المعزوفة الممجوجة حول فضائل السلم الاهلي و خصائص الوفاق الوطني لا تتناسب مع حالة احتقان مرشحة لتفجير الوضع في ظل عوامل كثيرة أبرزها الجوع، الذي بات يطرق أبواب معظم اللبنانيين، لذلك لا بد من قراءة هادئة بعيدا عن الزواريب الضيقة لفهم أحداث مصيرية على لبنان لا يلوح منها بارقة امل.
على جري عادتها، عمدت السلطة إلى اهون الحلول بدل التفكير الجدي في التصدي للازمات، والمفارقة أن الحكومة استنكرت العبث بالسلم الاهلي وكأنها فصيل سياسي وليست صاحبة لقرار السياسي والاقتصادي في البلد أمام مشهد تفلت الوضع من كل ضوابط، بحيث أضحى مشهدا مغايرا تماما لـ١٧ تشرين بصفته ثورة شعبية طالبت برحيل كامل الطبقة السياسية، لذلك لا يمكن إخفاء تورط قوى اساسية مشاركة في السلطة راهنا من مسؤولية التحريض و التوتير الطائفي والذهبي، مهما حاولت التفلت من المسؤولية لاحقا عبر الشجب و الادانة.
تسود العاصمة بيروت أجواء من الغضب المكتوم جراء التهور و الانزلاق نحو هاوية الفتنة المذهبية عند اشتداد مطلق أزمة سياسية، و ثمة قراءة تفيد بأن السلطة عمدت إلى سياستها المعهود المتمثلة بالرقص على حافة الهاوية على غرار يوم ٧ أيار الشهير والذي لم يندمل جرحه بعد.