وتابع: “المفتي الشهيد كان رجل المهمات الوطنية والعربية والإسلامية الكبرى. وقد سد بحضوره الوطني والعربي فراغا كبيرا حين عز وجود الصامدين، وأهل التواصل والإدارة الطيبة، والمؤمنين بوحدة الوطن وسلامه، وحياة شيوخه وشبابه ومستقبلهم في ربوعه. وعلى ذلك عاش، كما على ذلك استشهد، غير متردد ولا مساوم على الوطن وسيادته ووحدة أرضه وشعبه”.
وأضاف: “عندما أتذكر تلك الأيام الصعبة، أذكر أن كثرا نصحوا المفتي خالد بالحذر، وتجنب إظهار الحماس لاستعادة السلام الوطني، وكان جوابه دائما: نحن لا نتعمد المجازفة ولا المخاطرة، لكن من ينتصر للبنان المتروك وحيدا؟ إن لم يتقدم لنصرته مواطنوه ومسؤولوه وأهل الغيرة على حاضره ومستقبله. ومنذ إعلانه للثوابت العشر من دار الفتوى عام 1983 وخطبته بالملعب البلدي في عيد الفطر، كان تصميم المفتي خالد على العمل الدؤوب مع سائر المخلصين لاستعادة العافية الوطنية، وبسط الدولة لسلطتها على أراضيها”.
وقال: “يقول الشاعر العربي: وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. نعم، نحن نتذكر المفتي خالد كثيرا في هذه الظروف الصعبة بالذات. فقد كانت وداعته رحمه الله سلاما شاملا، وكان عليه بصيرة ملؤها الاحتضان لجميع اللبنانيين، والثقة بأنهم سيكونون لوطنهم مهما كلف الأمر. وإنما كان ديدنه شجاعة الرأي والعزيمة على إنقاذ الوطن والمواطنين”.
وتابع: “نذكر لك يا شهيد الإيمان، وشهيد الرجاء، بشرى الأمن بعد الخوف، والرجاء بعد الشدة، والثقة بالله سبحانه في المنشط والمكره، والصبر مع البسطاء والمتعبين: “هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين. ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء، والله لا يحب الظالمين”.
وختم: “ستبقى دار الفتوى كما تركتها أمينة على رسالة الخير والسلم والتضامن الوطني والإسلامي، والعيش المشترك. رحمك الله رحمة واسعة جزاء ما قدمت وبذلت وأخلصت وعملت: “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”.