بدو أن محاولات عودة التطبيع مع النظام السوري، المرفوضة من معظم اللبنانيين والتي تشكل بنداً خلافياً انقسامياً في لبنان، لم تكن مقتصرة على إطلاق المواقف والمطالبات من قبل حلفاء نظام دمشق في السنوات الأخيرة، وبعض الزيارات لوزراء الحكومة السابقة، حتى الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، قبل أيام.
فما حصل عليه موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، من فيديوهات يوثّق، بالصوت والصورة، أن التطبيع قائم فعلاً على أرض الواقع ويسرح ويمرح عبر الحدود السورية اللبنانية ذهاباً وإياباً، بين مؤسسات لبنانية رسمية ومؤسسات تابعة للنظام السوري.
وتظهر الفيديوهات عمليات ميدانية نفّذتها فرق من الدفاع المدني اللبناني انتقلت إلى داخل الأراضي السورية، إذ تولت، في تشرين الماضي، إخماد حرائق عدة في مراكز تابعة لحزب الله، بالتعاون والتنسيق مع فرق إطفاء تابعة للنظام السوري.
وتكشف المعلومات، المثبّتة بالفيديو، عن أن فرقاً من الدفاع المدني اللبناني دخلت على متن سيارات إطفاء إلى الأراضي السورية، ونفَّذ العناصر بتواريخ مختلفة مهمات إخماد حرائق، منفردين وبالتعاون مع فرق إطفاء سورية في مناطق مختلفة، عرف منها.
بتاريخ 17/05/2019، توجهت آلية إطفاء تابعة لمركز القصر، من نوع ‘ايفيكو’ حمراء اللون وتحمل اللوحة ذات الرقم 920672، إلى مدينة القصير السورية، بمواكبة وحماية سيارات تابعة لحزب الله، للمساعدة في إطفاء حريق في أحد معسكرات الحزب.
بتاريخ 14/07/2019، دخلت آليات مركزي الهرمل والقصر التابعتين للدفاع المدني اللبناني الى بلدة حاويك السورية، بتوجيه من رئيس المركز ر. ن. د بعدما طلب منه ذلك أحد مسؤولي حزب الله للمساعدة في إخماد حريق في أحد مراكز الحزب. وتشير المعلومات إلى أن متطوعي الدفاع المدني في البلدة رفضوا في بادئ الأمر تنفيذ هذه المهمة، غير انهم عادوا ونفذّوها بعدما أبلغهم رئيس المركز أنه استحصل على موافقة من المديرية العامة للدفاع المدني للدخول الى الأراضي السورية وتنفيذها.
كما تظهر الفيديوهات مواكبة عناصر من حزب الله لآليات الدفاع المدني اللبناني طوال الطريق إلى داخل الأراضي السورية وصولاً إلى مواقع الحرائق. واللافت عبور سيارات الإطفاء حواجز الجيش اللبناني المتمركزة على الحدود اللبنانية السورية، بالإضافة إلى حواجز جيش النظام السوري، ومن بعدها داخل الأراضي السورية. وتظهر بوضوح سيارة إطفاء تابعة لفوج اطفاء حمص وإلى جانبها آليات تابعة للمديرية العامة للدفاع المدني اللبناني داخل الأراضي السورية.
ولا شك أن ما حصل، والأرجح أنه مستمر بشكل أو بآخر، في هذا السياق أو في مجالات أخرى، يطرح علامات استفهام وأسئلة كثيرة، على الحكومة اللبنانية الإجابة عليها بشكل واضح. فهل أضيفت إلى مهام الدفاع المدني في لبنان مهمة إطفاء الحرائق في سوريا من دون علم اللبنانيين؟ هل قيادة الدفاع المدني على علم بذلك؟ هل الحكومة اللبنانية على دراية بالأمر؟ ومن اتخذ القرار وأمَّن الغطاء له؟
بالتالي، هذه العمليات، التي كشفها موقع “القوات” باتت برسم المسؤولين، لتوضيحها ومحاسبة المتورطين، نظراً لما للأمر من انعكاسات انقسامية في لبنان والجميع بغنى عنها في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها البلد. بل خصوصاً، في ظل ما بات مفضوحاً للقاصي والداني من تسيُّب الحدود اللبنانية السورية وعمليات التهريب التي تكبّد لبنان والخزينة مليارات الدولارات سنوياً، فيما الدولة المتخاذلة المفلسة تشحذ الدولار من صندوق النقد الدولي والدول المانحة لوقف الانهيار، بل “الانفجار”.
https://youtu.be/UuyDy-7KDKA