الحكومة بين سندان الغلاء الفاحش ومطرقة كورونا…. الى صندوق النقد درّ!

8 مايو 2020
الحكومة بين سندان الغلاء الفاحش ومطرقة كورونا…. الى صندوق النقد درّ!

لا تزال تداعيات اجتماع بعبدا التشاوري ترخي بظلالها على الداخل اللبناني، في وقت تمضي الحكومة في عملها حيث من المقرر ان تفتح علناً باب التفاوض مع صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة الحالية. في وقت سعت الحكومة أمس الى ايجاد حلّ للغلاء الفاحش الذي يضرب الأسواق اللبنانية.

لقاء بعبدا: الخطة “ضربت من بيت أبيها!”
اذا، لا تزال تداعيات فشل لقاء بعبدا ترخي بثقلها على الساحة الداخلية، فبحسب “النهار” فقد بدا ان متلازمة 8 اذار صارت مرافقة للعهد والحكومة معاً، ما يجعل تعاملهما مع المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل اكثر تعقيدا، وهو ما تكرر اكثر من مرة في الايام الماضية عبر تصريحات اميركية تحديدا، ركزت على ضرورة الفصل بين الحكومة و”حزب الله” المكون الاساسي فيها.

اما في المضمون، فان الاعتراضات التي تلقاها الخطة، من اهل البيت قبل غيرهم، لا تضمن عبوراً آمناً لها في مجلس النواب حيث المحطة الالزامية لاقرار قوانين ضرورية لاجراء الاصلاحات. وقد توقف كثيرون عند صمت الرئيس نبيه بري وعدم تقديمه اي مداخلة على غير عادته.
اوضحت مصادر مطلعة لـ”اللواء” ان الاجتماع الذي خلص الى توصيات لم يكن مطلوبا منه اصدار قرارات او نسف الخطة انما الاطلاع على الأفكار لدراسة امكانية ادخالها الى الخطة غير المنزلة وفق تأكيد المسؤولين مشيرة الى ان العبرة تبقى في ايصال الأمر الى المؤسسات الدولية وصندوق النقد الدولي لا سيما ان الخطة جسر العبور اليهم..

واوضحت مصادر مواكبة لاجتماع بعبدا ان ما صدر في البيان الختامي اتى بناء على توافق المجتمعين ولامس هواجس ومطالب الحاضرين اخذا في الأعتبار عدم نهائية الخطة التي سميت بخطة التعافي المالي اذ ثمة تعديلات ستدخل إليها . ولاحظت المصادر ان الاجتماع كان مسؤولا وتم فيه تبادل الملاحظات والأفكار حتى ان من سمي بأهل البيت الواحد اقترحوا ما يمكن اضافته الى الخطة والأليات الواجب اتباعها وموضوع تسعير الدولار وما يتصل ايضا بودائع المواطنين .

وقالت المصادر نفسها ان ما تم تسجيله يدرس لأمكانية شموله بالخطة او اضافة ورقة جديدة عليها والأمر متروك للمعنيين .

وافادت انه لم تكن هناك من دواع لأي تساجل لأن معظم الحلفاء حضروا مؤكدة انه حتى الدكتور جعجع كان مستمعا واراد ايصال معارضته للخطة بالطريقة المناسبة من القصر الجمهوري واتيح له ذلك في المؤتمر الصحافي بعد الأجتماع.

وفي هذا الاطار اكد المستشار المالي للرئيس دياب جورج شلهوب لـ “اللواء” والذي كانت له مساهمة كبيرة في اعداد الخطة الاقتصادية-المالية بأنها “خطة شاملة”، مؤكدا انه “تمّ تضمينها كل الأفكار التي تساعد لإعادة إنعاش الاوضاع الاقتصادية، وانطلاق النظام المالي باتجاه المساعدة على تطور الانتاج في المدى المستقبلي لكي يصبح الاقتصاد اقتصادا منتجا، وهذا هو هدف الخطة، بانتظار إعادة تقييم قدرة قطاع المصارف على المساعدة لتمويل نمو الاقتصاد الوطني من خلال منحها القروض لمشاريع انتاجية صناعية وزراعية وغيرها من القطاعات”.

ووصف شلهوب الاتصال الذي جرى بين الرئيس دياب ومديرة الصندوق الدولي بالايجابي جدا، لافتا الى ان “هدفه التواصل المتكامل في فترة زمنية قصيرة مع فريق الصندوق التقني من اجل الاسراع بالمفاوضات والوصول الى النتائج المرجوة، خصوصا وأن الوقت أصبح يداهمنا ويجب قدر الامكان الاسراع للاستفادة من مساعدة الصندوق للبدء بوضع برنامجه موضع التنفيذ”.

واكد “مقاربتنا في الخطة قريبة جدا للتصور الذي يتم وضعه عادة من قبل الصندوق، اي ان الخطة مشابهة لما يمكن اقتراحه من قبل القيمين عليه وذلك بهدف اختصار الوقت”، واعتبر ان “تنفيذ البرنامج يحتاج الى خطوات كبيرة”، متوقعا ان “تكون مساعدة الصندوق للبنان بين 8 و10 مليار دولار وذلك بضخ الاموال حسب البنود الموضوعة للتنفيذ والمراحل بحيث يتم اعطاء لبنان الاموال اللازمة المخصصة لكل قطاع حسب اجزاء الخطة”، وكشف ان “الصندوق هو من سيراقب كيفية ادارة الاموال وصرفها وليس كما كان يحصل بالماضي حيث يتم تقديم المساعدات للبنان على شكل شيكات ويتم صرفها بطرق عشوائية ويتم اضاعتها”. 

وفي السياق، اعلن المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس عن ان وفداً من “صندوق النقد” يبدأ الاسبوع المقبل مشاوراته مع السلطات اللبنانية.

المشاورات تتسارع
ولأنّ مصير اللبنانيين أضحى معلقاً على “الصندوق” باعتباره خشبة الخلاص الوحيدة القادرة على انتشالهم من الغرق في رمال الأزمات المتحركة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً ومعيشياً، تتسارع الخطوات الحكومية باتجاه تعبيد الطريق الآيل إلى تفعيل قنوات الاتصال والتشاور مع المعنيين في صندوق النقد، بدءاً من أولى مراحل التواصل “عن بُعد” بين الجانبين الأسبوع المقبل لاستشراف آفاق البرامج الهادفة إلى مساعدة لبنان، وسط تأكيد مصادر مواكبة للمسار التفاوضي المرتقب على كونه “مساراً شاقاً تعتريه مطبات وعقبات وسيكون أشبه بمفاوضات “العصا والجزرة” بين الصندوق وحكومة حسان دياب”، موضحةً لـ”نداء الوطن” أن سلسلة من الإجراءات المطلوبة من الحكومة “ستكون مشروطة بمواكبة مراحل التنفيذ بمعنى أن يتم ضخّ الأموال على دفعات في الخزينة العامة بشكل تتناسق معه كل دفعة من هذه الدفعات مع الخطوات التنفيذية لكل شرط من الشروط المطلوبة في برنامج المساعدة”.

وإذ لفتت إلى أنّ “تجاوب حكومة دياب مع دفتر شروط صندوق النقد سيفتح الباب أمام تعهد بمدّ لبنان بنحو 10 مليارات دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة”، كشفت المصادر في هذا السياق أنّ “الصندوق قد يوافق على برنامج قرض سريع يفرمل الانهيار اللبناني وقد تصل قيمته إلى 3.5 مليارات دولار قبل نهاية العام الجاري في حال تم التفاهم على تفاصيل برنامج عمل مؤلف من عدة بنود إصلاحية تشمل سلة من الإجراءات المطلوب تنفيذها، بعضها مالي إصلاحي وبعضها الآخر سيتخذ طابعاً سياسياً سيادياً متصلاً بضبط المرافئ والمعابر البحرية والجوية والبرية”، وأوضحت في هذا الإطار أن “التعيينات المالية لن تكون بعيدة عن هذا المسار التفاوضي بشكل قد يشمل الاتفاق مسبقاً على خليفة رياض سلامة في حاكمية المصرف المركزي، ونواب الحاكم، ولجنة الرقابة على المصارف، خصوصاً وأن هناك مؤشرات تدل على أن التفاوض على الاسم الذي سيخلف سلامة قد بدأ بالفعل بعيداً من الأضواء”.

ومن جملة الشروط الاصلاحية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، لفتت المصادر إلى أنّ “التركيز سيصبّ في المرحلة الأولى من التفاوض على عدة ملفات، أبرزها ملف الكهرباء بكافة تفاصيله من البواخر الى المعامل والفيول، بالإضافة إلى ملف الجمارك وسط الخشية الدولية من استمرار سطوة “حزب الله” على مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي، توصلاً إلى الاتفاق على ضرورة إغلاق المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا وضمان حصر عملية تنقل الأفراد والبضائع بين البلدين بالمعابر الحدودية الشرعية تحت أعين الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية”، كما لم تستبعد المصادر أن “تعمد واشنطن في توقيت يناسبها إلى طرح موضوع ترسيم الحدود النهائي براً وبحراً بين لبنان وإسرائيل، سيّما وأنها بدأت حملتها في أروقة الأمم المتحدة للمطالبة بتعديل صلاحية قوات اليونيفيل في الجنوب قبيل التصويت على تمديد مهامها ضمن إطار القرار 1701، وذلك انطلاقاً من الحرص الأميركي على أن تتمكن القوات الدولية من تعبئة أي فراغ قد يخلفه إنسحاب اسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي لم يشملها قرار الاعتراف الأميركي بضم الجولان إلى إسرائيل”.

وختمت المصادر بالإشارة إلى أنّ “للبنان موقعه الجغرافي الحساس وله أهميته في الاستراتيجية الأميركية إزاء منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فإنه لن يكون بعيداً من المتغيرات المرتقبة في المنطقة حيث تتزايد المعطيات عن تسويات إقليمية تشمل العراق وسوريا بدأت طلائعها تظهر مع التسوية الحكومية العراقية وقد تُستكمل بمباشرة مسار تسووي في سوريا بالتوافق بين واشنطن وموسكو، ولعل تكثيف الضربات على المواقع الإيرانية في العمق السوري من ناحية، وبروز الخلاف المالي داخل آل الأسد، والفيديوات التي بثها إبن خال الرئيس السوري رامي مخلوف مالك شركة “سيرياتل” في الآونة الأخيرة من ناحية أخرى، هي بمثابة “رأس جبل الجليد” في الصراع الدائر على مرحلة إعادة تشكيل السلطة هناك”.

مجلس وزراء مطول
وكان مجلس الوزراء التأم استثنائياً امس، في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس دياب ، في جلسة مخصصة لمناقشة الوضعين المعيشي والاجتماعي وبحث ملف غلاء الأسعار والاحتكار في الأسواق لكنه لم يخرج بقرار حول كيفية لجم الاسعار بل خرج بقرار بإلغاء امتحانات شهادة البريفية الرسمية ومايعادلها من شهادات مهنية وفنية ومنح الطلاب افادات نجاح ، حيث اعلن وزير التربية بعد الجلسة: إقترحت إلغاء إمتحانات شهادة “البروفيه” والشهادات الفنية التي تعتبر ما دون شهادة البكالوريا، اليوم عند العاشرة والنصف صباحاً سأعلن التفاصيل في المؤتمر الصحافي. وسيعلن الوزير ايضا تواريخ فتح المدارس الرسمية اما الخاصة فلها حرية القرار، لكنها ستفتح في اول حزيران .

واضاف: سيأتي الغاء امتحانات الشهادة المتوسطة البروفيه، أو الشهادات الفنية التي تعتبر ما دون مستوى شهادة البكالوريا الفنية في سياق مجموعة اجراءات او ضوابط.

وحسب معلومات “اللواء”، فإن وقت الجلسة الطويل كان بسبب فتح نقاشات حول مواضيع اخرى لا سيما موضوع المدارس والامتحانات. حيث ابلغ وزير التربية المجلس انه يتعذر على الوزارة إجراء تحضيرات الامتحانات لسبعين الف طالب بروفيه عادي ومهني وفني في الوقت المتبقي، خاصة ان المدارس لم تُنهِ المنهاج المقرر نتيجة الاقفال بسبب تفشي مرض كورونا. 

وذكرت مصادر المعلومات لـ”اللواء” ان وزير الاقتصاد راوول نعمة رد سبب ارتفاع الاسعار الى تقلبات وارتفاع سعر الدولار. وجرى النقاش خلال البحث في امكانية دعم المدخلات الصناعية والزراعية (السلة الغذائية) من قبل مصرف لبنان، لكن لم يتقرر شيء نسبة الى عجز المصرف المركزي عن تلبية اي طلبات حالياً وبانتظار جواب نهائي منه. كما تقرر زيادة التنسيق والتعاون بين الوازرات المعنية (الاقتصاد والداخلية والزراعة والصناعة) من اجل ضبط الاسعار، بحيث تشارك دوريات امنية مع دوريات حماية المستهلك لمنع الاعتداء عليها ولتسهيل مهمتها. وابلغ وزير الزراعة عباس مرتضى الحضور ان وزارته وضعت كل طاقمها بتصرف هذا الامر. وسيكثف مراقبو وزارة الاقتصاد دورياتهم للتأكد من هوامش الربح.

وفي هذا الاطار، تقرر أن تواكب قوى الأمن الداخلي المراقبين الاقتصاديين لضبط فلتان الأسعار، إضافة إلى تعزيز المراقبين بمندوبين من البلديات. وقد أبلغ وزير الداخلية محمد فهمي “الأخبار” أنه سيعمل على مؤازرة وزارة الاقتصاد للتصدي للمخالفين ومن يرفعون أسعار السلع بشكل جنوني. وأوضح أنه دعا كل المحافظين إلى الاجتماع مع وزير الاقتصاد غداً للاطلاع منه على الآليات المتّبعة في الوزارة لضبط الأسعار. وأعلن أن “الداخلية” ستبدأ عملها التنفيذي الأربعاء المقبل، بالتنسيق مع البلديات، بعد إعلامها بالإجراءات الواجب اتباعها وتأمين متطوعين للقيام بهذه المهمة.

اضراب محطات البنزين
ولأن الأزمات التي صارت ملازمة ليوميات اللبنانيين لا تنتهي، أضيف اليها أمس الخشية من إضراب قد ينفّذه أصحاب محطات المحروقات اعتراضاً على الخسائر التي تواجه القطاع. قال نقيب أصحاب المحطات سامي البراكس لـ”الأخبار” إن الدولة “مطالبة بالوقوف في وجه شركات النفط التي تُحقق أرباحاً طائلة من تجارة الدولار”. وإذ رفض البراكس الإشارة إلى الإضراب، قال إن “مشكلتنا ليست مع الناس، بل مع شركات النفط التي تبيع المازوت في السوق السوداء، ومع الدولة التي لا تضع حداً لمخالفات هذه الشركات”. أضاف: “القصة ليست قصة إضراب، والوضع لم يعد يُحتمل، وإذا أكملت الأمور على المنوال نفسه فلن نكون قادرين على الاستمرار”، مشيراً إلى أن النقابة “ستطرح كل الوقائع أمام الرأي العام، فبين دفع ١٥ في المئة من ثمن المحروقات بالدولار وبين الاضطرار إلى شراء المازوت من السوق السوداء نظراً إلى عدم التزام الشركات بالسعر الرسمي، صارت الخسائر أكبر من أن تحتمل”.

من جهته، أكد وزير الطاقة لـ”الأخبار” تفهمه لمطالب المحطات، إلا أنه أشار إلى أنه فوجئ بالإعلان عن الإضراب، لأن الوفد الذي التقاه وعد بأن يقدم دراسة تبين الخسائر التي يتعرض لها القطاع. وأكد غجر أنه لا يمكنه أن يعدّل في السعر إلا وفقاً للآلية التي اتفق عليها مع النقابة منذ نحو شهرين، والتي تراعي ارتفاع سعر الدولار. وقال: “إذا أرادوا الإضراب فهذا قرارهم”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مشكلة هؤلاء “ليست مع وزارة الطاقة بل مع الشركات، وإن كانت الأخيرة لا تلتزم بالأسعار الرسمية، فعلى وزارة الاقتصاد أن تلاحقها”. ولفت الى أن “المشكلة الفعلية للمحطات برزت مع إقرار التعبئة العامة التي أدت إلى انخفاض مبيعاتها بنسبة 70 في المئة في بعض المناطق”.