ليلة إسقاط رياض سلامة.. ‘حزب الله’ يكمل الأنقلاب أم يوصل الرسائل؟

12 يونيو 2020
ليلة إسقاط رياض سلامة.. ‘حزب الله’ يكمل الأنقلاب أم يوصل الرسائل؟

لم ينزل “حزب الله” مناصريه في تحركات الأمس، هذا اكيد. لكن الحزب، ومنذ اشهر بدأ إعداد العدة للتعاطي مع الحراك المقبل، مع الموجة الثانية من التحركات الشعبية التي قد تشهدها المناطق اللبنانية عند أي تطور معيشي أو سياسي. والحل المطرح دائماً كان توجيه الحراك لا مواجهته.

امس، نجح الحزب في التوجيه الناعم للإحتجاجات التي بدأت في الضاحية الجنوبية، فتح الجيش الطرقات ضمن نطاقها الجغرافي بسرعة، في المقابل سادت دعوات للتوجه الى مصرف لبنان ضمن المحتجين. بسرعة انتقل الإحتجاج من الضاحية الى المصرف. تزامن ذلك مع عمل إعلامي لا علاقة للحزب به، مبدئياً، لكنه كان يحرك “ابناء الضاحية” بخطاب الحزب “ليلة اسقاط رياض سلامة”، هكذا وصلت الرسائل عبر تطبيق “واتس اب”، بأن كل الاحتجاجات ضد التدخلات الأجنبية.

أمام هذا المشهد لم يظهر الحزب عداوة للمتظاهرين، بل على العكس وقف عناصر انضباط الحزب في الضاحية مع المتجمهرين كأنهم منهم، لتبدأ قناة “الميادين” تغطية مباشرة مع ٤ مراسلين في كل لبنان، وكذلك بدأ الناشطون القريبون من الحزب “بالتهليل” للتحركات أمام مصرف لبنان.

كل ذلك ترافق مع تسريبات سريعة من السراي الحكومي عن جلسة لمجلس الوزراء وعن اجتماع بالصرافين وعن “اقالة رياض سلامة”. نجح الحزب أمس بـ”بروفا” توجيه الحراك والإستفادة منه سياسياً.

في السياسة، وعند بدء الإحتجاجات بدأ “حزب الله” اتصالات مكوكية مع كل المكونات المشكّلة للحكومة بضرورة اقالة رياض سلامة من منصبه، حصل الأمر على موافقة سريعة من بعبدا والسراي الحكومي وكان على الحزب إقناع الرئيس نبيه بري.

توجه وفد من الحزب الى عين التينة لكن برّي لم يقتنع بإقالة سلامة، وتم طرح تسوية تعيد سعر صرف الدولار الى ما دون الـ٤٠٠٠ ليرة مقابل الإبقاء الى سلامة، وانتهت الليلة عند هذا التوجه بإنتظار تطورات الشارع والدولار اليوم صباحاً.

سجل الحزب نقاطاً عدة امس، فهو أثبت أولاً ان إرتفاع سعر الدولار ٢٠٠٠ ليرة في يومين هو ارتفاع سياسي وتالياً فإن انخفاضه هو انخفاض سياسي، ثانياً تمكن من استعراض قوته في ادارة الشارع، ولعل استعراض الدراجات النارية، الذي للمصادفة رفع شعارات الوحدة الوطنية في عين الرمانة وسليم سلام، خير دليل الى قدرة شارع الحزب وبيئته الواسعة على السيطرة على التحركات وتوجيهها حيث يشاء. مثلاً، كان جسر الرينغ أمس نقطة لتجمع شباب الضاحية، علماً انه ومنذ بدء الحراك كان من اماكن التجمعات الأساسية للجمعيات المدنية المدعومة أميركياً بعكس نقاط اخرى في بيروت.

لا تزال إقالة سلامة مطروحة، عون ودياب متحمسان لها، و”حزب الله” مصّر على  ان يكون برّي جزءًا منها، لكن الامر مرتبط بسعر الدولار، اذا بقي مرتفعاً لا مفر من تطيير سلامة، لأنه وبحسب المصادر، فإن التعايش لم يعد ممكناً بين سلامة ودياب، او بما يمثله سلامة من توجهات سياسية وما يمثله دياب في المقابل. اذا اقيل سلامة يكون الحزب مستمرا في انقلابه داخل “الدولة العميقة”، واذا انخفض الدولار يكون الحزب قد تمرد على قرار أميركي تغيير نواب حاكم مصرف لبنان من دون خسائر تذكر، وهذا ليس تفصيلاً في عملية قضم النفوذ.