في الثامن من الجاري، يكمل قانون “حقوق الأشخاص المعوقين”، أو ما بات يُعرف اصطلاحاً بالقانون 220/2000، عامه العشرين من دون أن يدخل حيز التنفيذ. عقدان من الزمن كانا قد توّجا نضالاً طويلاً خاضه هؤلاء، صارا مجرّد رقم للذكرى. الخيبة، اليوم، تأتي بجرعة أكبر. فبعد كل هذا الوقت، لم يحظَ الأشخاص المعوّقون بأبسط حقوقهم التي حصّلوها بقوة القانون، والتي لا تزال حبراً على ورق. مئة ومادتان مقسمة على عشرة أبواب من الحقوق المختلفة، كأنها لم تكن بسبب العراقيل الكثيرة. وهي عراقيل بسيطة، لكنها خارج حسابات الدولة، ولا تتعدى مهمة إصدار المراسيم التطبيقية للمواد القانونية. المراسيم لهذا القانون وغيره «لم تعد هناك قدرة على إحصائها لكثرتها»، تقول سيلفانا اللقيس رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً. وهذه المراسيم هي مقياس اهتمام الدولة بحقوق فئة تعدّ بأكثر من 400 ألف شخص، ولكن، على ما يبدو، فإنّ الدولة لا تأبه لما تعانيه هذه الفئة. فجلّ المراسيم التطبيقية لم يصدر، أما ما نجح الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين في الضغط لإعداده فلا يزال محتجزاً في أدراج مجلس الوزراء والوزارات المعنية. وهذا ما يعطّل حصول الأشخاص المعوقين على حقوقهم. اليوم، في حضرة الذكرى العشرين لصدور القانون 220/ 2000، لم تشفِ الدولة غليل هؤلاء. ذلك أن الحقوق المقسّمة على عشرة أبواب لم يجر تحصيلها إلّا على الورق. وجلّ ما استفاد منه الأشخاص المعوقون هو فكرة وجود القانون بحدّ ذاته، لناحية تشكيله “أداة للتفاعل وتشريع باب الحوار حول قضايا كانت منسية سابقاً”. ما عدا ذلك، لم يجنِ هؤلاء شيئاً. وهنا، بعض الأمثلة عن كيف تتعاطى الدولة مع هذه الفئة.
لا تعرف اللقيس من أين تبدأ في تشريح العلاقة بين الدولة ومواطنيها من ذوي الإعاقات. تحاول قدر الإمكان تبسيط الأمثلة كي نستكشف إلى أيّ مدى تنازلت الدولة عن هؤلاء. وضع القانون للدولة أطراً زمنية لتطبيق بعض المواد القانونية وتفعيل بعضها الآخر، إلّا أنها فضلت العبور فوقها، كأن قانوناً لم يكن. وفي هذا الصدد، حدّد القانون، مثلاً، فترة ست سنوات كي يصبح لبنان خالياً من العوائق. لكن، ما الذي حصل؟ «لا شيء»، تقول اللقيس. في الأسباب العامة، تسرد الكثير من الأمور التي عطّلت القانون، منها “انعدام وجود استراتيجية وطنية لتطبيق القانون للوصول إلى تكافؤ الفرص في المجتمع، وغياب المعايير الدامجة عن هيكليات الوزارات وإداراتها وقراراتها، وانعدام التوعية تجاه قضايا الإعاقة وحقوق الأشخاص المعوقين وحاجاتهم”. أكثر من ذلك، لا تزال الاحتياجات الأساسية للأشخاص المعوقين (الحق بالتعليم، بالصحة، بالبيئة الدامجة…) خارج الموازنات العامة، أضف إلى ذلك ربط الإفادة من المشاريع بالتمويل الخارجي.
تضمّ الإدارات العامة 156 شخصاً من ذوي الإعاقة من أصل 12470 موظفاً!
أما في التفاصيل، فيمكن الحديث عن أشياء بسيطة يحتاج لها الأشخاص المعوقون، لكن لا قدرة للوصول إليها لعدم تطبيق القانون. على سبيل المثال، الحق في العمل، وتحديداً ما يتعلق بتخصيص الوظائف في القطاعَين العام والخاص المنصوص عنها في المادتين 73 و74 من القانون. المادة الأولى تنص القانون على أنه «تخصص وظائف في القطاع العام للأشخاص المعوقين بنسبة 3% على الأقل من العدد الإجمالي للفئات والوظائف جميعها». لكن، على أرض الواقع، لا مكان للقانون بالمطلق. وفي هذا الصدد، تفيد العودة إلى التعميم رقم واحد الذي أصدرته رئيسة مجلس الخدمة المدنية، القاضية فاطمة الصايغ، في العاشر من أيلول 2018، وطلبت بموجبه من جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات المشمولة بصلاحيات المجلس إفادتها عن وجود أشخاص معوقين من بين العاملين لديها. بعد أكثر من عام على الطلب، جاءت الأجوبة لتقول بأن ما تؤمنه الدولة للأشخاص المعوقين ليس أكثر من 269 فرصة عملٍ فقط، بحسب ما صدر عن دائرة الملفات الشخصية في إدارة الموظفين في المجلس منتصف كانون الثاني من العام الماضي. بالأرقام، تضم الإدارات العامة 156 شخصاً من ذوي الإعاقة من أصل 12470 شخصاً تضمّهم هذه الإدارات، أي ما نسبته 1,25%. وهو بحسب القانون “نموذج ساقط”. لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.