ضاقت صدور الناس ذرعاً من ارتفاع اسعار السلع الغذائية في الأسواق، من دون رقابة جدية من قبل الوزارات المعنيّة في حكومة الانقاذ المزعوم، اذ ان المساعدات المالية الزهيدة التي تم صرفها مع بداية شهر رمضان المبارك، بدت مجرّد “فرنكات” نسبة للغلاء الفاحش المتباهي على رفوف المتاجر والدكاكين، حيث أصبح غذاء المواطن اكياساً مرصوصة “للفِرجة”، فلا مال يكفي لشراء المواد الأساسية، ولا قلب يتّسع لـ “نقّ” الاطفال على كيس “تشيبس” او “دف” شوكولا!
حتى محلات الـOne dollar، المنتشرة في جميع المناطق، سحبت عن واجهاتها يافطات “اي قطعة بـ 1500” واستبدلتها بكلمة “دولار”.. يا لسخرية المشهد! وبات السؤال المضحك الذي يطرحه اللبنانيون متى سمعوا بالدولار: “يعني أديه عاللبناني”؟ قطع غيار السيارات تساوي ضعف راتب الموظف العادي، وإذا تعطلت السيارة “منروح تمشاية”، فحتى مركبات الأجرة رفعت التسعيرة و”ما بقا توفّي”!
“بأديه البصل اليوم”؟ نعم يا سادة، انه الزمن الرديء الذي بِتنا نسأل فيه عن سعر البصل قبل شرائه، حيث لم يعُد مالُنا الذي نجنيه من عرق النهار “بيسوى قشرة بصلة”! ارتفاع غير مسبوق بأسعار الخضار والفواكه واللحوم، والنصف كيلو “ما بيطعمي عيلة”! اليوم لا فرق بين ميسوري الحال ومستوري الحال، الجميع في وضع معيشي قاسٍ، وما زال بعض المسؤولين في البلاد يرونه “مش نافر”!
اسعار عُلب حليب الاطفال تتسابق صعوداً، وحرقة الأمهات تتعالى صعوداً أيضا، دعوات على من أهلك البلاد والعباد “والشكوى لغير الله مذلة”! منهُن من استبدلن حفاضات اطفالهن بقطع من القماش، فيقُمنَ بغسلها وينتظرن حتى تنشف ليُعدنَ استخدامها من جديد، ومنهن من استغنت عن اللحوم والبيض والجبن والقهوة والشاي لتأمين الحليب! البعض قد يرى الصورة من منظاره تقشفاً جميلا، وغير المتفلسف يراها موتاً بطيئا وقطاراً يسير بنا بسرعة بالغة نحو الهاوية!
“لوين”؟ هذا السؤال يبدو من دون إجابات على المدى المنظور، فلا بوادر إصلاح في سفينة مثقوبة في وسط المحيط يستغيث ركابها من الغرق، وفي حين تتكسّر بارقة الأمل فوق الأمواج الهائجة، يغيب فريق الإنقاذ المسؤول الوحيد عن نجاة المواطنين ويسهو “الرّبّان”، فالحكومة في “كوما” مُريبة تستيقظ بين حين وآخر لتصدر بضع بيانات وتطلق بعض المؤتمرات، صورٌ ووعودٌ ومزايدات في الفساد، لا تخدم حسرة اللبنانيين على واقعهم المرير، “عبد المُعين” عاجز عن الحلول في وطن مفلس من كل اتجاه، بطالة تنهش صبر المؤمنين، ومصارف تُحكم قبضتها على رقاب العباد، فلا مالٌ بل “بنون” يحملون في قلوبهم نقمة على هذه البلاد وإصرارا على التغيير … فمن يجرؤ بعد اليوم على إخماد الثورة؟!