ولا حاجة للتذكير بالظروف السياسية الداخلية التي دفعت باتجاه انتخابه، ولكن بيت القصيد انّ هذا الانتخاب لم يكن نتيجة ميزان القوى «الطابِش» لمصلحة 8 آذار المحلي والإقليمي، فيما هذا الميزان لم يعد اليوم لمصلحة هذا الفريق لا إقليمياً ولا محلياً، فعدا عن الحصار المطبق على طهران التي ستضطر في نهاية المطاف إلى التراجع عن دورها الإقليمي وتغيير طبيعته، فإنّ 8 آذار المحلي فشل فشلاً ذريعاً في إدارة الدولة التي أوصلها إلى الانهيار، وبالتالي يستحيل ان يُمنح فرصة ثانية، لا بل الاتجاهات العامة ستدفع إلى انكفائه عن صدارة المشهد السياسي.
ومع الانهيار المالي الكبير للبنان وحاجته الماسة إلى المساعدات الدولية سيكون أحد الشروط الدولية عدم انتخاب رئيس من 8 آذار، ومعلوم انّ لبنان لن يتمكّن من الخروج من مصيبته المالية قبل سنوات عدة، ما يعني انّ تأثير المجتمع الدولي سيكون كبيراً في الاستحقاق الرئاسي هذه المرة، بخاصة انّ هذا المجتمع يُحمِّل أساساً هذا الفريق تبعات الأزمة القائمة.
وقد شكّلت حكومة الرئيس حسان دياب نموذجاً لما سيكون عليه الوضع مستقبلاً على مستوى الرئاستين الأولى والثالثة وشكل الحكومات اللاحقة، من دون إغفال انّ فريق 8 آذار كان متمسّكاً بحكومة تكنو-سياسية واضطر القبول بتمثيل وزاري ممَوّه في الظروف السابقة، فكيف بالحري حيال الظروف الراهنة واللاحقة، حيث سيضطر إلى مزيد من التنازلات لإخراج البلد من مأزقه المالي؟
وفي موازاة الوضع الدولي والإقليمي والمالي والشعبي الذي لا يسمح بانتخاب رئيس من 8 آذار، فإنّ الوضع السياسي الداخلي أكثر تعقيداً انطلاقاً من الاعتبارات الآتية:
الاعتبار الأول يتعلق بالعهد الذي فقد إمكانية تزكية خلف له لاعتبارات خارجية وداخلية، ومن ضمنها انّ النائب جبران باسيل مرفوض سياسياً وشعبياً، فيما المعادلة التي كانت تسمح للعهد بأن يقرر خلفه تكمن بنجاحه، فلو شَكّل عهداً نموذجياً لكان باستطاعته القول انّ هذه النموذجية لا يمكن الحفاظ عليها سوى من خلال من يتّبِع السياسة نفسها، أمّا وان الانهيار حصل في عهده، ولن يكون باستطاعته تصويب الأمر، فإنّ الحكم عليه أصبح مُبرماً، والرأي العام ينتظر انتهاء هذا العهد لا التمديد له بأشكال أخرى.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.