بعد سقوط طائرة الركاب الإثيوبية قبالة شواطئ الناعمة جنوبي بيروت قبل 10 سنوات، كانت سفينة الأبحاث Odyssey Explorer، تقوم بأعمال استكشاف تحت الماء لمصلحة شركة بريطانية تدعى Recoveries Enigma. عرضت السفينة المساعدة على لبنان في البحث عن حطام الطائرة، عبر وكيلها آنذاك وليد النعوشي. إلّا أن قصد الشركة من «المساعدة الإنسانية» للبنان، سرعان ما انكشف، بعد ملاحظة أكثر من جهة، أن السفينة تبحث بشكل مريب في أماكن بعيدة عن مكان سقوط الطائرة الفعلي. بعد فترة قصيرة، بدأ التداول بأخبارٍ حول اكتشاف السفينة مواقع لحطام عشرات السفن، تقبع بغالبيتها على عمق حوالي 2000 متر تحت سطح الماء، بينها سفينة يونانية واثنتان رومانيتان وواحدة أموية وثماني سفن عثمانية! ما يعني وجود «متحف» غائر تحت المياه اللبنانية، ربّما يوازي بأهميته اكتشاف النفط والغاز.
سفينة «الأبحاث» التي تحمل علم الباهاماس سبق لها أن حاولت سرقة محتويات سفينة إسبانية غارقة أمام البرتغال منذ عام 1804، بموجودات ذهبية وفضيّة تساوي حوالى نصف مليار دولار، قبل أن تستعيدها إسبانيا وتغرّم محكمة أميركية الشركة مليون دولار كتعويض لمدريد. وهي وقعت مرّة جديدة في قبضة السلطات القبرصية، عام 2015، عندما ضُبطت تحاول تهريب قطع أثرية منتشلة من تحت الماء في أحد المرافئ، بينها 360 قطعة من الخزف الصيني، تم إخراجها من إحدى أكبر السفن العثمانية بطول 43 متراً، وتعود إلى عام 1630 حين غرقت في رحلة بين إسطنبول والإسكندرية. ونتيجة التحقيقات، تبيّن أن هذه القطع تم انتشالها من حطام بعض السفن الغارقة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، وفقاً لما قالته Enigma، التي عادت قبل أسبوعين وأكّدت في بيان صحافي أن السلطات اللبنانية على علم بذلك. وبالتالي، تطالت الشركة حالياً السلطات القبرصية باستعادة القطع الأثرية كونها لم يتم انتشالها من المياه القبرصية. وتتذرّع بأن عملية المصادرة تمت عام 2015 جراء «خطأ إداري» يتعلق فقط بعدم التصريح الجمركي حول هذه القطع التي عثر عليها القبارصة على متن «أوديسي».
وفيما يسود الصمت في بيروت، سأل البروفسور ماريانو أنزار، أستاذ القانون الدولي في جامعة «Jaume in Castello de la Plana» الإسبانية، ضمن تحقيق نشرته «سايبرس ميل»: «(إذا كان ما تقوله الشركة صحيحاً) فلماذا لم تتحرّك السلطات اللبنانية؟». ولفت الى أن «الدول المطلة على الشطآن تملك كامل السيادة في مناطقها البحرية، ولها هي حقوق البحث والتنقيب في هذه البقع ومراقبة أي نشاط يتناقض مع سيادتها». وختم: «أفترض، أن السفينة عندما كانت تنقّب في المياه اللبنانية، ساءلتها السلطات اللبنانية عمّا تفعل. هل فعلوا ذلك؟ لا نعرف». ليس أنزار وحده من لا يعرف، اللبنانيون أيضاً لا يعرفون موقف سلطاتهم من هكذا مسألة سيادية خطيرة”. لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.
آثار وكنوز ثمينة غارقة في بحر لبنان.. تحركات مريبة وسفينة تحاول سرقة المحتويات
كتب فراس الشوفي في صحيفة “الأخبار” تحت عنوان ” من يسرق الكنوز من بحر لبنان؟”: ” فصلٌ آخر من فصول السيادة المنقوصة، تسجّله الدولة اللبنانية، منذ عام 2015، على الأقل، في إهمال قضيّة السفن التاريخية الغارقة في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، والتي عثرت عليها سفينة «صيّادة كنوز» عام 2010. فالدفاع عن الحقوق في مسائل من هذا النوع، ليس لأجل ثروةٍ إنسانية ولا مصدراً اقتصادياً مهماً للبنان الغارق في انهياره فحسب، إنما مسألة سياسية سيادية.