حسم الرئيس سعد الحريري أمره فور دعوة عون رؤساء الكتل النيابية الى الاجتماع في قصر بعبدا اليوم، وقرّر بسرعة عدم تلبية الدعوة الرئاسية. وأرفَق الحريري رفض الحضور بـ”صلية” من المواقف السياسية النارية الموجهة ضد العهد و”جنراله”، سبقها هجوم عنيف على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
يشعر الحريري بأنه تحرر من عبء التسوية التي كبّلت يداه و”لسانه”، وبأنه استعاد حرية الرأي والتعبير بعد سنوات من “الرقابة الذاتية” التي فرضت عليه اختيار كلماته وضبط إيقاعه.
وهكذا، يوحي الحريري عبر أدبيّاته المستجدة ضد العهد والتيار الحر بأنه يحاول أن “يثأر” من سنوات التسوية وان يعوّض خسائرها السياسية والشعبية، بمفعول رجعي، متطوّعاً لتأدية دور رأس الحربة في المعارضة، بعدما نفّذ وليد جنبلاط “إعادة انتشار” وَضعته على مسافة من حسابات الحريري ولهجته، فيما اختار سمير جعجع من أوّل الخط ان يحتفظ بخصوصية لموقعه في المعارضة.
والحريري المقتنع بأنه أدى قسطه للعلى، وأنهى “الخدمة العسكرية” الى جانب الجنرال، لا يجد جدوى من تجديد خلايا التعاون مع “العهد المجرب”، في رأيه، لا سيما انّ رئيس “المستقبل” يرتاب أصلاً في وجود نية للاقتصاص السياسي منه وتحميله وتيّاره وزر الأزمة، بتراكماتها ونتائجها.
وعلى قاعدة التموضع الجديد، يعتبر تيار المستقبل، الذي تخلّى عن ارتداء الكمامات السياسية في هذه المرحلة، انّ لقاء بعبدا ينطوي على مخالفة من قبل عون لاتفاق الطائف والدستور، ويؤشّر إلى اعتماده النظام الرئاسي على حساب صلاحيات المؤسسات الأخرى وأدوارها، “الأمر الذي يهدّد التوازنات الداخلية الدقيقة، ويشكّل محاولة للعبث بها وللعودة بالجمهورية الى ما قبل عام 1990”.
لكنّ قراءة قصر بعبدا لأبعاد هذا اللقاء ودلالاته هي مغايرة تماماً لتلك التي يروّج لها “المستقبل”، إذ انّ أوساط القصر تؤكد انّ مبادرة عون الى الاجتماع مع رؤساء الكتل النيابية هي معاكسة تماماً لمفهوم النظام الرئاسي الذي يسمح لرئيس الجمهورية بالتفرّد في اتخاذ القرار ورسم السياسات، “في حين انّ لقاء بعبدا يَنمّ عن رغبة عون في التشاور مع القوى الأساسية، والاستماع الى آرائها واقتراحاتها في شأن الخطة المالية الاقتصادية”، لافتة الى انّ هذه المبادرة تترجم انفتاح رئيس الجمهورية على الجميع بعيداً من الاصطفافات الضيقة، وخلافاً لأوهام النظام الرئاسي التي تسكن البعض.
وتشير أوساط القصر الجمهوري الى انّ الحكومة التي يترأسها رئيس مجلس الوزراء السني هي التي ناقشت الخطة الإصلاحية وأقرّتها، إضافة إلى أنّ عدداً من جوانبها يتطلب لاحقاً صدور مراسيم عن الحكومة او قوانين عن مجلس النواب او قرارات عن الوزراء المعنيين. “وبالتالي فإنّ أحداً لا يصادر صلاحيات احد، بل هناك تعاون بين المؤسسات تحت سقف الدستور، فلا تغيير للنظام ولا انقضاض على اتفاق الطائف”.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.