضيفا: “لأكن صريحاً، هناك أطراف سياسية لا يهمها انقاذ الوضع، بل تسجيل نقاط سياسية، وبالتالي ستنقض على الخطة فور اعلانها، وهذا امر مسيء، لأن الوحدة والتضامن اليوم مطلوبان أكثر من أي وقت مضى، وعلى الجميع أن يدركوا أننا في سفينة واحدة، والناس بلغوا ذروة الانفجار. واي انفجار اجتماعي ستطاول شظاياه جميع القوى السياسية، وتهدد الاستقرار في لبنان. ولكن في النهاية أريد أن أكون واضحاً وقاطعاً في مسألة جوهرية، وهي أن الحكومة مصممة بشكل حازم على تنفيذ الخطة التي وضعتها، مهما كانت العراقيل والصعوبات. ونأمل جراء ذلك أن يبدأ لبنان مسيرة التعافي”.
مكافحة الفساد
وسئل رئيس الجمهورية ايضا عن السبيل الواقعي لمكافحة الفساد في لبنان فأكد “ان الخطوة الأولى والأساسية تكمن في إطلاق يد القضاء في ملاحقة كافة ملفات الفساد، ومحاسبة المسؤولين مهما علا شأنهم،، كاشفا “ان التدخل في عمل القضاء من قبل أهل السلطة في لبنان على مدى عقود، كان هو المعضلة الاساسية التي ادت الى التفلت من المحاسبة، وبالتالي نهب أموال الشعب.” وقال: “نحتاج الى قضاة شجعان يواجهون الأمور، ويلبون رغبات الشعب بالمحاسبة واستعادة الأموال المنهوبة. وبالتالي هدفنا الاساسي هو العمل على تحرير القضاء من الضغط السياسي، كي يستطيع القيام بمسؤولياته في ملاحقة المرتكبين والفاسدين الكبار الذين ينتمون إلى طبقة النافذين في الحياة السياسية. وقد بدأنا بالفعل بملاحقتهم بعدما نهبوا أموال الشعب والدولة. ويمكنني التأكيد أن النتائج قد بدأت بالظهور”.
وردا على سؤال حول الحديث عن معارك انتخابية رئاسية انطلقت باكراً، ومن هو المؤهل لخلافتكم، وكيف تقيمون فرص الوزير جبران باسيل ليكون الرئيس القادم للبنان، اجاب الرئيس عون: “ان الديمقراطية اللبنانية تعني أن رئيس الجمهورية ينتخب في مجلس النواب، وبالتالي هذا قرار يتخذه ممثلو الشعب. والمعارك الانتخابية التي ذكرتها، هي مجرد معارك أطلقها بعض السياسيين بمساعدة الاعلام لذر الرماد في العيون. أما بالنسبة إلى الوزير جبران باسيل، فهو رجل سياسي ومسؤول، وله خبرة طويلة في العمل السياسي، وفرصته بالوصول الى سدة الرئاسة متعلقة بخيار النواب، فهم سيختارون من يعتبرونه الأكثر أهلية لهذا المنصب، والأكثر تمثيلاً”.
وردا على سؤال حول ما اذا كان لبنان سيشهد موجة احتجاجات جديدة وكيف سيتم التعامل معها، اعرب الرئيس عون عن امله في ان “يكون جميع المسؤولين والاحزاب السياسية في لبنان قد استوعبوا جيداً ان اللبنانيين قد انفجروا في وجه الفساد، وفقدان فرص العمل، ونهب مالية الدولة على مدى سنوات طويلة”. وقال: “افهم ان الناس يريدون تغييرات سريعة وملموسة، لكن معالجة تداعيات السنوات الثلاثين الماضية لن تحصل بين ليلة وضحاها. لقد دعوتهم في الماضي ليحافظوا على يقظتهم في مراقبة مسار الأمور، وها أنا أدعوهم مجدداً إلى ذلك. ولكن لا يمكننا ان نطلب من حكومة لم يتجاوز عمرها المئة اليوم، ان تجترح المعجزات. وأخشى أن يتم استغلال نقمة الشارع من قبل بعض الأحزاب المستاءة من أداء الحكومة الجدي، لتفجير الاحتجاجات. وفي كل الأحوال، لن نسمح بتفلت الأوضاع الأمنية، مع حفاظنا على حرية التظاهر والتعبير”.