موسكو تستغرب ما كتبه دياب في ‘الواشنطن بوست’… دعم لبنان مالياً رهن بالمرحلة المقبلة

3 يونيو 2020
موسكو تستغرب ما كتبه دياب في ‘الواشنطن بوست’… دعم لبنان مالياً رهن بالمرحلة المقبلة

في الشكل والمضمون تبدي روسيا استعدادها الدائم لمساعدة لبنان في ملفات عديدة، وهي لطالما سعت إلى الارتقاء بعلاقاتها الاقتصادية والتجارية مع حكوماته المتعاقبة، بيد أن الخشية اللبنانية من ردة الفعل الأميركية كانت تقف عائقاً أمام دخول العديد من الاتفاقيات في المجال العسكري حيز التنفيذ.


في المبدأ، تقف موسكو على مسافة واحدة من الحكومة والأحزاب الأساسية، بيد أن بعض السياسيين ينتابه القلق مما يسميه النفوذ الروسي المتزايد في سوريا ولبنان، في حين أن البعض الآخر لا سيما في محور 8 آذار وخاصة “حزب الله”، يتطلع باهتمام الى موقف روسيا المساند للبنان وقضاياه الوطنية في المحافل الدولية، علما أن التمايز إلى حد التباين يحكم في بعض الأحيان علاقة الروس بـ”حزب الله” لا سيما في ما يتصل بالأزمة في سوريا على رغم أنهما تعاونا مع الجيش السوري في مسألة محاربة الأرهاب، في حين أن موسكو على خلاف مع دول إقليمية وغربية، تدعو لبنان إلى إحداث توازن في تعاونه بين الدول الغربية من جهة، والتوجه شرقا من جهة أخرى.

وبينما ينتظر أن يجتمع مجلس الأمن الدولي نهاية شهر آب من العام الجاري للموافقة على طلب الحكومة اللبناينة تمديد ولاية “يونيفيل”، فإن أحداثاً كثيرة استجدت في الآونة الاخيرة ترافقت مع تصريحات تدعو إلى إدخال تعديلات على مهمة قوات “اليونيفيل” في الجنوب، وتكليفها أيضاً ضبط الحدود الشرقية مع سوريا. كل ذلك دفع المعنيين في محور المقاومة إلى الرهان الإيجابي مجدداً على مواقف فرنسا والصين وروسيا في مجلس الأمن.

وفي هذا السياق، تقول مصادر روسية لـ”لبنان 24″ أن لا أسباب موجبة تستدعي أي تغيير في موقف روسيا من القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، فموقف موسكو ثابت لجهة استمرار عملها وفقاً للصلاحيات المسندة إليها من دون أية تعديلات.

وإذ تقدر موسكو، بحسب المصادر، النشاطات المتنوعة لـ”اليونيفيل”، تشير إلى أن الحديث عن توسيع مهامها إلى الحدود الشرقية يتطلب قرارا آخر غير قرار مجلس الأمن 1701، وهذا الأمر غير مطروح بالنسبة للكرملين. وفيما تقول المصادر إن الحديث منذ الآن عن استخدام موسكو حق “الفيتو” سابق لأوانه، على اعتبار أن هذا الموقف يعبر عنه الممثل الروسي في مجلس الامن عملا بقرار الكرملين، فإنها تلفت إلى أن الأدارة الاميركية لطالما جهدت في الماضي لإضفاء تعديل على صلاحيات قوات “اليونيفيل”، غير أن موسكو تصدّت لمحاولات واشنطن من منطلق أن أي تغيير في مهام “اليونيفيل” قد يؤدي إلى تصعيد الأوضاع في الجنوب، والذي لن يصب في مصلحة أحد من الأطراف على كل الجبهات، مع تشديد المصادر على أن موسكو كانت في السابق وستواصل تنسيق موقفها مع الحكومة اللبنانية كفريق أساسي يجب الركون الى قراره في الشأن المتصل بعمل القوات الدولية.

وعليه، تشدد المصادر الروسية على أن ضبط المعابر غير الشرعية يستوجب تواصلاً على المستوى الرسمي بين لبنان وسوريا ولا يكون بنشر مراقبين من قوات “اليونيفيل” على طول الحدود الشرقية والشمالية، لأن من شأن ذلك أن يفرغ 1701 من محتواه.

وسط ما تقدم، لا ريب في القول إن موسكو لم تغير نهجها تجاه لبنان قيد أنملة ولم تتركه في أزماته، فما يهمها أن يبقى هذا البلد مستقراً على المستويات كافة السياسية والمالية والاقتصادية. من هذا المنطلق لم تكن كلمات رئيس الحكومة حسان دياب في مقاله بـ الـ”واشنطن بوست” حول أن روسيا أوقفت صادرات القمح إلى لبنان، صائبة في الزمان والمكان وفق بعض المراقبين، لا سيما أن القرار الروسي الذي صدر بتعليق صادرات القمح الى الخارج لم يكن محصوراً بلبنان فقط، وهو أصلا موقت وتم اتخاذه جراء الأحداث الاخيرة التي استجدت مع أزمة كورونا. وتتحدث مصادر روسية في هذا السياق، عن نية روسيا التفاوض مع لبنان في مرحلة مقبلة حول تصدير كميات كبيرة من القمح إليه، لكن وفقاً لامكانياتها.

وليس بعيدا، تشدد المصادر على أن الحديث عن وديعة مالية روسية إلى لبنان او قرض ميسّر لـ 30 عاماً، تتراوح قيمته بين 600 مليون دولار ومليار دولار كان قبل أزمة كورونا، وربما قد يعود النقاش حول هذه المواضيع في مرحلة لاحقة، لكن ليس الان، لأن موسكو تعيش حالة طوارئ، وتهتم بأوضاعها الداخلية.