فما هي الاسباب التي دفعت بـ”القوات” للعب دور مختلف عن حلفائها السابقين في فريق قوى الرابع عشر من آذار؟
وفق مصادر مطلعة فإنه من الواضح أن “القوات اللبنانية” قد تمركزت في جبهة المعارضة الشرسة على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي، مبتعدة قدر الامكان عن المناكفات السياسية على اعتبار أن حراك 17 تشرين قد أفسح مجالا واسعاً امامها للتقارب مع جزء كبير من الشارع اللبناني، والذي يبدو أنها لا تنوي خسارته في العودة الى الخطاب المتشنج.
وأضافت المصادر أن السبب الثاني الذي جرّ أقدام “القوات” نحو بعبدا، هو عدم وجود كتلة معارضة داخل الاجتماع، بالاضافة الى فشل تشكيل معارضة سياسية ثلاثية مؤلفة من رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى جانب جعجع، وبالتالي فإن “القوات” لا ترى مصلحة من وجودها وحيدة في المعركة السياسية ضد الاكثرية النيابية.
وفي سياق متصل، لفتت المصادر الى أن ثمة مؤشرات جدية تناهت الى “القوات اللبنانية” تفيد بأن الولايات المتحدة الاميركية لا ترغب بخوض مواجهة حاسمة مع حكومة الرئيس حسان دياب، وانها لا تسعى باتجاه اشتباك سياسي في المرحلة الحالية، بل تفضّل البقاء في مربّع المعركة الاقتصادية ضد “حزب الله” في لبنان للوصول في نهاية المطاف الى تسوية ملائمة، الامر الذي لا يسمح بدخول “القوات” في مجابهة لا رجوع فيها الى الوراء.
من جهة اخرى، رأت المصادر أن الانعطافة التي قام بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تجاه قوى الثامن من آذار تشير الى حدوث انقلابات على المستوى السياسي، الأمر الذي تلقفه جعجع وسعى بشكل واضح لاستباق أي تقارب بين الرئيس سعد الحريري وقوى الاكثرية النيابية، خشية تكرار سيناريو محاولة عزله سياسيا والذي حصل عدة مرات سابقا، لا سيما بعد استشعار “القوات” عدم حماسة الحريري لإعادة توطيد العلاقات معها.
ولعلّ هذه الاسباب تبدو كافية لتفسير هدوء نبرة “القوات” في الآونة الاخيرة، والذي تظهّر من خلال خطابها الاخير، ومن المرجح ان يستمر على نفس الوتيرة في الايام المقبلة، اما المشاركة في اجتماع بعبدا فيمكن ربطها مباشرة بعد تجلّي الاسباب غير المباشرة، بالموقع الدستوري الماروني، اذ ان “القوات” لن تسمح لنفسها بالظهور امام جمهورها المسيحي الصلب انها تساهم في تهميش الرئاسة الاولى، فارتأت أن تلبية دعوة عون هي ضرورة لتمكين دورها المعارض من الداخل، الامر الذي ترك انطباعاً ايجابيا لدى قاعدتها الشعبية وانعكس على خطاب قوى الثامن من آذار تجاه “القوات”.