من تسنى له بالأمس الإطلاع على البيان الصادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية وما ورد فيه لجهة إتهام “جهات سياسية وإعلامية” بأنها تدّعي من حين إلى آخر بأن رئاسة الجمهورية “تهيمن” على صلاحيات مجلس الوزراء وتنسب إلى فخامة رئيس الجمهورية ممارسات تدّعي أنها تخالف الدستور وتحوّل نظام الحكم إلى “حكم رئاسي” من خلال الإيحاء بـ”مصادرة” دور رئيس مجلس الوزراء، لا يستطيع إلاّ أن يستعين بالمثل المصري المشهور: أسمع كلامك إنشرح أشوف كلامك إتعغب”، وقد تكون قضية سلعاتا وما حصل فيها من ملابسات الردّ المباشر على البيان من دون التشكيك ولو للحظة واحدة بأن فخامة الرئيس غير ملتزم، وفقًا لقسمه الدستوري، بالمحافظة على الدستور، وليس المطلوب منا أن نثبت بالوقائع عكس ذلك، لأن المطلوب أولًا وأخيرًا أن يقنع هذا البيان اللبنانيين، وبالأخصّ أولئك الذين يتحضرّون لتظاهرة تاريخية يوم السبت المقبل، مطالبين بإنتخابات نيابية مبكرة لتصحيح كل هذا الإعوجاج. وقد يكون لسان حالهم أنه لو طبق ما جاء في البيان الرئاسي لكانت الأمور في أفضل أحوالها.
ولكي لا نسترسل كثيرًا في إجتهادات لا تحتاج إلى الكثير من البراهين نكتفي بسرد ما جاء في الدستور لناحية الصلاحيات المعطاة في إتفاق الطائف لمجلس الوزراء، تاركين الحكم النهائي للشعب لكي يقرر إذا ما كانت هذه الصلاحيات منتهكة أو محترمة كما هي:
تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء. ومن الصلاحيات التي يمارسها:
1- وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم، واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.
2- السهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والإشراف على أعمال كل أجهزة الدولة من إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء.
3- هو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة.
4- تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون.
5- حق حل مجلس النواب بناء على طلب رئيس الجمهورية، إذا امتنع مجلس النواب عن الاجتماع طوال عقد عادي أو استثنائي لا تقل مدته عن الشهر رغم دعوته مرتين متواليتين، أو في حال رده الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل. ولا يجوز ممارسة هذا الحق للأسباب نفسها التي دعت إلى حل المجلس في المرة الأولى.
6- عندما يحضر رئيس الجمهورية يترأس جلسات مجلس الوزراء.
مجلس الوزراء يجتمع دورياً في مقر خاص، ويكون النصاب القانوني لانعقاده هو أكثرية ثلثي أعضائه، ويتخذ قراراته توافقياً، فإذا تعذر ذلك فبالتصويت. تتخذ القرارات بأكثرية الحضور. أما المواضيع الأساسية فإنها تحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء. ويعتبر مواضيع أساسية ما يأتي:
حالة الطوارئ وإلغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الإنمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الأولى وما يعادلها، إعادة النظر بالتقسيم الإداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الأحوال الشخصية، إقالة الوزراء.
من بين الأمور، التي تقوم بها حكومة حسّان دياب، والتي تندرج ضمن خانة المضحك المبكي، أن ما تتخذه من مقررات في جلسة السراي برئاسة دياب تبقى معلقة وترحّل من جلسة الثلثاء إلى جلسة الخميس، التي تعقد في القصر الجمهوري، وبرئاسة الرئيس ميشال عون، وذلك للنظر فيها من جديد وإتخاذ ما يجب إتخاذه من إجراءات، وكأن جلسة الثلثاء قد تحوّلت إلى ما يشبه الأمانة العامة، التي تدرس المواضيع وتحيلها إلى جلسة الخميس لإتخاذ القرارات المناسبة في شأنها، وذلك لإفتقاد جلسة السراي لمركزية القرار، فتفضّل أن يتحمّل غيرها معها مسؤولية ما تتخذه من مقررات، مع الإشارة إلى أنها لم تتخذ حتى اليوم أي قرار يستأهل التوقف عنده وإدراجه في خانة الإنجازات، بإستثناء إقرار خطة عودة اللبنانيين المنتشرين في أصقاع العالم ، إضافة إلى مسألة إقرار 400 ألف ليرة لبنانية كمساعدات للعائلات الأكثر حاجة إلى مثل هكذا مساعدات.
وقد تكون قضية سلعاتا أمّ البراهين على أن ثمة من “يهيمن” على قرارات الحكومة، والتي لا تحتاج إلى الكثير من الدلائل لإثبات أن حكومة دياب مغلوب على أمرها.