ما حصل السبت، يؤكد متابعون، كان خروج أو “إخراج” الحراك الشعبي عن مواضعه بفِعل فاعل، بل بفعل فاعلين عرفوا كيف يستدرجونه الى شعارات سياسية كبيرة لا تمتّ الى مطالبه بصلة، فهو عند انطلاقته في 17 تشرين الاول الماضي كان يطالب باستعادة المال المنهوب من كثيرين من طاقم الطبقة السياسية الذين تقاسموا خيرات الدولة أسلاباً ومغانم منذ عشرات السنين، ومكافحة الفساد ووقف الانهيار الاقتصادي والمالي، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة تنتج سلطة جديدة تبني دولة نظيفة عادلة خالية من الفساد والفاسدين.
وفي ظل الشعارات – البلاوي التي أريد إنزالها على لبنان الوطن في ذلك السبت، كان الفاسدون من ابناء الطبقة السياسية يعيشون «شعور الفرج» الذي يعيشه المذنب عندما يطلب القاضي او السائل منه حلف اليمين بأنه لم يرتكب الجرم المتهم به، فيقول في سره: “لقد جاء الفرج”، لاعتقاده انّ مجرد «حلفانه» يعطيه البراءة من الجرم.
ولذلك جاءت الشعارات والهتافات، الهادِف منها والمفتعل أو المفبرك، لتضع الحراك في موقع المتهم بتهديد لأمن الدولة الداخلي وتعريض سلمها الاهلي للخطر كون أيّ فتنة او مذهبية كفيلة بأخذ البلاد الى الخراب، تماماً كما كانت الحال ايام الحرب الاهلية التي دامت 17 عاماً وما توقفت إلّا عندما تلاقت إرادات مديريها ومموّليها من الخارج والداخل على المصلحة في وَقفها بعدما دمّرت البلاد بكل بناها التحتية والفوقية البشرية والحجرية.
ولذلك، سيكون الحراك الشعبي من الآن وصاعداً امام تحدي استعادة الثقة الشعبية به، حيث انّ عليه أن ينأى بنفسه عن القوى السياسية واي مؤثرات خارجية تعمل للاستثمار عليه لأهداف خاصة بها، فما ظهر تحت جنح أحداث السبت الماضي دَلّ الى انّ كثيراً من القوى الداخلية والخارجية فعلت فعلتها وأشاعت في البلاد اجواء حرب اهلية نسي معها اللبنانيون المصائب التي يعيشونها منذ حصول الانهيار المالي والاقتصادي إثر حراك 17 تشرين الاول، ومنعه من تحقيق اهدافه التي طمحت الى تحقيقها قوى شعبية حيّة من كل اطياف الشعب اللبناني نزلت الى الشارع بعفوية، سرعان ما تبدّدت نتيجة تسييس الحراك باندِساس قوى سياسية وجدت نفسها متضرّرة منه، بل وجدت انّ مصيرها بات في خطر.