وفي حديث إلى صحيفة “اليوم السابع” المصرية، لفت جعجع إلى أن “أهم فضيحة في هذا الإطار بالتحديد هي فضيحة الكهرباء، فكل ما ينقص لبنان تقريبا حوالى 2000 ميغاوات كهرباء، ولعشر سنوات مضت كل اللبنانيين يطالبون ببناء معامل لإنتاج 2000 ميغاوت كهرباء أضافية، ومنذ عشر سنوات وحتى الآن لم ينجح وزراء الطاقة المتعاقبون الذين ينتمون كلهم إلى فريق الوزير جبران باسيل، لم ينجحوا ليس لأنه من المستحيل بناء معامل تنتج 2000 ميغاوت من الكهرباء، ولكن لانهم لا يريدون ذلك للاستمرار في مشروعهم الخاص باستئجار الطاقة من على ظهر البواخر التركية. على سبيل المثال مصر بنت معامل لإنتاج 15 ألف ميجاوت إضافية من الكهرباء في فترة عام ونصف، وبالتالي كل هذه العوامل أدت إلى ما نحن فيه”.
وعن تقييمه لأداء حكومة الرئيس حسان دياب، قال:”إن حكومة الرئيس حسان دياب تحوي أشخاصا جددا تأملنا فيهم خيرا، وبعض هؤلاء واضح أنهم جيدون بطبيعتهم، لكن المشكلة الأساسية أن القوى نفسها حزب الله من جهة، ومجموعة الوزير جبران باسيل من جهة أخرى لازالوا متحكمين بالقرار، وبالتالي لا نرى على الرغم من كل أملنا، أي تقدم جدي على الصعد الاقتصادية والمالية. لذا فهذه الحكومة لديها أمل في حالة واحدة، وهو إذا استطاعت أن تخرج عن سيطرة السلطة الحاكمة، ماذا والا لا أمل. لا أمل لأي حكومة في لبنان سواء هذه أو غيرها، إذا لم تباشر فورا بعض الإصلاحات المطلوبة، مثل في الوقت الحاضر مطروح بشكل كبير مشكلة المعابر غير الشرعية، وعلى الرغم من كل ذلك لم تأخذ الحكومة القرار المطلوب. وأيضا مطروح مشكلة الكهرباء، وعلى الرغم من ذلك قرارات الحكومة الأخيرة المتعلقة بالكهرباء هي في أحسن حالاتها عود على بدء، إذ كلفت الحكومة وزير الطاقة الذي هو الوزير جبران باسيل، كلفته بالتفاوض مباشرة مع الشركات التي يمكن أن تبني المعامل في لبنان، مع كل ما يعنيه ذلك من تحت الطاولة وفوقها”.
وعن النصيحة التي يمكن أن يقدمها للحكومة اللبنانية للخروج من المأزق الحالي في لبنان، أوضح جعجع أنه “إذا كانت هذه الحكومة تنوي النجاح عليها أن تخرج من تحت سيطرة حزب الله من جهة وفريق الوزير جبران باسيل من جهة أخرى، وعليها أن تبدأ بالإصلاحات فورا، ومعروف ما هي الإصلاحات، لا أن تصدر ورقة تقول فيها سأقوم بفعل ذلك وسأفعل هذا، فيما المطلوب أن تفعل ذلك فورا، فهناك بعض الإصلاحات لا تحتاج سوى إلى قرارات، ومنها على سبيل المثال الموظفين غير القانونيين في الدولة اللبنانية، هناك أقله 5 الاف موظف بشكل مباشر و30 ألف آخرين غير موثقين فلتقدم على فسخ عقودهم، وأيضا موضوع المعابر غير الشرعية والجمارك وقانون المحاسبة العمومية وتعيين مجالس إدارة بعض المؤسسات، وهناك العديد من الخطوات الإصلاحية التي بإمكان الحكومة القيام بها ولم تقم بأي منها بعد حتى الساعة”.
أما بالنسبة إلى طبيعة العلاقة مع الرئيس ميشال عون، وكيف تسير العلاقة بينهما اليوم، شدد جعجع على أنه “للأسف لا يوجد علاقة في الوقت الحاضر، لماذا لا توجد هذه العلاقة؟ لأنه تبين تباعا في السنوات الثلاثة الأخيرة أن الوزير جبران باسيل هو الذى يدير كل الأمور، وبالتالي وكأنه لا فائدة من العلاقة مع العماد ميشال عون”.
سئل:”هل هذا معناه أنك نادم على اتفاقك السابق مع الرئيس ميشال عون قبل انتخابات الرئاسة؟”، أجاب:”أبدا، هذا شيء وذاك شيء آخر مختلف تماما، وهنا أريد التوسع في شرح الموقف، وكأنك تقول لي إنه إذا أردنا أن نصدر حكما تاريخيا على الثورة الروسية في عام 1917 هل نستطيع أن نقول مثلا إنها المسؤولة عن توليد الاتحاد السوفيتي والمنظومة الشيوعية في العالم وأدت إلى ما أدت اليه من كوارث، بالتأكيد لا، لأن الثورة الروسية حينما قامت كانت انطلاقا من واقع معين كانت تعيشه موسكو وبقية الولايات الروسية، فهى كانت ثورة جامحة كبيرة انطلاقا من الواقع المعيشي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذى كانت تعيشه تلك البلاد حينها، لكن قام البعض بخطف هذه الثورة فيما بعد، وحرفها باتجاه معين، وهذا ليس معناه أن الثوار نادمون أو أنهم تصرفوا بشكل خاطئ، لا، هذا معناه أنها أحداث تاريخية”.
أضاف:”بالعودة إلى التفاهم مع الرئيس ميشال عون لم أندم على حصوله في الظرف الذي حصل فيه، لأنه كان كناية عن مصالحة تاريخية بين فريقين لبنانيين كبيرين، وهما القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وكان يجب أن نتم هذه المصالحة، ومن جهة أخرى، هذا اتفاق كان هدفه الانتهاء من فراغ رئاسي استمر لأكثر من عامين ونصف العام، وكان يجب أن نذهب باتجاه معين لتجنب الاسوأ، ولكن هذا لا يعني أننا مسؤولون عن كل ما حدث في عهد ميشال عون، لا، في الأسابيع الأولى لعهد العماد عون بدأت تظهر التناقضات بين نظرتنا للأمور ونظرة فريقه للأمور، مما أدى إلى خلاف مبكر جدا في الأشهر الأولى، وقع خلاف بيننا وبين جبران باسيل وفريقه، ومنذ ذلك الوقت ونحن على طرفي نقيض”.
وعما إذا كان معنى ذلك أنه قد يلجأ إلى اختصار الطريق ويبدأ في التفاوض مباشرة مع جبران باسيل، رد جعجع:”لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين، ولا أظن أن الأمور مطروحة بهذا الشكل”.
وعن موقف الجيش اللبناني من الاحتجاجات التي تندلع في لبنان منذ تشرين الاول الماضي، قال:”من بين كل إدارات الدولة بقي الجيش اللبناني النقطة المضيئة الوحيدة. لقد تعاطى الجيش اللبناني مع أحداث الشارع اللبناني منذ ستة أشهر إلى الآن بكل حكمة وروية وحزم، وفي الوقت نفسه حافظ على الأملاك العامة والخاصة وترك كل المجال للناس لتعبر عن رأيها، وبالتالي استطاع أن يجمع التناقضات من كل هذه الزوايا، فكان تصرف الجيش اللبناني في أكثرية الأوقات مثاليا في هذه الناحية، فهو قد حافظ على أمن المتظاهرين من جهة، وأمن البلاد والعباد والأملاك الخاصة والعامة من جهة أخرى”.
وعما إذا كان كلامه يعني أن الحل في لبنان قد يأتي من ناحية الجيش، قال جعجع:””هذا شيء آخر مختلف تماما، أنا اتحدث عن تعامل مؤسسة الجيش خلال الستة أشهر الأخيرة، والحقيقة كان دور إنقاذي جدا”.
أما إذا ما كان مطروحا أن يقوم بمبادرات سياسية جديدة بالتفاوض مع كل القوى للخروج من الأزمة الحالية، فأشار إلى أن “كل شيء ممكن، لكن لننتظر ونرى”.
وعما إذا كان هناك من مشاورات مع الرئيس سعد الحريري، أكد أن “التواصل مستمر وموجود، وإن كان في حده الأدنى خلال هذه المرحلة، وهو موجود ومستمر مع أطراف آخرين أيضا من 14 آذار”.
ومن هو المتسبب في عرقلة سبل الحل السياسي للأزمة السورية؟ رأى جعجع أن “هذا واضح جدا، ولا يحتاج لتحليل ولا معلومات، طالما أن بشار الأسد موجود فلا إمكان لأي حل سياسى في سوريا. بشار الأسد وطبيعة نظامه، هما ضد أي حل سياسي، وبالتالي وقبل الاستانة والاتفاق الروسي التركي، كان هناك جنيف 1 وجنيف 2 وقرارات مجلس الأمن، لكن بشار الأسد يريد أن يستمر كما هو، وكأنه لم يحدث شيء في سوريا، ضاربا بعرض الحائط كل المبادرات السياسية التي طرحت، ومن هنا فهو غير مهتم بأي حل سياسي، وعمليا أعتبر أن بشار الأسد لديه علاقة وحيدة مع إيران، وأما روسيا بحكم الأمر الواقع والضرورة فقط لا غير، وبالتأكيد فإن نظام قائم على علاقة وحيدة في هذه الدنيا ليس لديه مقومات الاستمرار. طالما بشار الأسد موجود في سوريا فلا تحلم بأي عملية سياسية فعلية”.
سئل:”ما رأيكم في دور بعض الأطراف الإقليمية لعرقلة جهود التسوية والحل في لبنان وسوريا”، أجاب:”في ما يتعلق بلبنان فإن الوضع معقد ويلزمه تحليلا مستفيضا في ما لو أردنا الغوص فيه. أما في سوريا فرأيي أن العائق الاساسي هو العامل الإيراني، وطالما العامل الإيراني موجود فإن بشار الأسد سيبقى في الوضعية نفسها ولن يكون هناك أي مجال لأي عملية سياسية، وفي ما يتعلق بروسيا فإنها تنحو باتجاه الحل السياسي، لكن على ما يبدو الآن أنها لا تملك بمفردها القوة لفرض الحل السياسي في سوريا، لأن الإيرانيين ضد اي حل سياسي، وبالتالي نشهد الجمود الذى نشهده في السنوات الأخيرة”.
وعن شكل العلاقة الحالية بين حزب “القوات اللبنانية” والسعودية، أشار جعجع إلى أنها “جيدة كالعادة وهناك تبادل مستمر للآراء حول أمور المنطقة ولبنان. إنها علاقة تاريخية بالفعل بدأت مع الرئيس المؤسس بشير الجميل في بداية الثمانينات وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا”.
واشار الى ان “العلاقة مع مصر جيدة كالعادة، وهناك تواصل مستمر ومناقشات مستمرة”، وعن رأيه في ما إذا كانت مصر مقصرة في التعامل مع الوضع في لبنان قال:”لا أستطيع قول ذلك، واعتقد أن لدى مصر مجموعة قضايا منشغلة فيها بدء من الوضع الاقتصادي الاجتماعي الذي تحسن كثيرا في الوقت الراهن، وليس انتهاء بالأزمة الليبية وكل أزمات المنطقة، لذلك افهم تماما عدم تمكن مصر من تخصيص وقت أو جهد أكثر للبنان، لكن هذا لا يعني أنها لا تتابع الوضع اللبناني عن كثب، بالعكس هي تتابع عن كثب”.
وعما إذا كان هناك من جديد فيما يتعلق بالوثيقة التي كان حزب القوات اللبنانية قد طرحها بالتعاون مع الأزهر الشريف، ختم قائلا:”الوثيقة ما زالت حية، لكن الظروف الأخيرة لم تفسح في المجال لإتمامها في الوقت الحاضر، وعلى أمل من اتمامها مستقبلا”.