في هذا الوقت، خطفت الزيارة التي قام بها السفير السعودي في بيروت وليد البخاري الى بيت الوسط الأنظار لناحية دلالاتها وتوقيتها مع الحديث عن عودة بهاء الحريري الى بيروت ودخوله الحياة السياسية.
المفاوضات مع صندوق النقد
اذاً، تنطلق اليوم الجولة الأولى من المفاوضات بين صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية التي أعدّت مسودّة خطة للتعافي المالي، للحصول منه على تمويل يوقف الانهيار المالي والاقتصادي ويفتح الباب أمام خفض العجز في الموازنة العامة، مع أن هذه الجولة ستكون أقرب إلى التعارف منه إلى الدخول في صلب التدابير والإجراءات الواردة في المسودّة.
وتؤكد مصادر نيابية بارزة لـ”الشرق الأوسط” أن موافقة الصندوق على تمويل الخطة الإنقاذية لن تتم بين ليلة وضحاها وأن الجولة الأولى ستتبعها جولات مكوكية لن تبقى محصورة بالمفاوضات بين الصندوق والحكومة وإنما ستشمل لاحقاً حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية لما لكل هؤلاء من ملاحظات.
وحذرت اوساط معنية بمتابعة المفاوضات المرتقبة بين لبنان وصندوق النقد الدولي لـ”النهار” من خطورة إيهام اللبنانيين بان مجرد انطلاق المفاوضات يعني ذلك ان الحكومة حققت تعويما سياسيا وديبلوماسيا دوليا من بوابة الصندوق. وقالت ان الأيام التي أعقبت تقديم الحكومة الطلب الرسمي الى صندوق النقد الدولي اتسمت بمؤشرات غير مريحة لجهة اغراق الرأي العام الداخلي بمعطيات غير واقعية تستعجل نتائج المفاوضات وتصور الامر من زواية تاييد بعض الجهات للخطة. ولكن ذلك لا يعني ابدا ان اتجاهات هذه الخطة قد تحظى برضى وموافقة صندوق النقد الذي توجه نظرته الى الأمور معايير معروفة بتشددها خصوصا لجهة التحقق من الأرقام والنسب والتوقعات والاهم التعهدات الإصلاحية. لذا تؤكد هذه الأوساط ان الحكومة ستبدأ شق طريق وعرة في مفاوضاتها مع الصندوق التي يرجح ان تستمر لفترة غير قصيرة لبلورة نتائجها الامر الذي يشكل للحكومة الامتحان الشاق والأكثر صعوبة في إدارة عملية التفاوض لكي يؤمن لبنان التوازن الممكن بين حاجته الشديدة الى دعم الصندوق وتحليه بقدرة صد أي مصادرة لقراره وحرية حركته في هذه المفاوضات.
وكشف وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي ل اللواء»، انه تواصل الاسبوع الماضي مع عدد من وزراء خارجية الدول الصديقة لا سيما فرنسا وبريطانيا وايطاليا وكندا، وانهم اكدوا اهمية وضع الخطة الاقتصادية، وابلغوه انهم جاهزون لتقديم الدعم عندما يجهز لبنان نهائيا من وضع كامل تفاصيلها التنفيذية، وانهم سيواكبون ايضاً تنفيذها مع لبنان، وهذا دليل على ثقة الدول الصديقة بمصداقية لبنان في تحقيق الاصلاح المنشود.
وقال حتّي: لقد تبلغنا من الدول الصديقة التي تواصلنا معها، انها بدأت درس ومناقشة بنود الخطة، وهي لا شك ستُبدي ملاحظاتها عليها وتبلغنا اياها، ونحن منفتحون على النقاش مع كل الاطراف، سواء داخل لبنان أو خارجه من اجل تحسين الخطة اذا كان هناك من ملاحظات جدّية، ومستعدون لمراجعتها حتى تكتمل عناصرها تماماً.
البخاري في بيت الوسط
ولم يخل المسرح السياسي من تحركات ذات مغزى ودلالات وكانت ابرزها الزيارة التي قام بها السفير السعودي وليد البخاري امس للرئيس سعد الحريري في “بيت الوسط” والتي اكتسبت دلالات مهمة عقب التفسيرات والإيحاءات السلبية التي رافقت اصدار السيد بهاء الحريري بيانا قبل يومين اعتبر انزلاقا جديدا لاستهداف الرئيس سعد الحريري وأشيعت تفسيرات طاولت دورا مزعوما للمملكة العربية السعودية في هذا الاستهداف. وأفادت معلومات ان زيارة السفير البخاري لبيت الوسط كانت بمثابة تسفيه لكل التفسيرات والاجتهادات والشائعات بما يؤكد عدم تخلي الرياض عن دعم الرئيس الحريري ودوره المحوري ان على المستوى اللبناني الشامل او على مستوى البيت والشارع السني.
وإذ توقفت مصادر مواكبة لهذه القضية عند “حماسة قوى 8 آذار لعودة بهاء ومحاولة تعويمه إعلامياً عبر سلسلة تصريحات وتسريبات تتحدث عن غطاء عربي ودولي لتعبيد الطريق أمام تسلّمه راية الحريرية السياسية في لبنان”، أكدت هذه المصادر أنّ زيارة البخاري إلى “بيت الوسط” كانت بالأمس “كاملة الدسم” لناحية دلالاتها وأبعادها السياسية، لا سيما وأنّها أتت “بطلب من السفير السعودي لتبديد أي لُبس في الموقف السعودي الداعم لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ولمرجعيته السنية في البلد، مقابل فرملة أي شطط في التحليلات والتأويلات حيال موقف المملكة العربية السعودية إزاء موضوع شقيقه بهاء، ما يسحب تالياً البساط العربي من تحت أقدام أي محاولة لشق الصف السنّي في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان”.
مؤتمر صحافي لفرنجية
وفي اطار سياسي آخر، يعقد اليوم رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية مؤتمراً صحفياً حول الملاحقات الجارية في وزارة الطاقة وسط معلومات انه لن يسلم الموظف حليس، الذي يثق ببراءته.
وتتحدث مصادر ذات صلة ان مشكلة “المردة” ليست في القاضي نقولا منصور، بل في النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، إذ تؤكد مصادر المردة أن عون طلبت من منصور توقيف حليس، رغم أن دورها في الملف بات “حصراً أحد فريقَي الدعوى: المدّعي والمدّعى عليه”، ولم يعد لها حق القرار، بل حق إبداء الرأي والطلب حصراً.
وتقول مصادر “المردة” إن فرنجية لن يسلّم حليس طالما أن للقاضية عون صلة بالدعوى، لأنه يثق ببراءة حليس الذي “عمل مع خمسة وزراء طاقة سمّاهم التيار الوطني الحر، من دون أن يوجّه إليه أحدهم لوماً أو تنبيهاً، لكن يُراد اليوم سجنه لأسباب سياسية”.
ولم تستبعد مصادر سياسية محايدة، ان يلوّح فرنجية بتعليق مشاركة وزيري الاشغال والعمل في الحكومة، اذا لم يعالج الوضع.