عند جسر البالما وفي ساحة النور، أقدم عدد من المتحجين على قطع الطرقات وإشعال الإطارات، كذلك فعل آخرون عند أوتوستراد المنية، وذلك احتجاجًا على توقيف الناشط ربيع الزين، ما دفع أنصاره وجماعته للنزول إلى الأرض. وكان الزين قد جرى توقيفه في منطقة جبيل، وقد صدر عن المديرية العامة لأمن الدولة، بيانًا أوضحت فيه أنّ توقيف الزين جاء بموجب مذكرة توقيف غيابية صادرة بحقه وسيتم إيداعه المرجع القضائي المختص.
الشحّ عنواناً
وبعيدًا عن الزين، ثمّة حالة من الغضب تعمّ طرابلس جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية، لا سيما أنّ الناس في المدينة، كأنها صُدمت بواقعها المعيشي وانسداد الأفق أمامها، بعد انقضاء شهر رمضان وفترة الأعياد. وإذا كانت المساعدات والمعونات الغذائية وأموال الفطر والزكاة قد وُزّعت في شهر رمضان الذي يُعدّ “شهر خير” في المدينة، فإن أهلها يدركون أنّ “الشحّ” هو عنوان المرحلة المقبلة، التي ينعدم فيها بريق الأمل للخروج من هذه الأزمة الكارثية اقتصاديًا ومعيشيًا، وفي ظل الغلاء الفاحش بأسعاد المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية لحياة المواطنين.
“الثورة ليست للبيع”
ويبدو واضحًا أنّ عددًا كبيرًا من ناشطي طرابلس، يستعدون للمشاركة في تظاهرة بيروت السبت المقبل. وتحت شعار “الثورة ليست للبيع”، انطلقت من ساحة النور مسيرة شعبية ضمت المئات، رجالًا ونساءً وشبانًا، وجابت شوارع المدينة طرابلس، رفع فيها المتظاهرون شعارات ضد السلطة الحاكمة، وأطلقوا هتافات طالت الطبقة السياسية الحاكمة والمصارف، وأكدوا أن “ثورة 17 تشرين” ما زالت مستمرة. كذلك، عمد عدد من المتظاهرين إلى طلاء الجدران والأرصفة في بعض الشوارع بشعارات الثورة.
وواقع الحال، يبدو أنّ البطالة التي كسرت رقمًا قياسيًا في لبنان عمومًا وطرابلس على وجه التحديد، هي الدافع الأبرز لغليان الشارع وغضب الناس، بعد أن أضحت النسبة الأكبر من فئة الشباب والشابات عاطلة عن العمل.
في ساحة النور، يشير المواطن طه الرطل لـ”المدن” أنه لن يغادر الشارع بعد اليوم من أجل مطالبه. قال: “أنا رجل من دون عمل منذ 4 سنوات، ونحن في طرابلس متروكون من دون وظائف ولا طبابة، والدولة حرمتنا من أبسط حقوقنا في الاقتصاد والإنماء، وأجد نفسي عاجزًا عن فعل أيّ شيء لمستقبلي ومستقبل أولادي، وعليهم هذه المرة أن يحذروا من غضبنا”. يقاطعه أحمد (30 عامًا) بالقول: “لدي 3 أولاد وكنت أعمل نجار موبيليا، وقد توقفت عن عملي وأغلقت محلي في الميناء بعد 17 تشرين وتدهور الأوضاع الاقتصادية، ولديّ قرض متعثر بـ12 مليون ليرة لا أملك منه شيئًا، فيما السلطة لا تبادر لتقديم أيّ حلّ لنا، ثمّ يسألون عن سبب نزولنا إلى الشارع”. شاب آخر يبلغ 23 عامًا يضيف: “نحن شباب لا قيمة لنا في هذا البلد، وفي كلّ مرة أسعى فيها أن أعمل ناطورًا، أجد أن الأمر يحتاج إلى واسطة أيضًا، بعد أن فقدت الأمل بإيجاد أيّ فرصة أخرى”.