ليست المرة الأولى التي يستقطب زياد أسود الأضواء، الشتائم من خصوم تياره “الوطني الحرّ”، على المقدار ذاته من الإشادات، مع أنّ نسبة الأولى أكبر بكثير من الثانية.
الأرجح أنّه، بينما كان يعيد قراءة التعليقات التي سُجّلت على حسابه على تويتر، بعد نشره فيديو يوثّق المقطع حيث يتحدّث عن حزب الله “بلا كفوف” أو كمّامات، تبيّن له أنّ منتقديه يتجاوزون كمّاً ونوعاً في الكلام، أولئك الذين أثنوا على مواقفه الجديدة من نوعها وفي توقيتها.
لم يصب بالإحباط أو الثقل على صدره.
تدلّ سيرة الرجل، مذ دخل البرلمان، أنّه مهجوس بصفة “المشاكس” التي اختارها بعض مؤيديه من أبناء جزين، في دلالة منهم على جرأة نائبهم واندفاعته. لكن بوجه من؟
لا يكاد يمرّ شهر أو شهران، حتّى يعود زياد أسود إلى المسرح.
تارة من خلال “فيلم أكشن” مع “الثوار” حين قصدوه في أحد مطاعم منطقة جل الديب، وكانت نهاية المشهد “بحرية” بأن هرب في “فلوكة الخلاص” من الخلف، بدل الخروج من باب المطعم إلى سيّارته.
وطوراً من خلال سجالات لا توفّر نائباً أو وزيراً، كما فعل مع جمال الجرّاح خلال جلسات إحدى اللجان النيابية، مردّداً: “أقعد محلّك ولاه….. ما تتمرجل”.
أما خبزه اليومي، فهو منصة تويتر الشاهدة على مشادّات كلامية لا توفّر حليفاً ولا خصماً.
يعشق النائب الجزيني الضوضاء.
يعتمدها فرضه اليومي ، ولكن من باب شدّ العصب المسيحي. في رأسه، الآلة الحاسبة شغّالة على الدوام.
كاد الاستحقاق النيابي الأخير أن يطيح برأسه، بترجيح من رئيس حزبه جبران باسيل، لمصلحة أمل أبو زيد.
هو يدرك أنّ عليه إنقاذ نفسه بمسيحيّته الفائضة ، وإلا ستتركه اللوحة الزرقاء.
لذا يخوض معركته “بنَفَس تعبوي” لا يترك بينه، وبين الجمهور الشيعي، للصلح مطرح.
ولهذا تراه يحتار من أيّ كوّة ينفذ إلى الخطاب المسيحي الشعبوي. وأكثر.
لذا اختار في مقابلته الأخيرة على شاشة otv، أن يقول الأمور من دون مراعاة خواطر حلفائه أو تجميل أفكاره وتعابيره: “مش رح فينا نضلّ حاملين بارودة وشعبنا جوعان”، مؤكداً أنّ ثمن وجود سلاح “حزب الله” يدفعه “كلّ اللبنانيين”.
ولذا، “ما بيقدر “حزب الله لحالو يصمد إذا ما في تضامن وطني حولو وما بيصمد لو قاعد تحت مية طابق بالضاحية”.
يقول أحد رفاقه: “هذا هو زياد أسود. هذه هي طريقته”.
قد تصحّ هذه النظرية لو أنّ رئيس “التيار” جبران باسيل لم يسبقه بأيام معدودة إلى ملعب التمايز مع “حزب الله” بأشواط.
كان الخلاف الأخير حول معمل سلعاتا لإنتاج الكهرباء مقدّمةً لكي يخرج عاتباً في مؤتمره الصحافي الأخير، شاكياً بأن لا “حليف” له في مُحاربة الفساد.
يشدّد نائب “تكتل لبنان القوي” على “عدم وجود من أمر عمليات داخلي دفع إلى تظهير التباينات مع الضاحية الجنوبية. الأهم من ذلك كله، أنّ زياد أسود ليس من قماشة النواب الذين يخدمون مصالح جبران باسيل”
فهل هي أجندة عونية جديدة؟ هل نجحت الضغوط الأميركية في “فخت” دفّ “عشّاق مار مخايل”؟ وهل بات التمايز سمة المرحلة المقبلة؟
يتحدّث عونيون عن “جوّ جديد في قواعد التيار”.
ويعرف جبران باسيل أنّ القواعد المسيحية بدأت تميل صوب “الكتائب”، المعارضة، وصوب “القوات” التي عرف قائدها سمير جعجع كيف يستثمر في الثورة وفي المعارضة، وفي الوقت نفسه في تعامله مع بعبدا، كدعم استراتيجي للموقع المسيحي الأوّل.
لكنّ عونيين آخرين يريدون أخذ الأمور إلى مكان آخر.
يقول أحد نواب “تكتل لبنان القوي” إنّ “التمايز مع “حزب الله” ليس جديداً، وسبق للعلاقة الثنائية أن شهدت الكثير من النزلات على مقدار الطلعات.
فنحن حليفان ولسنا حزباً واحداً ومن الطبيعي أن تقع الاختلافات. ولكن لا خلاف جوهرياً و”التيار” ليس من طينة الأحزاب التي تبدّل حلفاءها غبّ الطلب.
ثمة وجهات نظر مختلفة. ولكن تزامن كلام باسيل مع كلام زياد أسود، ليس تعبيراً عن قرار حزبي أو أجندة جديدة”.
النائب الذي طلب عدم نشر اسمه، يؤكد أنّ “رئيس التيار منزعج من استبعاد مشروع معمل سلعاتا، وهو يقول أمام نواب التكتل إنّه لا بدّ من مشروع إنتاج معمل للطاقة في منطقة مسيحية، وهذه ليست اعتبارات شخصية ليتمّ التعامل مع المعمل على أنه معمل جبران باسيل”.
أما زياد أسود، فله طريقته الخاصة في التعبير وهذه ليست مستجدة.
وهو لم يتعرّض للتحالف مع حزب الله، وإنما عرض الأمور كما هي ربطاً بالضغوط السياسية التي يتعرّض لها لبنان، والتي قد تضع سلاح حزب الله على طاولة المفاوضات.
ولذا دعاه إلى تحصين وضعه في الداخل لكي يربح التضامن الداخلي، وإلا فإن البحث عن لقمة الخبز قد تجعل سلاحه بلا حليف”.
ويشدّد نائب “تكتل لبنان القوي” على “عدم وجود من أمر عمليات داخلي دفع إلى تظهير التباينات مع الضاحية الجنوبية. الأهم من ذلك كله، أنّ زياد أسود ليس من قماشة النواب الذين يخدمون مصالح جبران باسيل”.
فهل أراد هذا النائب الإيحاء بأنّ زياد غرّد خارج السرب؟ أو أنّ باسيل سيتبرّأ منه قريباً؟ خصوصاً بعد معلومات عن لقاء بين باسيل ومسؤول التنسيق في حزب الله وفيق صفا، مباشرةً بعد مؤتمر باسيل الصحافي يوم الأحد الماضي.