في موازاة قانون آلية التعيينات الذي أقرّه المجلس النيابي في جلسته التشريعية الأخيرة، قدّم كل من النائبين العضوين في كتلة الجمهورية القوية، رئيس لجنة الإدارة والعدل جورج عدوان والنائب بيار أبي عاصي، أخيراً، اقتراح قانون معجّل مكرّر لمنع انتداب القضاة إلى الإدارات العامة. الاقتراح الذي يُنتظر وضعه على جدول أعمال أول جلسة تشريعية يهدف إلى تحصين القضاء، وهو مؤلف من مادة وحيدة تنص على إعطاء القضاة المنقولين والمنتدبين إلى ملاكات الإدارات العامة أو المؤسسات العامة، مهلة ثلاثة أشهر تسري من تاريخ نفاذ القانون، لممارسة حق الاختيار بين البقاء في الملاك الذي نُقلوا إليه أو العودة إلى ملاك القضاء الذي كانوا منتسبين إليه. وفي جميع الأحوال، يستمر القاضي بالاستفادة حصراً من تقديمات صندوق تعاضد القضاة، وفي حال اختيار العودة إلى ملاك القضاء الذي كان منتسباً إليه، تتم إعادته بالدرجة الأقرب إلى راتبه، وذلك بمرسوم يتخذه مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح رئيس مجلس الوزراء في ما خصّ القضاء المالي، وبناءً على اقتراح وزير العدل في ما يخص القضاء العدلي والإداري.
قانون منع انتداب القضاة: من يختار الإدارة العامّة يخسر صفة القاضي؟
كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”: عشية إقرار ملف التعيينات الإدارية في مجلس الوزراء، غداً، يتطلّع كثيرون إلى تنفيذ آلية تعتمد الكفاءة والاختصاص، مع مراعاة منع انتداب القضاة إلى الإدارات العامة، لتحصين القضاء وتعويض النقص في ملاكاته واستقرار العمل الإداري والسلطة القضائية على السواء.
مشكلة التعيينات، بحسب عدوان، ليست في القانون، إنما “في الذهنية التي لا تريد وضع حد للمحاصصة والمحسوبية لمصلحة الكفاءة والاختصاص، ولا تزال تتجاهل آلية التعيين والقوانين»، مشيراً إلى أنّ المادة 89 من قانون موازنة عام 2019 نصّت على «منع نقل وانتداب القضاة العدليين والماليين والإداريين إلى ملاكات الإدارات والمؤسسات العامة كافة، وإجازة إعادة القضاة المنقولين أو المنتدبين من ملاكات القضاء العدلي والمالي والإداري إلى ملاك القضاء الذي كانوا منتسبين إليه”. إلاّ أن المجلس الدستوري في حينه أبطل المادة، كونها من جهة تخالف الصيغة الجوهرية، ومن جهة ثانية تعتبر من فرسان الموازنة، وبالتالي يجب إقرارها بموجب قانون.
ومن الأسباب الموجبة التي يذكرها اقتراح القانون أن الانتداب أدّى في غالب الأحيان إلى نقص في ملاكات القضاء الإداري والمالي والعدلي وإلى عدم انتظام عمل المرفق القضائي. كما أن انتداب القضاة إلى مراكز إدارية مثل المحافظين والمدراء العامين يؤدي تبعاً لطبيعة العمل إلى إبعادهم عن الروحية التي يجب على القاضي التمتع بها، ومنها عدم المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية بشكل يفقده استقلاليته وتحفظه. وبانتهاء الانتداب، يعود القضاة المنتدبون حكماً إلى ملاكات القضاء، ما يؤدي إلى إفقادهم جزءاً من مهاراتهم بفعل انقطاعهم الطويل عن ممارسة عملهم كقضاة. لذلك، فإن استقرار العمل الإداري من جهة وعمل السلطة القضائية من جهة ثانية يحتمان إصدار قانون يمنع كل أشكال انتداب القضاة إلى الإدارات العامة.