باسيل – العقوبات الاميركية.. الى ما بعد 23 حزيران

12 يونيو 2020
باسيل – العقوبات الاميركية.. الى ما بعد 23 حزيران

في أروقة الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأميركيين تباين كبير في وجهات النظر حيال التعاطي مع لبنان، وأيضاً داخل الجمهوريين انفسهم. فبينما يواصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومساعده لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر التأكيد على دعم المؤسسات اللبنانية الاساسية (الجيش اللبناني والقطاع المصرفي ومصرف لبنان) وبعض القطاعات  التربوية، فإن وجهة النظر الاخرى يعبر عنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب تحديدا فضلا عن بعض أعضاء الكونغرس، ومفادها أن لا مصلحة على الإطلاق لواشنطن في دعم لبنان الذي باتت مؤسساته كافة تحت هيمنة “حزب الله”، وبالتالي لا يجوز الفصل بين لبنان الدولة و”حزب الله” على الإطلاق ، علما أن البنتاغون يدفع نحو مواصلة دعم الجيش اللبناني، والجنرال كينيث ماكينزي من القيادة المركزية يؤيد التمويل المستمر للمؤسسة العسكرية.

كل ذلك يأتي بالتوازي مع دخول قانون قيصر حيز التنفيذ ومع ورقة لجنة الدارسات في الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأميركي التي أوصت بفرض عقوبات على قادة لبنانيين متحالفين مع “حزب الله”، ومعاقبة أعضاء مجلس الوزراء المعروفين في لبنان بـ”المستقلين” لكنهم في الواقع من أنصار “حزب الله”، بما في ذلك وزير الصحة السابق جميل جبق والنائب جميل السيد ووزير الخارجية السابق (2005-2009) فوزي صلوخ، كما يوصي بفرض عقوبات أقوى على حلفاء الحزب، وعلى رأسهم النائب جبران باسيل، ورئيس حركة “أمل” الرئيس نبيه بري، فضلا عن انها قد تؤدي الى تجميد  أكثر من 100 مليون دولار، تذهب سنوياً إلى لبنان، بزعم ان “حزب الله” هو من يستفيد منها.

وسط ما تقدم، تشدد مصادر بارزة مطلعة على الموقف الاميركي لـ”لبنان 24″ على أن لبنان الرسمي لم يقم عبر وزارة الخارجية بأية خطوة استباقية لتجنيب لبنان تداعيات “قانون سيزر”، فهو لا يزال في موقع المتفرج؛ ومرد ذلك أن “حزب الله” الذي يعتبر المكون الاقوى والاكثر تنظيما في لبنان  يرى أن العلاقة مع واشنطن لا لزوم لها ويريد الذهاب شرقاً، و”التيار الوطني الحر” أيا تكن اعتبارته لم يعر أي اهتمام جدي  للقانون ربما  لأنه يراهن على مشرع “قيصر” اليوت انجيل، لتجنيب لبنان مخاطر هذا القرار على الدول الحليفة لسوريا والمتعاونة معها لا سيما لبنان، علما ان هذين الفريقين، وفق المصادر نفسها، يحاولان التقليل من وقع الضغط الاميركي ومآله على الاقتصاد من دون ان ينتبها الى ان الولايات المتحدة تتمتع بـ17 % من مجمل قوة التصويت داخل الصندوق يليها بريطانيا، فهما حتى الساعة لا يملكان رؤية واضحة، ويرتكبان خطأ في توصيف الواقع وقراءة المستجدات، والمراهنة على ان واشنطن لن تفرط باستقرار لبنان  وان سياستها تجاهه تختلف كليا عن سياستها تجاه فنزويلا و سوريا؛  بيد أن المصادر نفسها تلفت في المقابل الى شخصيتين اساسيتين في لبنان تبديان اهتماما بما يحصل. فرئيس المجلس النيابي نبيه بري عطفا على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لا يوافقان على سياسة واشنطن تجاه لبنان، لكنهما يؤكدان أهمية عدم قطع العلاقة معهما، لا سيما وان “الاستاذ” كان سباقا في اللجوء الى اعتماد ” الدبلوماسية البرلمانية” في التعاطي مع واشنطن، من خلال دفعه نحو التواصل النيابي عبر وفود كان يتم تشكيلها في السنوات الماضية لزيارة الكونغرس والخزانة الاميركية  لتجنيب لبنان تبعات الكثير من العقوبات التي فرضت يومذاك على “حزب الله” .

وعليه، يمكن القول إن لبنان دخل في عزلة دولية واقليمية، فالكلمة الفصل هي للادارة الاميركية، تقول المصادر نفسها. فواشنطن تتجه الى قطع العلاقة السياسية والاقتصادية مع لبنان، رغم انها ستحتفظ بالعلاقة الثقافية والعسكرية معه، وهذا المشهد قد يطول بانتظار اعادة رسم كل الخارطة في المنطقة  لا سيما ان اي مفاوضات اميركية – ايرانية لن تحصل قبل موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

صحيح ان الترقب يصاحبه حالة من القلق على الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، لكن وفق المصادر نفسها، فإن حكومة الرئيس حسان دياب  لن تستقيل في الوقت الراهن، فلا قرار بذلك محلياً وخارجيا، هذا فضلا عن ان هذه الحكومة لن تتجرأ على إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي ربما قد يلجأ الى الاستقالة في وقت لاحق، اذا بقي نمط التعاطي الحكومي السيء مع القطاع المصرفي ؛ والجدير بالذكر أن الخطة الاقتصادية لحكومة الانقاذ تفتقد الى الدقة في الارقام وهي كانت محط انتقاد شديد من قبل نواب بارزين مختصين بالشأن الاقتصادي والمالي في 8 آذار.
واذا كان الترقب سيد الموقف، فإن ما بعد 23 حزيران لن يكون كما قبله بالنسبة لعلاقة “التيار الوطني الحر” مع الإدارة الاميركية. فسيف عقوبات ترامب سيسلط على النائب باسيل، مع خسارة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي، اليهودي الموالي لإسرائيل، إليوت إنجل للانتخابات التأهيلية لأعضاء الحزب الديموقراطي الذين سيخوضون انتخابات الكونغرس الأميركي. فإنجل يمثل الورقة الأخيرة لنائب البترون لكي لا يتجرع كأس العقوبات، والأهم لكي يدعم ترشيحه للانتخابات الرئاسية في تشرين الاول من العام 2022، لا سيما ان علاقة الرجلين قوية جداً، وفي 25 ايار من العام 2019 أقام باسيل لأنجل أعلى مراسم التكريم والضيافة بين البترون واللقلوق والرابية.