مصادر قضائية كشفت في اتصال مع “الأنباء” انه عندما طُرح اسم القاضي سهيل عبود لرئاسة مجلس القضاء الأعلى الذي ترافق مع تسويق إعلامي لافت في حينه لِما يتميز به عبود من سمعة طيبة وضمير مهني وشفافية في العمل القضائي، مع ما يملك أيضاً من مناقبية وأخلاق، فإنّ من دفع إلى تعيينه لم يكن هدفه بريئا، ولم يكن المقصد من تسميته في هذا المنصب الشروع في ورشة الإصلاحات انطلاقا من إصلاح القضاء بشكل عام ورفع يد السياسيين عنه والانتقال الى محاربة الفساد ووضع حد للاهتراء الحاصل في الادارة العامة والممارسات المعتمدة، بل كانت الخطة الفعلية يومها تقوم على المجيء بقاض نظيف الكف الى رئاسة مجلس القضاء الأعلى ثم العمل على تكبيله وشل حركته دون السماح له بالقيام بأي إصلاح.
لكن وبحسب المصادر القضائية، فإن “هذه المحاولة فشلت مع إصدار القاضي عبود لأول مرة بتاريخ لبنان أول تشكيلات قضائية بهذه الشفافية، لأنه عكف منذ اليوم الأول له على إجراء دراسة دقيقة لملفات القضاة الذين شملتهم التشكيلات من أصحاب النزاهة والكفاءة وظيفياً وسلوكيًا، فكان ما جرى من تعطيل للتشكيلات وتجزئتها وذلك أسوة بكل الملفات الأخرى التي يتم تعطيلها من قبل الفريق السياسي نفسه”.
المصادر نقلت عن القاضي عبود إصراره على إصدار ملف التشكيلات كما هو، لكن يبدو ان دوائر في الحكم لديها تحفظات وتحاول بشتى الطرق أن تسقط بعض الأسماء ضمن هذه التشكيلات، لكنها تواجه برفض شديد من عبود الذي تقول مصادره “إما ان تصدر التشكيلات كما صدرت من مجلس القضاء الأعلى من دون اية تعديلات، أو أن المسألة لن تمر”.
وبناء عليه، فإن حال المراوحة في هذا الملف، خاصة وأن البلد على أبواب عطلة قضائية، قد تستمر حتى افتتاح السنة القضائية، أي الى ما بعد العاشر من تشرين الأول.
وشددت مصادر متابعة عبر “الأنباء” على ضرورة “عدم كسر كلمة مجلس القضاء الاعلى كمنطلق اساسي لصون استقلالية القضاء، التي تشكل مدخلا اساسيا وحقيقيا للإصلاح اذا ما كانت النوايا الاصلاحية صادقة بمحاربة الفساد، ومتى تم تحصين القضاء وإقرار قانون استقلالية القضاء وترجمته قولا وفعلا حينها فقط يمكن القول إن الاصلاح بات على السكة الصحيحة”. المصادر أكدت أن “لا خلاص للبنان من حالة الاهتراء الاداري التي يعيشها في ظل محميات الفساد والصفقات إلا باصلاح القضاء لإعادة هيبة الدولة”.
التشكيلات القضائية في ‘التنويم المغناطيسي’.. عبود يرفض التعديل
هل يُرحَّل ملف التشكيلات القضائية العالق منذ أكثر من شهرين في أدراج الوزراء إلى ما بعد العطلة القضائية في الخريف المقبل؟ وكيف تستقيم مطالبة المشاركين بالحكومة بشعار استقلالية القضاء فيما لا سبب طوال هذه المدة لكل هذا التسويف والتأخير في بت التشكيلات؟ وما حقيقة الخلاف حول هذا الملف؟