الى ضحايا الابتزاز الالكتروني في العالم، ‘من مِنّا بلا خطيئة فليرجُم بحجر’!

9 مايو 2020
الى ضحايا الابتزاز الالكتروني في العالم، ‘من مِنّا بلا خطيئة فليرجُم بحجر’!

باتت مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر بشكل كبير في حياتنا اليومية، إذ أتاحت لنا فرصة لمتابعة مختلف الأخبار والتفاعل معها من خلال نشر أفكارنا وإبداء آرائنا بحرية مطلقة من دون ضوابط او حدود، وكذلك سهّلت التقارب بين الشعوب على اختلاف جنسياتهم، الا ان هذا الفضاء الواسع الذي يحسبه البعض مثاليا، لا يبدو في الواقع كذلك، بل يُخفي العديد من الشوائب التي بدأت تتظهّر مؤخرا بشكل مرعب وتكشف عن الجهل الذي يعشعش في العقول داخل مجتمعاتنا.

وبصرف النظر عن ان شبكات التواصل قد ساوت ما بين العالم والجاهل إذ بات من السهل نشر أية معلومة من دون التحقق من مدى صحّتها او دقّتها او مصدرها، والتي غالباً ما تنتشر كالنار في الهشيم ويصبح من الصعب تكذيبها ولو حتى بالدليل. فما يعلق في أذهان الناس لا يُمحى ولو جفّت الحناجر من الشرح والتفسير! وبعيداً عن ظاهرة التشهير والتضليل تنفيذاً لأجندات محددة، اصبح مستخدمو هذه المواقع عرضة للعيون الوقحة التي تسعى للتطفل على حياتهم والانقضاض على خصوصيتهم بلا حسيب او رقيب!

مما لا شكّ فيه أن سوء استخدام مواقع التواصل حوّل المنصات الالكترونية الى سلاح فتّاك من شأنه أن يتسبب بضرب البنية المجتمعية، ويفكك أسرا ويشتت اولادا ويؤدي في بعض الاحيان الى الانتحار نتيجة لعدة عوامل اهمها الابتزاز الذي يتعرض له البعض من قِبل معدومي الضمير والاخلاق.

بات الابتزاز “موضة رخيصة” يلجأ اليها اصحاب النفوس المريضة وخبيثو النوايا إما لتحصيل المال بطرق غير مشروعة او لإشباع بعض الرغبات القذرة، فيعمدون الى اختيار ضحيتهم بعناية ويسعون الى متابعتها ومراقبتها قبل استدراجها والإيقاع بها في الكمين، حيث تجد نفسها أمام أمرين، احلاهما مر، اما الفضيحة او الاستسلام!

هذا العنف الإلكتروني لا يمارس من قبل الذكور وحسب، كما يظن البعض، بل يستهوي أيضا بعض الإناث اما لغايات سياسية او مالية، حيث أكدت جميع التقارير التي حققت في قضايا الابتزاز الالكتروني، ان اصحاب الجرم غالبا ما يكونون افرادا ضمن عصابة منظمة ومحددة الاهداف، او اشخاصاً ذوي دوافع انتقامية، او مهووسين.

وبلغ عدد الجرائم الالكترونية ضد النساء والفتيات والمبلّغ عنها خلال السنوات الثلاث الفائتة 2708 حالة، بالاضافة الى حالتي انتحار ومحاولة انتحار ثالثة، كان لا بدّ من تكثيف حملات التوعية من خطر الابتزاز الالكتروني، حيث عمدت العديد من الجمعيات المعنية في هذا الشأن، مدعومة بعدد كبير من رواد “السوشيل ميديا” الى إطلاق عدّة “هاشتاغات” تضامناً مع الضحية لحثّها على ضرورة اللجوء الى القانون في حال تمّ ابتزازها وكسر حاجز الخوف والقلق والتصدّي للمعتدي عبر تقديم بلاغ رسمي الى الجهات المختصة.

وإذ تصدّر امس قائمة الترند هاشتاغ “الشاشة_ما_بتحمي، والذي شارك فيه عدد كبير من الاعلاميين والفنانين ونشطاء السوشيل ميديا استنكارا للتنمر الالكتروني ورفضاً للرضوخ للابتزاز من خلف شاشات الهواتف الذكية، كان لا بد من تسليط الضوء اكثر على هذه الظاهرة التي تفاقمت في ظلّ الازمات المتراكمة في لبنان وآخرها ازمة “كورونا” التي أشعلت فتيل الملل لدى البعض من الذين هربوا الى الفضاء الالكتروني في محاولة لملء الفراغ، فسقطوا ضحية لحظة التخلي حتى استفاقوا بين أيادي وحوش لا ترحم!

هذا التضامن الواسع الذي رفع لدى معظم اللبنانيين منسوب حس المسؤولية دفع بنا ايضا الى بنّي هذه القضية اعلاميا ومتابعتها من مختلف زواياها، آملين أن يحلّ العدل في هذه البلاد ويصار الى تطبيق اجراءات جدية وحازمة بحق كل من تسوّله نفسه استغلال زلّة بدافع التشفّي او تحصيل “قرشين”!

الى ضحايا الابتزاز الالكتروني في العالم، نحن بشر.. نخطىء ونصيب، ومن مِنّا بلا خطيئة فليرجُم بحجر.. “روحوا تشكّوا”!