السباحة هذا الصيف: الشواطىء ممنوعة.. والمسابح “نار”

26 مايو 2020
السباحة هذا الصيف: الشواطىء ممنوعة.. والمسابح “نار”
نسرين مرعب

“المسابح مسموحة”، وارتياد شاطىء البحر ممنوع. هذا هو قرار الحكومة الذي صدر عن وزارة الداخلية، وسمح للمواطنين بارتياد المسابح التي تستخدم مادة الكلور في برك السباحة، ومنع ارتياد الشواطىء، خوفاً من عدم السيطرة على التباعد الاجتماعي، في غياب الرقابة على الشواطىء العامة، خلافاً لرقابة الموظفين في المسابح الخاصّة.

الرئيس السابق لـ”الجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية” الدكتور زاهي الحلو يختلف مع هذا القرارا، ويقول في حديث لـ”أساس” أنّ “البحر أفضل من المسابح إذا كان نظيفاً،. فالبحر مداه واسع والرمل لا يحمل فيروس كورونا ولا ينقله”. يغيب عن بال الدكتور الحلو أنّ اللبنانيين باتوا يتخالطون في الأسواق وفي الشوارع، وفي المساجد، فكيف إذا سمح لهم بارتياد الشواطىء.

الحلو يعتبر الخطر قائماً “في الشواطىء وفي المسابح، ويجب أن يفرض في المكانين التباعد الاجتماعي، وضع الكمامات على الوجه، وغسيل اليدين بشكل دائم عند لمس أيّ شيء”.


المسابح قادرة على ضبط التباعد والوقاية بشكل أفضل مع قدرة استيعابية فرضت عليها بنسبة 50%


أما بالنسبة إلى المسابح فيعتبر الدكتور الحلو أنّ الكلور وحده ليس كافياً: “علينا أن نرى كم مرّة يغيّرون المياه في البرك، وكيف يعقّمون الأسطح والمقاعد. كما يجب أن يكون لكلّ شخص منشفته وقناعه وموادّ تنظيف اليدين الخاصّة به”.

لا يرى الدكتور حلو منطقاً في فتح المسابح وإبقاء الأندية الرياضية مغلقة: “إما أن يغلقوا جميع الأمكنة أو أن يفتحوها جميعاً. لا معنى للاستنسابية”.

وعن تأثير الحرارة المرتفعة التي شهدناها خلال الأيام الماضية على احتمال تراجع انتشار الفيروس وتفكيكه تحت أشعّة الشمس، خصوصاً على الأسطح المشتركة والمكشوفة، يوضح الحلو أن “لا شيء يؤكد هذا النظرية. فالفيروس انتشر في العديد من البلدان الحارّة. ولكن من الواضح أنّ طبيعة الفيروس تختلف بين دولة وأخرى. وفي لبنان ما زال الوضع مقبولاً. أما المشكلة حالياً فهي بالوافدين”.

إلى ذلك أثارت أسعار المسابح جدلاً لاسيما مع الأوضاع الاقتصادية السيئة. وكانت الأسعار تتراوح في العام الماضي بين 25 ألفاً و100 ألف للشخص الواحد. ما يعني أنّ عائلة مؤلفة من 6 أشخاص تتكبّد مبلغ 150 ألفاً لارتياد مسبح متواضع لساعات قليلة، هذا طبعاً دون كلفة الطعام والشراب، الذي يباع في المسابح بأسعار سياحية ويمنع على الزبون أن يدخل الطعام أو الشراب معه من الخارج.

وكان مستشار وزير السياحة، مازن بو درغام، قد تبرّأ في حديث صحافي، من أسعار المسابح، مؤكداً أنّ الوزارة لا تتدخّل في تحديدها. ما يضع المواطن بين قرار وزاري يمنعه من ارتياد البحر وقرار آخر يرميه في شباك “كارتيل” المسابح.

إلى ذلك يؤيد مصدر طبيّ، في حديث لـ”أساس” القرار الصادر بفتح المسابح دون الشواطئ: “شواطئ لبنان بمعظمها مختلطة بمياه الصرف الصحّي وتحوي أنواع مختلفة من الملوثات، كما أنّ فرض التباعد الاجتماعي على الشواطئ العامة ليس سهلاً إن لم نقل مستحيلاً”.
وبحسب المصدر فإنّ “المسابح قادرة على ضبط التباعد والوقاية بشكل أفضل مع قدرة استيعابية فرضت عليها بنسبة 50%”.

وللوقوف عند أسعار المسابح هذا العام، والإجراءات المنوي اتباعها للوقاية، تواصل موقع “أساس” مع عدد منها.

مسبح “mandolin” في بيروت، وفي اتصال معه، أوضح أنّ أبوابه ستشرع في الأسبوع المقبل، مشدّداً على الالتزام بالإجراءات الصادرة عن وزارة الصحة، وعدم استقبال أكثر من 50 % من القدرة الاستيعابية، أيّ ما يقارب 70 شخصاً بدلاً من 140، مع مسافة تباعد تقدّر بمترين بين كلّ طاولة وأخرى.

وفيما يتعلّق بـ”الدخولية”، فأشار إلى أنّها ستبقى تقريباً كما هي (بين 30 و40 ألفاً) مع ارتفاع بسيط.

لم يحدّد مسبح “Edde Sands” في جبيل بعد موعد افتتاحه، وتعدّ “الدخولية” إلى هذا المسبح مرتفعة نسبياً، إذ يبدأ السعر من 60 ألفاً ويرتفع ليتخطّى الـ100 ألف، استناداً إلى “الأوبشن” الذي يختاره الزبون.

إدارة المسبح، وفي اتصال مع “أساس”، أوضحت أنّها أمام تحدٍّ كبير، فتحضير المسابح يحتاج لوقت وهم يدرسون الموضوع، آخذين بعين الاعتبار كلّ تفاصيل حركة الزبون منذ دخوله حتى مغادرته، وكلّ حركات الموظفين “كي يكون كلّ شيء آمناً”.

وفيما يستعدّ المسبح للتعامل مع شركات وفق تقنيات جديدة تساعد على تطبيق أعلى إجراءات السلامة من بينها قياس كمية الكلور، يشير المصدر الإداري في المقابل إلى أنّ الكثير من الأمور تغيّرت من الناحية المادية، رافضاً التعليق على رفع الأسعار فـ”الموضوع قيد الدرس وهناك قصة فرق سعر الدولار على اللبناني”.

مسبح “Pool D’état” في بيروت صغير جدا، وتبعاً لقرار الوزارة شرّع أبوابه: “البركة ليست كبيرة ونضع الكلور، ونعقّم المقاعد وجميع الأسطح. إضافة إلى ذلك نحافظ على مسافة التباعد ونفرض ارتداء الكمامة”، بهذه العبارات يجيب المشرف على المسبح عند سؤاله عن الإجراءت.

المسبح لن يستقبل أكثر من 30 % من قدرته الاستيعابية. ويقدّر العدد بـ40 شخصاً لكن “لا يأتي 40 زائراً يوميأ”، بحسب المشرف الإداري. أما الأسعار فما زالت على حالها “15 ألفاً من الإثنين إلى الجمعة. 20 ألفاً نهاية الأسبوع. والأطفال 5 آلاف ليرة أو مجاناً”.

يتهيّأ مسبح “Sunny Land” في زحلة أيضاً لتشريع أبوابه في حزيران، وفق ما يؤكد صاحبه نجيب روحانا لـ”أساس”، موضحاً أنّه سيتلزم بالتعليمات الصادرة إن من جهة فحص حرارة الداخلية والتأكّد من سلامتهم، أو من جهة اشتراط ارتداء القناع والمحافظة على نسبة الكلور العالي في البرك والالتزام بالتباعد الاجتماعي وتعقيم الأسطح باستمرار.

المسبح يستوعب في الأيام العادية 100 شخص. إلا أنّه لن يستقبل في ظلّ أزمة كورونا أكثر من 45 أو 50 شخصاً كحدّ أقصى. أما الأسعار فهي وفق روحانا لن تتغيّر “البلد منهار اقتصادياً ومفلس. وأنا لن أغيّر أسعار الدخول التي لا تتخطّى الـ25 ألفاً للشخص الواحد”.

يشار إلى أنّ عدداً من الدول الأوروبية شرعت في تنظيم الشواطىء ليرتادها المواطنون، منها إسبانيا، حيث ستستخدم إدارة البلدية المحلية في كاني دون بيرينغيه، الشِّباك لتقسيم الشاطئ إلى مربّعات، كلّ مربّع يبتعد مترين عن الآخر. وهذه الأقسام ستحدّد على الرمال، كما سيتم حجز نوبة محدّدة لكلّ زائرة أو مجموعة، إما في الصباح أو بعد الظهر، وليس طوال النهار.

أما  في سانكسينكسو (Sanxenxo) الإسبانية، على المحيط الأطلسي، فسيسمح للزوّار بدخول الشاطئ على قاعدة “من يصل أولاً يحجز مكانه”. وسيتم فرض مساحات تباعد بنحو متر ونصف المتر بين الزوّار، وسيُفرض استخدام أوتاد خشبية وشرائط تربط بينها لتحديد المربّعات الصغيرة المخصّصة لبضعة زوّار فقط، أو مربّعات أكبر لمجموعات أكبر. وسيقوم عمّال المدينة بمراقبة الدخول إلى الشاطئ، ومرافقة الزائرين إلى كلّ قسم.