دولار التواصل الإجتماعي يُنزل جميع اللبنانيين إلى الشارع: 60% منهم تحت خط الفقر

12 يونيو 2020آخر تحديث :
دولار التواصل الإجتماعي يُنزل جميع اللبنانيين إلى الشارع: 60% منهم تحت خط الفقر
نسرين مرعب

هو ليس الارتفاع الأوّل لسعر صرف الدولار، لكنّه الارتفاع الدراماتيكي الذي نقل رواتب صغار الموظفين والعسكريين من أن تكون قادرة على تأمين الطعام والشراب حصراً، إلى أن تصير غير كافية لدفع أجرة الطريق حتّى.

فقد شارك ناشطون أنّ سعر صرف الدولار وصل إلى أكثر من 7000 في بعض “البقاع”، في حين أصرّ صرّافون على أنّ السعر الحقيقي لم يتجاوز 5200 بعد.

هذا الارتفاع قطّع أوصال لبنان فوراً، بموجات من المحتجّين والغاضبين، قطعت مداخل بيروت والطرق الرئيسية في المناطق.

وهذه المرّة، كما في بدايات ثورة 17 تشرين الأول 2019، لم يترك الغضب حزباً ولا منطقةً إلا وأنزل أهلها إلى الشوارع.

إلاّ أنّ تحالف شتم السيدة عائشة اختار أن يشارك بدراجاته النارية شبّان جسر الرينغ وشاباتها غضبهم، لكنّهم رموا السلام، وطمأنوا الجيش إلى أنّهم ليسوا في مهمة اعتداء على المتظاهرين، والتحموا معهم، ثم أكملوا طريقهم باتجاه مصرف لبنان.

بالتزامن مع أخبار نشرها مجهولون عن أنّ جلسة مجلس الوزراء الطارئ صباح الجمعة قد تشهد إقالة حاكم مصرف لبنان.

وبهذا يكون التحالف استبدل المطالبة بإقالة ميشال عون وحسان دياب بحاكم البنك المركزي. ولو أنّ هذا قرار مستبعد هذه هذه اللحظة .

تجدر الإشارة أن رياض سلامة أبلغ المجتمعين في بعبدا بحضور عون ودياب والوزراء والخبراء المعنيين أن خطّتهم الاقتصادية وقراءتهم للوضع الاقتصادي والوضع المالي في لبنان سيؤدّي الى كارثة و”يصطفلوا” .

لكن ماذا يعني أن يبلغ سعر صرف الدولار 7000؟

بحسب محاكاة افتراضية أجراها مدير البحوث في “معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية” في الجامعة الأميركية بيروت، الأستاذ ناصر ياسين، فهذا يعني أنّ 18% من أسر اللبنانيين سيصبح دخلها الشهري أقل من 92 دولاراً أميركياً (أي 3$ في اليوم للأسرة الكاملة).

في حين أنّ 42.6% من الأسر سينخفض دخلها الشهري إلى ما دون 172$ (أي أقلّ من 6$ في اليوم)، فيما 72.6% من الأسر سينخفض دخلها الشهري عن 342$ (11$ في اليوم). وسينخفض الحد الأدنى للأجور إلى 96 دولاراً فقط (675 ألف ليرة حالياً).

ياسين وفي حديث لـ”أساس” أوضح أنّه استند في هذه المحاكاة الافتراضية إلى “دراسة مسح القوى العاملة والأحوال المعيشية للأسر في لبنان 2018-2019″، التي أجرتها إدارة الإحصاء المركزي بدعم من “منظمة العمل الدولية” ومن “الاتحاد الدولي”، ونشرت في آذار 2020.

ووفق الدراسة المنشورة، فإنّ 18% من الأسر اللبنانية تتقاضى 650 ألف ليرة لبنانية، شهرياً، أي 92$ في حال سجّل سعر صرف الدولار 7000 ليرة.

فيما فقط 6.2% من اللبنانيين تخطت مداخيلهم الـ5 مليون ليرة. أيّ ما يساوي 711$، على سعر صرف 7000 ليرة.


قرار تخفيف الموظفين، مثل تسريح معلّمين مثلاً، ستكون له تداعيات سلبية كبيرة، إذ سترتفع نسبة العاطلين عن العمل


ويشير ياسين إلى وجود عوامل جديدة لا بد من التوقف عندها إلى جانب ارتفاع سعر الصرف، منها أنّ المداخيل انخفضت في الآونة الأخيرة مع موجة تخفيض الرواتب، وأنّ عشرات آلاف الموظفين والعمّال وأصحاب المصالح الصغيرة، فقدوا وظائفهم  بسبب الوضع الاقتصادي وبسبب فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية.

ويلفت ياسين إلى أنّ حوالي 60% من الشعب اللبناني بات اليوم تحت خط الفقر، مع الإشارة إلى أنّ هذه النسبة كانت تبلغ بين 28% و 30% قبل الأزمات التي عصفت بالبلد، وذلك وفق المعايير التي يعتمدها البنك الدولي.

ويوضح ياسين أنّ ما فاقم هذا الأمر، هو أزمة كورونا والإقفال العام. فالعديد من الأشخاص الذين كانوا يعملون بـ”اليومية” في المناطق الفقيرة والضواحي باتوا عاطلين عن العمل.

الدولار يرتفع صعوداً فيما الحكومة تتخبّط في خطّة اقتصادية “هجينة”، يشوبها الكثير من الغموض والالتباس. وياسين، عند سؤاله عن التحفظات على الخطة الاقتصادية للحكومة اللبنانية، والتي كانت منذ مدة مدار دراسة وتحليل باحثين وزملاء وشركاء لمعهد عصام فارس للسياسات العامة في الجامعة الأميركية، يقول إنّ “الخطة لم تراعِ نواحٍ عدّة أهمها الناحية الاجتماعية”، لافتاً إلى أنّ “الخطة لم تدخل بالعمق، ففي الشق المتعلق بالإدارة وتخفيف المصاريف بالقطاع العام، كان التقدير هو وقف التوظيف.

وهذا سيؤثر اجتماعياً لاسيما على مناطق الشمال وعكار والضنية وبعلبك الهرمل.

تلك التي تعتمد أسرها بشكل أساسي على إدخال شبابها إلى وظائف الدولة لتحسين ظروفها المعيشية”.

وبحسب ياسين فإنّ قرار تخفيف الموظفين، مثل تسريح معلّمين مثلاً، ستكون له تداعيات سلبية كبيرة، إذ سترتفع نسبة العاطلين عن العمل.

وإلى جانب الشق الاجتماعي، يشير ياسين إلى أنّ ملف أصول الدولة كان بحاجة إلى مزيد من الدراسة: “إذا أردنا أن نبيع الأصول فمن سيتشريها؟ قطاعات عدّة مرتبطة بالطبقة السياسية مثل الكهرباء والفيول. ولا بد من إيضاحات أكثر كي لا نخرج من فساد الدولة إلى فساد القطاع الخاص”.

أما الموضوع الأكثر حساسية بالنسبة لياسين، فهو موضوع القروض، حيث أنّ “60% من قروض المصارف هي بالدولار. وأكثر من 75% من المداخيل هي بالعملة اللبنانية. وبالتالي فإنّ تحرير سعر الصرف بشكل رسمي سيؤدي إلى انهيارات لا يمكن التنبّؤ بسلبياتها”.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

المصدر أساس