والثاني هو خطاب المفتي الجعفري الشيخ احمد قبلان الذي أعلن فيه وفاة الصيغة والميثاق الوطنيين، كما نسف وثيقة الوفاق ونظام الطائف بكل مندرجاته، داعياً الجميع الى البحث عن صيغة جديدة. وهي الدعوة التي تضمر في طيّاتها إسقاط مبدأ المناصفة وتأسيس الارضية الصلبة لمعادلة أخرى، من المثالثة إلى سواها، عبر مقولة المؤتمر التأسيسي الذي لطالما ضجّت به الاوساط الشيعية منذ فترة طويلة.
بعكس التحليلات والتفسيرات، الخطابان لم يكونا متناقضين. ولم يوجّها على الأقل إلى عنوانين مغايرين. ولم يأت واحدهما لينسف الآخر. لا بل في عمقهما يعتبر البعض انهما أتيا مكمّلين لبعضهما، أي انهما وجهان لعملة واحدة، عاملة على خط وجهة واحدة هي واشنطن.
فبرأي هذا البعض، سارعَ باسيل الى مخاطبة واشنطن على قاعدة: ماذا تعطيني لأبتعد عن السلاح؟ أو بالحد الأدنى: أعطني وعداً، أعطِك حزباً…
فجاء الرد عليه سريعاً من قبلان، المحسوب على رئيس المجلس النيابي والذي يدور في فلك “حزب الله”، مخاطباً واشنطن من خارج دائرة الحزب المعروفة، برسالة مشفّرة الى الاميركيين، تكاد تقول: “شو بدّك فيه بابتزاز جبران وعجزه… خَلّينا ناخد الدولة، ونحنا منسلّمها السلاح”.
وفي خلفية هذا التشفير، إفهام واشنطن انّ “اي عرض لا يوافق عليه الثنائي الشيعي، او بالحد الأدنى لا يمر عبر قنوات حارة حريك، مصيره الفشل. فكيف اذا كان مبنياً على قاعدة الابتزاز والمناقصة السياسيين المغشوشين، كما حال عرض باسيل”.