المحاصصة تتجلى على طاولة مجلس الوزراء… التعيينات نحو الاقرار

10 يونيو 2020
المحاصصة تتجلى على طاولة مجلس الوزراء… التعيينات نحو الاقرار

بعد أكثر من تأجيل، تحطّ التعيينات الادارية اليوم طبقاً أساس على طاولة مجلس الوزراء التي من المقرر ان تنعقد اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، على الرغم من الخلافات الكثيرة التي تدور حول هذه الجلسة، وسط مقاطعة وزيري تيار المردة، اعتراضاً على المحاصصة العلنية الحاصلة في هذا الموضوع.

في هذا الوقت، كان لافتاً أمس الارتفاع الفجائي في سعر صرف الليرة مقابل الدولار حيث بلغت حدود الـ4500 ليرة، ما شكّل نوعاً من الغضب الشعبي ودفع بمجموعات الى التحرك على الأرض إما من خلال قطع الطرقات أو من خلال الاعتصام في ساحة رياض الصلح. ويأتي هذا الارتفاع في وقت تواصل الدولة اللبنانية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، عقب توحيد الارقام.

التعيينات على طاولة مجلس الوزراء
اذاً، تتجه الأنظار الى القصر الجمهوري في بعبدا، حيث من المتوقع ان تعقد جلسة لمجلس الوزراء على جدول أعمالها بند التعيينات الادارية والمالية، وسط تساؤلات كثيرة حول ما اذا كانت السلطة ستنجح في تجاوز خلافاتها لامرار التعيينات – الصفقة، أم تطفو الخلافات على السطح لتعيد تطيير سلة التعيينات. وقد استبق رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيه هذه التعيينات بتغريدة كتب فيها: “لأن هذه التعيينات صورة وقحة لمحاصصة المصالح الطائفية والمذهبية والشخصية لن نشارك في جلسة الغد علما انه عُرض علينا أن نكون جزءاً منها فرفضنا انسجاماً مع موقفنا الرافض لتعيينات دون معيار او آلية.”

وتردد أن الرئيس حسان دياب تراجع عن ترشيح رندا يقظان لرئاسة مجلس الخدمة المدنية، واستبدالها إما بالقاضي يحيى غبورة، أو بالموظفة في مجلس الخدمة المدنية سمر مشموشي المحسوبة على “المستقبل” التي يفضلها دياب. لكن في المحصلة، ستكون جلسة اليوم جلسة مصيرية على كل الصعد، إلا إذا ساهمت الخلافات المستحكمة والضبابية التي تحوم حول بعض التعيينات، ولا سيما التعيينات المالية، في تطييرها مجدداً، وخاصة أن وزراء أكدوا لـ”الأخبار” أن جدول الأعمال الذي أرسل إليهم لم يتضمن السيَر الذاتية للمرشّحين للتعيين، ولا حتى أسماء هؤلاء المرشحين. 

التعيينات المالية على الطاولة أيضاً
وبالرغم من الخلاف على عدد من التعيينات، إلا أن التركيز سينصب على التعيينات المالية، التي كانت قد وُضعت على الرف منذ أكثر من شهر بسبب عدم الاتفاق بشأنها. وإذ تردد مصادر مطلعة لـ”الأخبار” أن لا تعديلات جدية في سياق هذه التعيينات، يبدو أن الوقت صار ضيقاً أمام إمكانية تفعيل دور المجلس المركزي لمصرف لبنان، وبالتالي تفعيل دور مصرف لبنان للقيام بوظيفته المحافظة على الليرة اللبنانية.

وفي المعلومات ان هذه التعيينات المالية لم يكن مقرراً صدورها في جلسة اليوم ولوحظ انه طرأت عليها تعديلات عما كان مطروحاً سابقاً وتبين ان الأسماء المسيحية تدين بالولاء للنائب جبران باسيل باستثناء عادل دريق الذي عرض اسمه ليكون من حصة الوزير السابق سليمان فرنجية، لكن الأخير رفض الامر. وبدا لافتا ان المحاصصة التي تقررت لتوزيع التعيينات الإدارية والمالية اليوم ضربت عرض الحائط آلية التعيينات التي صدر قانونها الأسبوع الماضي عن مجلس النواب، بل بدا الامر بمثابة تجاهل نافر تماما لاقرار المجلس الآلية وكأنها لم تكن.

وعلمت “النهار” انه وزعت على الوزراء امس أسماء المرشحين للمواقع كالاتي:

نواب حاكم مصرف لبنان: النائب الاول وسيم منصوري، النائب الثاني بشير يقظان، النائب الثالث سليم شاهين (حصة الرئيس حسان دياب بدل محمد بعاصيري الذي كان من حصة الرئيس الحريري)، ألكسندر موراديان نائباً رابعاً (حزب الطاشناق). لجنة الرقابة على المصارف: رئيسة مايا دباغ، والأعضاء:

كامل وزني (أمل)، جوزف حداد (رئيس الجمهورية والتيار)، مروان مخايل (رئيس الجمهورية)، عادل دريق (أعطي للمردة). مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان: كريستال واكيم (حصة رئيس الجمهورية والتيار).

في هيئة الأسواق المالية يعين واجب علي قانصو (الثنائي الشيعي)، في المقعد الدرزي فؤاد شقير، ووليد قادري (رئيس الجمهورية والتيار).

كما ستشمل التعيينات الادارية محافظ بيروت (القاضي مروان عبود)، ومحافظاً لكسروان وجبيل (للمرة الاولى) والمدير العام لوزارة الاقتصاد (المرشح محمد أبوحيدر) الذي تم تقريب موعد الجلسة الى اليوم قبل بلوغه غدا التاسعة والثلاثين، بعدما عدّل القانون وبات يفرض بقاء الموظف 25 سنة قبل تقاعده في سن الـ64، غسان نور الدين مديراً عاماً للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات. اما رئيس مجلس الخدمة المدنية، فالمرشحة لهذا الموقع نسرين مشموشي وهي مراقب اول فئة ثانية في مجلس الخدمة وثمة اشكالية في تعيينها لأنها ستصبح رئيسة على من كانوا رؤساء لها، وهذه تشكل سابقة بعدما جرت العادة ان يحتل هذا المركز إما قاض وإما أحد موظفي الفئة الاولى في الادارة العامة.

وعلمت “اللواء” من مصادر وزارية انه ما لم يطرأ اي امر فإن التعيينات يفترض بها ان تسلك طريقها سواء بالتصويت على بعض الأسماء او بالتوافق داخل مجلس الوزراء. واشارت المصادر الى ان تكرار سيناريو سحب التعيينات تفاديا لأي اشكال قد يكون واردا مع العلم ان هناك اصرارا على تمريرها اليوم.

محافظ كسروان – جبيل
الاّ أن اللافت في موضوع التعيينات الادارية اليوم هو تعيين محافظ لمنطقة كسروان جبيل بعد اقتراح من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لتقسيم محافظة جبل لبنان الى محافظتين. 

ولفتت صحيفة “الأخبار” الى ان هذا الموقع أعاد خلط كل الأوراق من أجل اسم واحد. فعاصفة مستشارة رئيس الحكومة حسان دياب للشؤون الطبية بترا خوري لم تهدأ بعد، ولا سيما أن دياب يريد تعيين خوري مهما كان الثمن. لذلك أخرج رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جيبه أرنباً جديداً اسمه محافظ كسروان الفتوح ــــ جبيل حتى تجلس خوري على مقعده. إلا أن حساسية هذا المنصب، وإصرار باسيل عليه، إضافة إلى إصراره على ضمّ منصب المدير العام للحبوب والشمندر السكري إلى سلة التعيينات أدى إلى إشكال بينه وبين رئيس الحكومة حسّان دياب، كاد يؤدي إلى تطيير الجلسة.

بالنتيجة، تبيّن أن خوري نقلت نفوسها إلى سجلّ زوجها في جبيل، الأمر الذي يمنعها من تسلّم المهام كون القانون يمنع تعيين محافظ ينحدر من المنطقة عينها. حينها، فكّر دياب وباسيل بإجراء تعديل طفيف على التعيينات عبر قلب الأسماء ونقل المرشح شبه المحسوم لمنصب محافط بيروت القاضي مروان عبود إلى جبيل مقابل إعادة طرح خوري محافظاً لبيروت. على اعتبار أن ذلك لن يخلّ بالتوازن الطائفي طالما أن منصب محافظ كسروان ــــ جبيل المستحدث ذهب للطائفة الأرثوذكسية.

مع ذلك، لم يتأخر ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة في رفع الفيتو في وجه خوري مجدداً. فهو رفض إعادة طرح اسمها بعد إعلان انسحابها وعدم رغبتها في التداول باسمها لمنصب المحافظ من قصر بعبدا. ونتيجة ما حصل، خرجت خوري خالية الوفاض، إلا أن الحديث استمر حتى مساء أمس عن إمكانية نقل نفوسها إلى مسقط رأسها الأول قبل الزواج لتتمكن من تسلّم المنصب. في غضون ذلك، جرى مسح للموظفين الأرثوذكس من الفئة الثانية وتم الوقوع على اسم مراقبة عقد نفقة في ديوان المحاسبة تدعى بولين ديب من عكار. يُجمع من في الديوان على أن ديب تحظى بسمعة طيبة. وهي إذ تنحدر من عائلة قواتية، يشير عارفوها إلى أنها لا تعادي أحداً.

في هذا الوقت، بدأ الجدل القانوني والمالي حول التعيينات المطروحة على جدول مجلس الوزراء اليوم، فمن جهة جاء في استشارة قانونية – إدارية من مجلس شورى الدولة لجهة عدم قانونية تعيين بولين ذيب محافظاً لمحافظة كسروان – الفتوح – جبيل لأنه استناداً إلى المادة 13 من قانون الموظفين 112/59 والتي تنص في مفعول التعيين ونتائجه ان لا يعين احد الا في وظيفة شاغرة ولها اعتماد في الموازنة وفي الفقرة الخامسة تحظر عند التعيين خلافا لذلك على المصفي والامر بالصرف صرف النفقة ودفعها ويجب عليهم ابلاغ مجلس الخدمة وديوان المحاسبة من اجل العمل على الغاء نص التعيين.

وذكرت مصادر وزارية أن تعيين ديب محافظاً لكسروان جبيل سيشكّل “انتهاكاً صارخاً لقانون الموظفين وقانون المحاسبة العمومية”. مشيرة الى أنّ هذا التعيين سيكون باطلاً لأن شرط تعيين أيّ موظف في الدولة مشروط بوجود وظيفة شاغرة في الملاك، في حين أنّ المراسيم التطبيقية لقانون انشاء هذه المحافظة لم تصدر ولا يوجد ملاك لتكون فيه وظائف شاغرة، كما انه بسبب عدم وجود ملاك لم تلحظ اعتمادات للمحافظة في موازنة ٢٠٢٠ ما يجعل التعيين باطلاً أيضاً.

كما أنّ تعيين المحافظ اليوم سيرتّب نفقة من دون اعتماد مسبق.

ردّ التشكيلات القضائية
وفي السياق، وصفت مصادر وزارية خطوة رئيس الجمهورية ميشال عون بإعادة مرسوم التشكيلات القضائية إلى رئاسة الحكومة بأنه محاولة مكشوفة للتهرب من مسؤولية الرئاسة الاولى من عملية عرقلة المرسوم وتحميلها لرئيس الحكومة وبعض الوزراء خلافا للواقع وللتهرب من اتهامات وتبعات تعطيل اصدار المرسوم.

وقالت: بالرغم من ان تصرف رئيس الجمهورية هذا غير دستوري من الأساس باعتبار المرسوم عادي وليس صادرا عن مجلس الوزراء فان الملاحظات التي اوردها في سياق الرد،لا تبرر اطلاقا هذا الاجراء لانها تفتقر الى اي مرتكز قانوني وهي تهدف بالنهاية الى خلق صلاحيات دستورية جديدة للرئاسة الاولى، تزيد من التازم السياسي والبلبلة ولا تساهم ، لا من قريب ولا من بعيد في حلحلة المشاكل القائمة.

وفق ما وصفته مرجعية قضائية رفيعة أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ خطوة عون هي بمثابة “سقطة دستورية لأنه لا يحق لرئيس الجمهورية رد مرسوم عادي ولا يملك إزاءه، وفق منطوق الدستور، سوى خيار من اثنين إما التوقيع أو عدم التوقيع”، مستغربةً هذه الجرأة في الإمعان بضرب استقلالية القضاء، ومعتبرةً أنّ “هذه الخطوة ستكون “علامة سوداء” في تاريخ عهد الرئيس عون، خصوصاً وأنّ أي رئيس جمهورية غيره لم يفعلها سوى الرئيس إميل لحود الذي أبقى على تشكيلات قضائية في الدرج الرئاسي”.