قبله بساعات كان نائب رئيس الحكومة السابق الياس بو صعب يوجه سهامه نحو رئيس الحكومة حسان دياب بشكل مباشر، متوجهاً إليه بالقول في تغريدة له “دولة الرئيس دياب، التشبث بالرأي يعرقل العمل ولا يفيد، كنا اعتقدنا ان نظرتك للتعيينات مختلفة إلى ان اكتشفنا ان هدفك هو تعيين مستشارة لك بموقع مهم، القوة ليست بإظهار الصلابة أمام الرأي العام، بل عندما تكسب احترام الجميع وتحترمهم لاظهارهم مرونة كبيرة، أتمنى الا تكون اعتبرتها ضعفاً”… بشكل أوحى وكأنّ بو صعب ينتمي إلى فريق المعارضة، ولا يتمثل فريقه السياسي بستة وزراء، و”حبة مسك”، يجلسون إلى طاولة دياب بصفة شركاء أساسيين وممثلين “أقوياء” للطائفة المسيحية.
كانت مسألة الغبن اللاحق بالأرثوذكس في ما يخصّ مشاركتهم في الإدارة العامة والمواقع الأمنية والعسكرية، سابقة لملف محافظة بيروت، لكن استحقاق انتهاء مدة انتداب القاضي زياد شبيب عدّل في الأولويات، أقله بالنسبة لمتروبوليت بيروت الذي رفع الصوت عالياً عشية عودة شبيب إلى السلك القضائي… طلباً للتمديد له على رأس محافظة العاصمة.
هكذا، تداعى الوزراء والنواب الحاليون والسابقون إلى اجتماع عقد منذ أسبوعين في مطرانية بيروت على أساس بحث الخلل الحاصل في توازن الادارة العامة المذهبي وشكوى الأرثوذكس من تهميشهم وسيطرة الطوائف والمذاهب الأخرى على حصتهم. إلا أنّ امتعاض مطران بيروت مما تسرب إليه عن توجه وزير الداخلية محمد فهمي إلى رفع اقتراح لتعيين بديل عن القاضي شبيب، دفعه إلى إعلاء صرخة أبناء طائفته وشكواهم من تهميش متمادٍ على مدى حكومات متعاقبة، لمصلحة التصويب على موقع محافظة بيروت.
في ذلك الاجتماع، دخل النائب أسعد درغام الاجتماع متأبطاً 25 نسخة عن ملف يوثق مواقع الخلل الذي يصيب الأرثوذكس في الإدارة العامة، وقد فاجأ الحاضرين، ومنهم المطران عودة، بتحضير هذا الملف وتقديمه على نحو موثق يختصر كل صرخة أبناء الطائفة.
ومع ذلك، بقي ملف محافظ بيروت هو موضع المتابعة الأساسي بالنسبة للمتروبوليت الذي أبدى انزعاجه من امكانية تعيين بديل عن القاضي شبيب، ومن دون أن تكون له اليد الطولى في تعيين البديل، مع العلم أنّ محافظ بيروت الحالي تمّ تعيينه بناء على رغبة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وليس القوى السياسية المسيحية، ومع العلم أيضاً أنّ وزير الداخلية محمد فهمي يؤكد في مجالسه أنّه كان بصدد رفع ثلاثة أسماء إلى مجلس الوزراء بعدما حصر تدقيقه في السير الموضوعة أمامه، من دون النظر إلى الأسماء.
وقد اتخذت المسألة بنظر بعض المسؤولين الأرثوذكس منحى التحدي بشكل لا يخدم قضية الطائفة، خصوصاً وأنّ رئيس الحكومة يرفض منطق الإملاءات من أي جهة كانت، ويرفض تسجيل سابقة تعيين خارج اطار الكفاءة، لأنه اذا فعلها مرة، سيضطر الى الرضوخ لقاعدتها في كل مرة يُطرح فيها تعيين على مجلس الوزراء.
هكذا، سيمر استحقاق 19 أيار، موعد انتهاء مدة انتداب شبيب في الادارة ليعود إلى موقعه القضائي من دون ضجيج تعيين بديل ومن دون التمديد له، على أن يتمّ تكليف محافظ جبل لبنان محمد مكاوي المحسوب على “تيار المستقبل”، بأعمال محافظة بيروت، في المرحلة الانتقالية إلى حين هدوء العاصفة المذهبية، حيث يتوقع أن يضاعف وزير الداخلية جهوده الرقابية على سير أعمال محافظة العاصمة.
قبله بساعات (اليوم) سيكون المطران عودة مجتمعاً بوزراء الطائفة الحاليين، أي نائبة رئيس الوزراء زينة عكر، وزير الأشغال ميشال نجار، ووزير الطاقة ريمون غجر، إلى جانب نائبي رئيس الحكومة السابقين الياس بو صعب وغسان حاصباني والنائب نقولا نحاس.
العنوان الأساس للقاء هو التعيينات الإدارية، أما الهدف فموقع محافظ بيروت. لا يزال الضغط مستمراً للتمديد لشبيب وتعيين من يفضله متروبوليت بيروت لهذا الموقع، وفق قاعدة تكريس آلية للتعيين أو التفاهم المسبق. وهناك من يحاول اللعب على وتر المزايدة لرفع سقف الاجتماع وإحراج الوزراء الحاليين ودفعهم إلى الإعلان عن تعليق مشاركتهم في الحكومة في حال لم تلتزم بالآلية، ولو أنّ المطلعين على موقف الوزراء يؤكدون أنّ هؤلاء لن يلزموا أنفسهم بموقف تصعيدي قد يصل الى حدّ تعليق المشاركة لاعتبارات تتصل بالتوازنات السياسية.