كانت التقارير التي ترد إلى الأجهزة الأمنية من الأرض تتحدّث عن أن شيئاً ما يُحضّر، وأن كل المعطيات تدل على أن الأمور تذهب نحو منحى المواجهة، ولذلك اتخذ الجيش والقوى الأمنية الإحتياطات الضرورية، لمنع وصول الأمور الى ما وصلت اليه في ساحة الشهداء والطرق المحيطة بها وصولاً إلى جسر الرينغ. وكانت السيناريوات الامنية المتوقعة لتظاهرة السبت كالآتي:
السيناريو الأول والأضعف هو الإكتفاء بالتظاهر في ساحة الشهداء والحفاظ على سلمية التحرّك، ورفع المطالب المعيشيّة وحتى الشعارات التي تدعو إلى نزع سلاح “حزب الله” وتطبيق القرار 1559، من ثمّ إنتهاء التحرّك بسلمية.
السيناريو الثاني كان حدوث إشكالات داخل ساحة الشهداء بين المتظاهرين أنفسهم، لأن هناك فئة تطالب بنزع سلاح الميليشيات، وفئة أخرى تتألف من بعض الأحزاب والجماعات اليسارية وبعض الذين يدورون في فلك “حزب الله”، يرفضون هذا المطلب ويعتبرون أن الأولوية للمطالب المعيشية.
السيناريو الثالث هو حصول أعمال شغب وصدامات بين المتظاهرين والقوى الأمنية مثلما كان يحصل سابقاً، لذلك فإن حضور الجيش كان كثيفاً.
السيناريو الرابع هو وقوع إشكالات بين المتظاهرين الذين يطالبون بنزع سلاح “حزب الله” وجمهور هذا “الحزب”، وساحة هذه المواجهات جسر الرينغ، لذلك أخذ الجيش والقوى الأمنية كل الإحتياطات في هذه النقطة ونجحت في حصر الصدامات هناك. المفاجأة الكبرى حصلت في المكان غير المتوقّع، فبينما كانت الأنظار موجّهة إلى ساحة الشهداء ومحيطها، حاول شبان من الضاحية يهتفون “شيعة شيعة” الهجوم على عين الرمانة ودخولها من دون سبب، فيما كانت الأجواء مشحونة بعدما خرق قسم منهم التظاهرات وبدأوا الهتاف: “صهيوني صهيوني سمير جعجع صهيوني”، ما جعل الشارع المسيحي عموماً والقواتي خصوصاً يحتقن أكثر وأكثر، إلى أن أتت واقعة عين الرمانة.
صدّ أهالي عين الرمانة الهجمة، لتشتعل بعد وقت قليل جبهات عدّة وترتسم خطوط تماس قديمة – جديدة بين السنة والشيعة على خلفية شتم السيدة عائشة.
كل تلك التطورات قلبت حسابات محركي مهاجمي عين الرمانة رأساً على عقب، إذ فوجئوا بردّ الأهالي السريع وبالإلتفاف المسيحي، حتى ذهب البعض إلى القول إن “جس النبض” بذهنية 7 أيار فشل على الساحة المسيحية.
لا تُقلل الأجهزة الامنية من حجم الذي حصل، خصوصاً أن كل فريق سيدافع عن نفسه إذا دعت الحاجة، وما حصل في عين الرمانة أكبر دليل، وهي لا تزال تعتبر أنّ الأمن هو أمن سياسيّ في الدرجة الأولى، فمهما فعلت الأجهزة والإستقرار السياسي غائب فستبقى الأمور مشتعلة ولا يعرف أحد متى تشتعل.
وتتحضّر الأجهزة الأمنية للسيناريوات الأسوأ، إذ تشير بعض المعطيات الى قلاقل واضطرابات محتملة، لذلك تحاول أن تفعل ما وسعها للحفاظ على الأمن وعدم الإنجرار نحو الصدامات المتنقلة وخرق الخطوط الحمراء، التي قد تؤدّي بالبلاد إلى حروب طائفية ومذهبية متنقّلة.
وتقف الأجهزة الامنية مستعدةً لأي تطورات سلبية أخرى، لأن التوتر السني – الشيعي قابل للازدياد، خصوصاً أن قوى جديدة دخلت إلى الساحة ولا تهادن القوى الشيعية الموجودة وعلى رأسها “حزب الله”.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا