فأولى سمات رجل السياسة الناجح أن يستطيع إقناع الناس بوجهة نظره، من خلال قدرته على إظهار الصدق في خطابه وفي نبرة صوته وتعابير وجهه. فإما أن ينجح في إيصال ما يريد إيصاله بسهولة إلى الجمهور، وإما أن يكون الفشل حليفه.
فمن خلال إطلالاته القليلة، بإعتباره جديدًا في العمل السياسي، والبعض يقول إنه طارىء عليه، وكان آخرهذه الإطلالات يوم أول من أمس، لم يستطع رئيس الحكومة حسّان دياب أن يدخل إلى قلوب مستمعيه، أولًا لأنه لا يتمتمع بـ”كاريزما” كافية تؤهله لإقناع من يجب إقناعهم، وهم في الأساس يرفضونه ولا يعتبرونه يعبّر عن تطلعاتهم، على رغم أنه لم يأت من الطبقة السياسية التقليدية، وهو قدّم نفسه على أنه تكنوقراطي، ولكنه لم ينجح في إظهار هذه الصفة في الشكل الذي يمكّنه من دخول عقول الناس وقلوبهم، فضلًا عن أسلوبه الإستفزازي، الذي يضمّنه مواقف هجومية، إقتناعًا منه بأنها الطريقة الأمثل للدفاع.
أما الثاني فهو ليس جديدًا في العمل السياسي، بل يمكن القول إنه من بين الأشخاص القليلين الذين تولوا مناصب وزارية لسنوات طويلة ومتتالية، إذ كان له في كل عرس وزاري قرصًا، وقد إرتبط إسمه في بداياته على أنه “صهر الجنرال”، وقد دخل إلى المعترك السياسي من هذا الباب بالتحديد.
إنه النائب والوزير السابق ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الذي كانت له إطلالاة يوم الأحد، فلم يكن مقنعًا أولاً، على رغم أن مطالعته إقترنت بالأرقام والتفاصيل المملة.
بإختصار لم يكن الرجل موفقًا في ما هدف إليه، وإن تضمّنت مقدمة المواضيع، التي خصصها للخطة الإقتصادية والفساد ووضع الكهرباء، مضمونًا سياسيًا، مذكرًا بـ “أننا لسنا بصراع شخصي مع احد لكننا في صراع مع ملفات كلفت اللبنانيين الغالي، وعلينا الا نتراجع عنها لأن هم التيار الوحيد هو انقاذ الوطن، ولا مستقبل للوطن مع الفساد، لذلك فإننا مستعدون للتضحية بدليل عدم المشاركة بالحكومة وتصالحنا مع الآخرين مع تمسكنا بعدم المصالحة مع الفساد وهو ما تسبب بجنون الاطراف ضدنا”.
وعلى رغم محاولته إظهار نفسه بعكس ما كان سائدًا، فإن التعليقات على كلامه تراوحت بين مؤيد، وهم من “اهل البيت”، وبين من إنتقده، وبالأخص في ملف الكهرباء، إذ إعتبر البعض أنه يتكلم في هذا الملف وكأن قطاع الكهرباء ملك ابيه.
على أي حال فإن كلام الطالع والنازل لن يقدّم ولن يؤخرّ في شيء، ويبقى التعويل على ما في إستطاعة حكومة 8 آذار من القيام به تمهيدًا لتغيير نظرة عامة الشعب إلى هذا النوع من الكلام، الذي لا يعدو عن كونه رمادًا في العيون.