أضاف: “لا شك ان الظروف صعبة في المنطقة وفي العالم ككل، ولكن هذا لا يبرر تدهور الوضع في لبنان. المشكلة أن القوى السياسية وتحديدا “حزب الله” من جهة، ومجموعة الوزير باسيل من جهة أخرى متحكمة بالقرار. هذه القوى السياسية ليست مؤهلة بأي شكل من الأشكال”.
وأشار جعجع الى أن “الوضع الأمني في لبنان مفتوح على كل أنواع الإضطرابات الإجتماعية انطلاقا من الوضع المعيشي المذري الذي نحن فيه”. وقال: “لكن من الناحية الاستراتيجية، لا أرى أن هناك أحدا يريد قتال أحد في لبنان”.
وتابع: “أعتقد أن كل الأفرقاء الرئيسين في لبنان ضمنا لديهم قرار سياسي واضح بعدم الخوض خارج السياسة والأطر الديمقراطية. ولكن من جهة أخرى سوء الوضع الإقتصادي والمعيشي طبعا يتسبب في اضطرابات إجتماعية”.
وعن علاقته بالرئيس سعد الحريري، قال: “أنا لم أتخل عن دعم سعد الحريري، ولكن الظروف كانت غير مناسبة على الإطلاق لتوليه رئاسة الحكومة. وكان من الممكن أن تكون نهاية له. هذا اعتقادنا وهذه حساباتنا. كنا ولانزال بحاجة إلى تغيير كبير في لبنان، إذ لا يمكننا ان نستكمل المسيرة بالطريقة نفسها والأشخاص أنفسهم في السنوات العشر الأخيرة.
وإذ لفت الى أن “هناك تنسيقا دائما مع الوزير وليد جنبلاط”، قال: “إن “تيار المستقبل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” يفضلان أن تبقى الأمور في منزلة بين منزلتين. ولا يريدان استكمال المعارضة للنهاية. نحن نريد أن نكون فريقا معارضا واضحا. أما الرئيس نبيه بري فيفضل لعب دور المصلح ممسكا العصا في المنتصف و”يأخذ ويعطي”. ولا يرتبط بأيديولوجية جامدة وهذا يدفعنا للتواصل معه”.
واعتبر جعجع أن لبنان “للأسف، غاص أكثر فأكثر في عزلته، وتتحمل مسؤولية ذلك الأحزاب الممسكة في السلطة بالفعل، “حزب الله” من جهة وجماعة الوزير جبران باسيل من جهة أخرى، لأن نظرة العالم إليهم معروفة”.
وعن دور رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، قال: “في الواقع إن “حزب الله” بحد ذاته أقلية في لبنان من حيث التمثيل النيابي ومن حيث الحجم السياسي. في مجلس النواب الحالي لـ”حزب الله” 13 نائبا من أصل 128. وبالتالي فإن “حزب الله” بحاجة دائمة لقائمة عريضة من الحلفاء ليستطيع البقاء كما هو وتنفيذ مشروعه في منطقة الشرق الأوسط، وأبرزهم الوزير جبران باسيل، وهو مستعد لمساندتهم في السراء والضراء”.
أضاف: “تأتي قوة باسيل من جهة من “حزب الله”، ومن جهة أخرى كون العماد عون رئيسا للجمهورية مع كل صلاحيات رئيس الجمهورية المتفق عليها في “اتفاق الطائف”.
وردا عن توقعاته لمستقبل الحكومة الحالية، قال: “للأسف لا أراه زاهرا مع أننا عقدنا آمالا بأن تنجح هذه الحكومة انطلاقا من حاجة لبنان العميقة لنجاح ما. ولكن، بعد ممارسة الأشهر الثلاثة الأخيرة تبين أن من يمسك فعلا بقرار الحكومة هم أحزاب السلطة، وبالتالي بقيت الأمور على حالها بل ذهبت من سيء إلى أسوأ. بالرغم من أن هذه الحكومة تضم بعض الشخصيات المحترمة. ولكن طالما أن القرار عند أحزاب السلطة، فالنتيجة ستبقى ذاتها الموجودة من ستة أشهر أو سنة أو اثنتين”.
وعن الملفات التي نجحت فيها الحكومة، قال: “بصراحة ملف “كورونا” تجربة ناجحة ووزارة الصحة اللبنانية بذلت جهودا كبيرة في التصدي للجائحة. ولكن لا أدري الى أي نسبة يعود الفضل في النجاح أيضا لطبيعة الشعب اللبناني”.
أضاف: “بالنسبة لملف الفساد هناك كلام كثير، ولكن لا عمل جديا على الأرض. على سبيل المثال: نحن كحزب “القوات اللبنانية” تقدمنا بلائحة من سبعة خطوات للبدء فعليا بمكافحة الفساد والتخلص منه، ولم تنفذ الحكومة أي خطوة منها. على سبيل المثال ملفات: التوظيف غير القانوني، التعيينات، المعابر غير الشرعية، الاتصالات، الكهرباء، وغيرها من الملفات، مثل التعيينات القضائية الإدارية للأسف، لم تقدم الحكومة على أي خطوة عملية لمكافحة الفساد حتى الآن”.
أما عن الحديث عن خروج أموال بالمليارات من الدولارات من مصارف لبنان، قال: “الحديث كان عن خسائر المصرف المركزي والدولة اللبنانية ككل. ليس فقط عن الأموال التي خرجت منذ بدء الأزمة”.
وإذ اعتبر أن اتهام رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة وغيره بالضلوع في الفساد، “مجرد اتهامات”، قال: “ما يجب فعله هو أن يذهب الملف إلى التحقيقات ومن خلالها ومن خلال الأرقام ستظهر الحقيقة”.
أضاف: “كل الآليات المطلوبة لإجراء التحقيقات بشفافية وعدالة ومساواة بين الأطراف موجودة في لبنان. ولكن إذا كان المشرفون على هذه الآليات والمتحكمين بها فاسدين، فكيف سنصل إلى نتيجة؟ ولهذا لا أمل في هذا الملف، وفي تأثير السياسيين على بعض القضاة. المشكلة ليست في القوانين ولكن المشكلة في الفريق الحاكم، وفي الأشخاص. أعطني أشخاصا جيدين من دون قوانين لن يكون هناك فساد. أو أعطني أشخاصا فاسدين بكل قوانين العالم، فسيعيثون في الأرض فسادا”.
وردا على سؤال عن مصير أموال المودعين والمستثمرين الأجانب والعرب، قال: “حتى اللحظة ليست هناك قرارات نهائية بهذا الخصوص. هناك تدابير أمر واقع تم تطبيقها. وأقصى تمنياتنا أن يخرج القطاع المصرفي سليما معافى من هذه الأزمة لأنه أحد أعمدة لبنان الإقتصادية المهمة”.
أضاف: “كل هذا الوضع غير طبيعي ولم نقبل حتى اللحظة بأي تدابير فكر فيها البعض خوفا من أن تكون نتيجتها تدمير القطاع المصرفي، خصوصا وان البعض في لبنان ما تزال لديه ميول كما لو كان الاتحاد السوفياتي لا يزال قائما وهي ميول يسارية وشعوبية من القرن الماضي”.
وقال: “هناك لجنة تحقيق خاصة في مصرف لبنان اسمها لجنة التحقيق الخاصة تستطيع من خلال تقديم طلب قضائي إلى أي مصرف رفع سرية الحسابات المصرفية لمن تحدده. ولكن المشكلة في ان سالب أموال الدولة لا يضع الأموال المنهوبة في حساب باسمه؟ جميع هؤلاء يتحايلون بأسماء أخرى”.
ولفت الى أنه لا يملك “حسابات في البنوك”.
وحول ما يمنع وصوله إلى قصر بعبدا، قال: “بالمنطق لا شيء. على أرض الواقع هناك مانعان أساسيان، الأول: هو “حزب الله” لأنه على طرفي نقيض معنا في النظرة إلى الدولة، وفي وجودها وفاعلياتها، والثاني: هو أن كثير من الطبقة السياسية لا نشبههم ولا يشبهوننا من ناحية طريقة إدارة الدولة. حيث تحتاج إدارة الدولة إلى رجال دولة، إلى تصرف دولة، إلى قماشة دولة. وبالتالي حتى اللحظة هذه أحد الأسباب التي أدت إلى الوصول بالوضع في لبنان إلى ما هو عليه الآن”.
وفي الملف السوري، رأى جعجع أن سوريا “تضعف داخليا وخارجيا وفي لبنان لا يوجد أي تأثير لسوريا في الوقت الحاضر بل كل التأثير الآن لـ”حزب الله”.
أضاف: “يستمد “حزب الله” قوته ونفوذه أولا من القوة السياسية التي لديه وهي ليست كبيرة ولكن لا بأس بها، ثم تتضاعف قوته اضعافا بسبب قوته العسكرية والأمنية الموجودة في لبنان. أنا لا أرى أي تأثير لسوريا في الوقت الحاضر. إذا سوريا لها طلبات في لبنان تتحدث مع “حزب الله”، وقد يتحفظ أو يرفض “حزب الله” على قرارات تطلبها سوريا داخل لبنان. المعادلة المعروفة قد انقلبت قبل عام 2005 عندما كان هناك وجود لجيش النظام السوري في لبنان كان “حزب الله” يتكئ على النظام السوري. بعد عام 2011 لـ”حزب الله” الفضل في استمرار النظام السوري وعدم سقوطه. لذلك، الكلمة الفصل الآن في لبنان وبشكل كلي تعود لـ”حزب الله”. حتى في سوريا كثير من الأمور لـ”حزب الله” وإيران الكلمة الفصل فيها وليس النظام السوري. إن النظام السوري كما هو الآن عبارة عن واجهة فيما القرار الفعلي بين إيران وروسيا”.
ورأى أن الفائدة الوحيدة للبنان من علاقته مع إيران هي “تصدير السلاح غير الشرعي إلى لبنان”. وقال: “معروف عن إيران أنها ليست قوة اقتصادية. تاريخيا كانت هناك علاقات جيدة وطبيعية بين الشعبين الإيراني واللبناني ومؤخرا بعد قيام الجمهورية الإسلامية وللأسف بدل من أن تدخل إيران من باب الشرعية إلى لبنان فضلت أن تدخل من الشباك بطريقة غير شرعية عن طريق وضع كل إمكانياتها في حزب لبناني وتكبيره بشكل غير شرعي وتزويده بالسلاح”.
وردا على سؤال عن توقعاته للتمثيل المسيحي في الانتخابات المقبلة، قال: “من المؤكد أن “التيار الوطني الحر” ضعف وبالنسبة لـ”القوات” نحن أقوى وربما نحصل على مقاعد أكثر لكن المؤكد أن شعبية “التيار الوطني الحر” تراجعت وتتسم بالضعف”.
أضاف: “الواقع على الأرض يقول ان “الكتائب” يضمر ولا أعرف الأسباب ولا أتمنى أن تواجه “القوات” مستقبلا ذلك”.
وعن السبب وراء توسع الخلاف بين القوى المسيحية، قال جعجع: “على أثر تأييد “القوات اللبنانية” لـ”العماد عون” لرئاسة الجمهورية كان من المفترض أن تتحسن العلاقة إلى حد كبير. ولكن ما حدث من ممارسات للسلطة كان عكس كل التوقعات. والممارسات التي تحدث في السلطة تختلف 180 درجة عن توقعات أي لبناني وحتى مؤيدو العماد عون، وهذا ما أدى إلى تباعد من جديد بيننا وبين جماعة الوزير جبران باسيل”.
وتابع: “نتوقع أن يشهد لبنان انتخابات نيابية في المدى المنظور وفي أسوأ الأحوال يجب أن تجري الانتخابات في موعدها بعد سنتين”.