لم تكن ورش الاتصالات الجارية معلنة، وان تسرّبت بعض المحاضر عن عدد منها، بما حفلت به من مناقشات متخصّصة ومعمقة، في مرحلة من المراحل. فقد بقيت التحضيرات الجارية قائمة في اكثر من منطقة على اكثر من مستوى، في انتظار ساعة الصفر. فكل الاستعدادات التي جرت، وباستثناء تلك المتخصصة، التي تناولت عناوين سياسية واقتصادية ونقدية وبيئية، وتلك المتصلة بالبحث عن مكامن الفساد في الادارات والمؤسسات العامة، فقد بقي التصميم قائماً على ان تستعيد الثورة وهجها في الشارع فور انتهاء المراحل الصعبة والمعقّدة من حال «التعبئة العامة» التي ستسمح بالعودة الى الساحات والشوارع وفق قواعد سليمة ومسالمة.
قبل اسبوعين تقريباً، كانت ملامح بداية تخفيف حالات الإغلاق التي رافقت المواجهة مع الوباء، بدأت بالظهور تدريجاً. فانطلقت فكرة العودة الى الشوارع بشكل اكثر تنظيماً وقوة واندفاعاً، للتأكيد أنّ الثورة وان همدت لم تخمد بعد. فليس هناك في الافق ما يوحي بقدرة السلطة، التي استهدفتها هذه الثورة بكل مكوناتها باستثناء الاجهزة العسكرية والامنية، ان توفّر الحد الادنى مما طالبت به. لا بل امعن البعض من رعاة التشكيلة الحكومية، في السعي الى إبعادها عن المساحة المستقلة التي يمكن ان تلاقي فيها بعضاً مما يطالب به المنتفضون من كل مناطق لبنان وطوائفه. فسارعت الى الغاء ما حققته الثورة والقت بمطالبها المتصلة بالشفافية والحوكمة الرشيدة، بالامعان في منطق التسلّط والمحاصصة والاستمرار في هدر ما تبقّى من المال العام في الخزينة.
لم تكن هذه السياسة موفقة، وزاد في الطين بلّة، انّ بعض احزاب السلطة التي “هشمّتها” ثورة تشرين، وجدت في الجائحة مناسبة للتحرّر مما أُلصق بها من تهم وما قدّمته من تعهدات. فسعت الى ركوب موجتها واستيعاب بعض مطالبها لتطويعها أو لتجاوزها في آن. ولكن لم تصل هذه الاماني الى مبتغاها، فتقرّر في آخر الاجتماعات التي عُقدت في الفترة الممتدة من 17 الى 20 ايار الماضي، وتوزعت بين مقار سياسية وحزبية عدة، تحديد السادس من حزيران موعداً للإطلالة الشعبية استغلالاً لمعادلة 6 / 6 في التوقيت والشكل والمضمون.
يعترف كثر من قادة “ثورة اليوم” انّ اعادة زجّ ملف السلاح مجدداً في الحراك المنتظر اليوم لم يكن بريئاً. وأقل ما يُقال فيه انّه مشروع لزرع الانقسام والشقاق بين من اجمعوا على قيادة الحراك والثورة، وتعويضاً عن الفشل في محاكاة ابسط الحقوق المشروعة التي طالب بها الحراك الشعبي. لا بل فقد شكّل عنواناً لسياسة احزاب السلطة وبعض مواقع القوى فيها، من اجل ضرب المحاولة بخطوة استباقية تؤدي الى إفراغ الحراك من اهدافه تمهيداً لتطويقه وانهاء مفاعيله قبل ان يحقق اي خطوة متقدّمة.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.