مؤشرات معيشية واقتصادية واجتماعية بالغة الخطورة بدأت تظهر في مختلف المناطق اللبنانية في الآونة الأخيرة، تنذر بثورة جياع آتية لا محالة، وبفوضى شاملة قد لا يستطيع أحد أن يقف في وجهها، وازدياد نسب البطالة، ومعها الفقر والعوز والاستدانة، والسرقة ولو بهدف سدّ الرمق، وسط غياب تام للدولة وللجهات الإجتماعية والخيرية عن المشهد تماماً، مع أنه يفترض أن تكون مستنفرة هذه الأيام وأن تؤدي واجباتها على أكمل وجه.
الإضاءة ولفت الأنظار إلى عينة من هذه المؤشرات قد تكون كافية ليشعر الجميع بالخطر القادم الذي يهدد الجميع بلا استثناء، ومن أبرز هذه المؤشّرات التي شهدتها أكثر من منطقة لبنانية، النقاط التالية التي ستذكر بلا تعليق:
أولاً: مقتل رجل الأعمال أحمد المظلوم بطق ناري أصيب به في رأسه في مشغل خياطة يملكه في محلة الهيكلية قرب طرابلس. سرعان ما تبين أن القاتل، الذي تم توقيفه، هو عامل بالمشغل وقام بفعلته بعدما صرفه المظلوم مع آخرين من عملهم بسبب الركود وتوقف الأعمال.
ثانياً: نفّذ عمّال وموظفو شركة “هولسيم” لإنتاج الإسمنت في بلدة الهري قرب شكا، إعتصاماً داخل حرم الشركة إحتجاجاً على توقف العمل في مقلع الشركة منذ أيلول 2019 ما يهدد بإقفال الشركة بسبب عدم تمكّنها من استخراج المواد الأساسية لإنتاج الإسمنت، وبذلك سوف يصبح العمال والموظفون مهدّدين أيضاً بصرفهم من العمل. كما قاموا في وقت لاحق بقطع أوتوستراد طرابلس ـ بيروت الدولي في الإتجاهين أمام مدخل الشركة.
ثالثاً: نفّذ أهالي الموقوفين الإسلاميين إعتصاماً أمام المدخل الرئيسي لمبنى سراي طرابلس وسط تدابير أمنية مشدّدة، إحتجاجاً على عدم إقرار قانون العفو العام والشامل في الجلسة التشريعية يوم الخميس الماضي، بعدما شهدت مناطق لبنانية عدّة قطعاً للطرقات واحتجاجات عديدة نتيجة عدم إقرار القانون، وسط أجواء وخطب طائفية ومذهبية خطيرة، وتلويح بتصعيد التحركات في الأيام المقبلة.
رابعاً: واجه القاضي المنفرد الجزائي في صور، محمد مازح، في الأيام الأخيرة شكاوى وتهم ودعاوى لم يسبق أن واجهها من قبل. منها: سرقة صندوق حامض، سرقة رأسين من الماعز، سرقة علبة حليب للأطفال من صيدلية، سرقة معلّبات من سوبرماركت، وغيرها من سرقات قام بها مواطنون من أجل تأمين لقمة العيش لهم ولعائلاتهم.
القاضي محمد مازح نقل عنه قوله: “السارق سرق عن حاجة، فالأولى أن تُقطع يد الحاكم”، و”من الممكن الناس تقتل حتى تأكل”، و”إلى هنا أوصل الحكّام الناس”، لأنّهم “لو قاموا بأقلّ الواجب تجاه المواطنين، لما أوجدوا عذراً للناس كي يسرقوا”.
خامساً: خلال جلسة المفاوضات بين ممثلي صندوق النقد الدولي والوفد اللبناني، قال ممثلو الصندوق، بأنّه “ليس هناك دولة في العالم يعمل فيها المصرف المركزي بالطريقة التي يعمل فيها في لبنان، أيّ أنّه إقترض من المصارف وأقرض الدولة بنسب مرتفعة، أدّت إلى زيادة مستوى المخاطر على أموال المودعين”.
ونقل عن الوفد قوله إنّ “تقسيط الخسائر بالطريقة التي يطرحها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيؤدي إلى طباعة الكثير من الأموال بالليرة، ما يؤدّي إلى تضخم واسع وإلى مزيد من التدهور في سعر صرف الليرة مقابل الدولار، الذي قد يصل في هذه الحالة إلى 10 آلاف ليرة مقابل الدولار، وربما يصل إلى 20 ألف ليرة”.
واقترح وفد الصندوق على الحكومة، للخروج من الأزمة أن “ينخرط كبار المودعين في عملية شطب الخسائر، من خلال منحهم أسهماً مقابل الخسائر اللاحقة برساميل المصارف، وحماية صغار المودعين من التضخّم الذي قد ينشأ عن طباعة النقود”.