الأزمات تطغى على احتفالية المئة يوم… بعد الحدود والكهرباء صندوق النقد يسأل عن القضاء

22 مايو 2020

لم تنجح الاحتفالية التي أقامتها الحكومة، لمناسبة مرور مئة يوم على نيلها الثقة، كما كانت ترغب، فالانجازات التي أعلنت عنها لم تتعد كونها بعض العناوين الرنانة، في ظل الوضع المتردي الذي تمرّ به البلاد سواء من الناحية المالية والاقتصادية، أو من الناحية الصحية مع عودة أرقام الاصابات بفيروس كورونا الى الارتفاع وبشكل كبير وعودة الحديث عن امكانية عزل لعدد من المناطق جراء الانتشار الكبير للفيروس على أراضيها.

التواصل عاد بين السراي والمصرف المركزي
وعشية الاحتفالية بدا لافتا الاجتماع المالي الذي أعلن عنه بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والذي نتج عنه بيان عن الحاكم أعلن فيه عن تدخله في السوق اعتباراً من 27 من الشهر الجاري للحد من ارتفاع الدولار وتأمين العملة الصعبة لاستيراد المواد الاساسية.

وعزت مصادر سياسية اسباب اعادة التواصل والتنسيق بين رئيس الحكومة حسان دياب والفريق الوزاري مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد فترة من الجفاء، الى تعثر حكومي واضح في تشخيص مقاربة حل الازمة المالية والحاجة الملحة لمشاركة المصرف المركزي في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد باعتباره ملما بالواقع المالي للدولة وبالاسباب التي ادت الى الازمة الحالية. واشارت عبر “اللواء” إلى أن محاولة استبعاد المصرف المركزي عن المشاركة في وضع الخطة والأخذ بملاحظاته ونصائحه عمدا لاسباب سياسية  لم يكن في محله وأظهر بوضوح ان اطرافا سياسية وحزبية معروفة كانت وراء هذا الاستبعاد الذي أدى إلى التأخر في انجاز الخطة المباشرة بالتفاوض مع الصندوق واستفحال الازمة الضاغطة والاهم فشل اسلوب مقاطعة واستعداء الحاكم في الوقت الحالي في إطار تصفية الحسابات السابقة واللاحقة معه.

وحسب معلومات مصادر السرايا، خُصّص الاجتماع للبحث في التطورات المالية والاقتصادية لا سيما وقائع المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي.كذلك جرى التشديد على أقصى حدود التعاون بين الحكومة وحاكمية المركزي وجمعية المصارف، وتنسيق المواقف حول الوضع المالي والنقدي والاقتصادي في البلاد.

واوضحت المصادر أن “نتائج الاجتماع كانت ممتازة للغاية، وعلى أثرها صدر بيان مصرف لبنان أمس حول “اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية الليرة”.
وحسب المعلومات أيضاً، سيصدر سلامة تعميما تفصيليا حول اجراءات الدعم وسيتم تحديد سعر صرف الدولار التجاري ب 3200 ليرة وليس اربعة الاف، لاستيراد المواد والسلع الاساسية مثل الارز والسكر والحبوب وسواها وربما مواد التنظيف لارتباطها بمكافحة وباء كورونا، وهناك ايضا سلة دعم زراعية بناء للائحة سلمها وزير الزراعة عباس مرتضى لرئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد.

واوضحت المصادر ان كلفة الدعم لن تتجاوز مليار دولار كما حددها سلامة. وان المركزي سيضخ دولارات في السوق لخفض الطلب عليه وخفض سعره. وان دياب كان مرتاحاً جدا لنتائج الاجتماع مع سلامة وصفير.

المفاوضات مع صندوق النقد مستمرة
وسط هذه الأجواء، أفادت المعلومات لـ”النهار” مساء ان جولة مفاوضات جديدة عقدت بين الفريق اللبناني وفريق صندوق النقد الدولي بمشاركة حاكم مصرف لبنان وتركزت على ارقام المركزي ووصفت هذه المعلومات أجواء الاجتماع بانها كانت جيدة. وصرح المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس ان موظفي الصندوق يجتمعون مع السلطات اللبنانية في محاولة لفهم وجهات نظرهم وخططهم للمضي قدما بشكل افضل. وكرر ان الخطة الاقتصادية للحكومة هي نقطة بداية جيدة لهذه المناقشات.

وسط ذلك، يعود الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد الدولي، برئاسة وزير المال غازي وزني للاجتماع اليوم، بحضور حاكم المصرف المركزي رياض سلامة على رأس فريق من البنك المركزي وفريق من لجنة الرقابة على المصارف.

صندوق النقد والقضاء
وفي الغضون، يبدو أنّ سؤال القيمين على صندوق النقد عن الإصلاحات القضائية انطلاقاً من الاستفسار عن مصير التشكيلات القضائية والسبب وراء عرقلة ولادتها، “حشر” دوائر السلطة فمنحت الضوء الأخضر لإعادة تحريك عجلة هذا الملف، إذ كشفت مصادر مطلعة لـ”نداء الوطن” أنّ التشيكلات ستصل الأسبوع المقبل إلى قصر بعبدا ليتم وضعها في عهدة رئيس الجمهورية بعد نيلها التواقيع اللازمة من وزيري العدل والمالية ورئيس الحكومة. وأوضحت المصادر أنه بعد تقسيم وزيرة العدل ماري كلود نجم المرسوم الى مرسومين وإرسال التشكيلات المتعلقة بالقضاء العسكري إلى وزيرة الدفاع زينة عكر، تم التوصل إلى صيغة تقضي بإعادة عكر المرسوم الى مجلس القضاء الأعلى مع طلب خفض العدد المحدد بالكادر العسكري إلى 12 بدلا من 18، مشيرةً إلى أنّ هذه الصيغة ستحظى بقبول مجلس القضاء باعتبارها لا تتعارض مع الأصول القانونية المرعية في التشكيلات لا سيما وأنّ العدد المحدد في الملاك هو 12 فعلياً والقضاة الستة الإضافيون إنما تم ضمهم إلى لائحة التشكيلات تحسباً للحاجة إلى أعداد إضافية في المحكمة العسكرية.

وعليه نقلت المصادر أنّ مجلس القضاء الأعلى سيعمد إلى شطب 6 أسماء من التشكيلات العسكرية والإبقاء على 12 اسماً من دون أن يقبل بتدخل أي جهة سياسية في تعديل الأسماء التي يختارها لملء المواقع القضائية، على أن يُرسل المرسوم مجدداً إلى وزيرة العدل بحيث سيُعاد دمج المرسومين (العدلي والعسكري) في مرسوم واحد بحسب الأصول ويُرسل الى وزير المال ورئيس الحكومة للتوقيع عليه تمهيداً لرفعه إلى رئاسة الجمهورية. وهنا عبرت المصادر عن توجس لا يزال يحيط بالملف جراء استمرار “عقدة القاضية غادة عون على حالها”، موضحةً أنّ دوائر القصر الجمهوري لا تزال تلوّح بعدم إقدام رئيس الجمهورية على توقيع مرسوم التشكيلات القضائية قبل التوصل إلى تسوية معينة بشأن المركز القضائي المنوي إسناده إلى القاضية عون، مع إمكانية الإصرار على إبقائها في موقعها الحالي حيث يبدي رئيس الجمهورية حماسةً لاستمرارها في عملية فتح الملفات ومتابعتها باعتبارها “ذراع العهد” القضائية، وهنا بيت القصيد في عدم تحديد رئيس الجمهورية موعداً حتى الآن لاستقبال رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود تأكيداً على أنه لن يرضى بالتخلي عن القاضية عون.