في خلفيات تهجّم فرنجية على عون وباسيل مسألة صفقة الفيول المغشوش التي لم تُكشف خيوطها النهائية بعد بحيث يتقاذف الجميع المسؤولية، وعلى الطريقة اللبنانية يتوقّع أن الكل سيخرجون أبرياء ويُضحّى ببعض الرؤوس الصغيرة.
أما في عمق الهجوم، فإن مسألة الرئاسة هي الأساس، فحليفا سوريا وإيران يحاولان تهشيم بعضهما البعض للفوز برئاسة جمهورية مدمّرة، وقد قالها فرنجية في مؤتمره الصحافي بأن باسيل يفتح معركة الرئاسة من الآن.
لكن فرنجية الذي وصلت “لقمة” الرئاسة إلى فمه لا يزال يعيش لحظة ترشيح الرئيس سعد الحريري له لرئاسة الجمهورية، وبالتالي فإن العلاقة بين حليفي “حزب الله” لا تزال تأخذ منحى إنحدارياً إلا إذا قرّر “الحزب” التدخل على طريقة غازي كنعان ورستم غزالي، لإجبارهما على التهدئة ريثما يحين وقت المعركة الرئاسية.
تدلّ أجواء بنشعي على أن فرنجية لم يعد يحتمل باسيل والعهد خصوصاً أنه يتهم “التيار الوطني الحرّ” بأنه حاول إلصاق تهمة “الفيول المغشوش” به لحرقه والإدعاء على مدير عام المنشآت النفطية سركيس حليس وريمون رحمة القريبين منه.
لكن بنشعي تؤكّد أنها انتقلت من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، فهي إن سكتت في مراحل سابقة إلاّ أنها لن تسكت بعد اليوم لأن باسيل يتمادى في الهجوم ولا شيء يردعه.
ومن جهة ثانية، يؤكد “المردة” أن العهد و”التيار الوطني” يحاولان البحث عن “كبش محرقة” في ملف الفيول لتبرئة وزرائهم وعدم تحميلهم مسؤولية.
والجدير ذكره أن وزراء “المردة” لم يعترضوا على أداء وزراء طاقة “التيار الوطني” في الفترة السابقة، بل إن هذا الإعتراض بدأ يظهر أخيراً بسبب الخلاف السياسي بين فرنجية وباسيل، ولم يقدّموا أي ملف أو شكوى مثلما فعل عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب طوني حبشي منذ أيام.
وإذا كان تيار “المردة” لا يستسيغ العودة إلى لغة الماضي، إلاّ أنه يرى أن باسيل لم يترك له مجالاً خصوصاً ان سياسته وسياسة العهد بدأتا تؤثّران على المجتمع المسيحي بسبب الاحقاد، كما أنهما أثّرتا سلباً على البلد الذي حصل الإنهيار في هذا العهد.
وأمام حجم الكلام الكبير الذي خرج به فرنجية وطال فترة 1989 أيضاً، إعتبرت الرئاسة أن من أصدق ما قاله السيد فرنجية هو “وقوفه إلى جانب ناسه” سواء كانوا مرتكبين أو متهمين بتقاضي رشاوى. وبدلا من أن “يفاخر” السيد فرنجية بحمايته لمطلوبين من العدالة، كان الأجدر به أن يرفع غطاءه عنهم ويتركهم يمثلون أمام القضاء الذي هو الجهة الصالحة لتبرئتهم أو إدانتهم. وفي كل الأحوال يبقى هذا الموضوع في عهدة القضاء الذي له وحده أن يتخذ ما يراه مناسباً من اجراءات. وفي ما عدا ذلك من كلام فرنجية الإنفعالي، فهو لا يمت، في معظمه، إلى الحقيقة بصلة وفيه تزوير للوقائع وبالتالي لا يستحق الرد، وإن كان حفل بالإساءات التي تضر بسمعة لبنان ومصلحته واقتصاده ودوره وحضوره في محيطه والعالم، لا سيما ما ذكره عن موضوع التنقيب عن النفط والغاز”.
وبانتظار أن يقدم “حزب الله” على جمع حليفيه مجدداً، فإن الأجواء ستبقى ملبّدة بين حليفي الأمس وسط إرتفاع منسوب الرد والردّ المضاد.