ببسمة واثقة وهدوء، يستهل راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر حديثه مع «الجمهورية»، مطمئناً الى انّ لبنان «قائم على عجيبة، وبقاؤه حتى اليوم هو أعجوبة بحدّ ذاتها، لذلك فهو وطن باقٍ ولن ينتهي» …
ولا يفوت مطران بيروت للموارنة أن يستذكر مآثر المطران يوسف بشارة، الذي صودف يوم دفنه، وهو عاش معه 4 سنوات ويعتبره «الاب الصالح الذي حمل بصلاته افواج الكهنة التي ساهم في نموها الكهنوتي والروحي». وعنه يقول وفاءً في يوم إنتقاله: «ترك بصمة في عمله الروحي الصامت والسياسي الفاعل… اكثر ما أذكره صمته في اجتماعات المطارنة الموارنة، فهو لم يتكلم كثيراً، وحين يفعل كان لكلمته وقع مهم وتأثير، وكانت مشورته وبصيرته تفتح ابواباً لأماكن لم يستطع غيره من الكهنة رؤيتها».
أما بالنسبة الى التعاطي مع السياسيين، فيقرّ عبد الساتر انّ الامر لا يستهويه، وانّ هوايته الاساسية همّ الناس «وإذا ما استلزم هذا الهَمّ التعاطي مع السياسيين وأجبرني على اتخاذ موقف منهم فليكن».
وعن عظته الشهيرة كشف عبد الساتر لـ»الجمهورية»، انه لم يكن يقيّم من خلالها الحكم أو العهد «لأنّ الشعب اللبناني هو الذي سيعاود تقييمه للحكم ورجالاته عند الانتخابات المقبلة»، موضحاً أنّه كان يعِظ من منبره الحقيقي «في شكل واضح ومباشر»، ويؤدي عمل الاسقف الذي يعتلي مذبحه لنقل همّ الناس ويعظ المسؤولين كأب، كاشفاً انّ هوايته التجوال بين الناس وفي الحي الشعبي الذي نشأ فيه مع عائلته المتواضعة، مستمعاً الى مطالبهم وشكواهم «وعندما تسنّت لي الفرصة لنقل شهادتي امام المعنيين شهدت بالحقيقة، وكان من البديهي القول لهم، بعدما وضع الشعب كل ثقته بهم في الانتخابات، راجعوا حساباتكم، وهل حققتم آمال شعبكم؟ فإذا كنتم عل استعداد للتغيير بادروا، اما اذا كنتم غير قادرين فالافضل لكم الاستقالة».
وينفي عبد الساتر تلقيه لوماً من اي مرجعية سياسية او دينية بعد كلامه، لافتاً الى «انّ هناك ثوابت ومبادئ لا يتجاوزها الاساقفة الموارنة ورجال الدين في عظاتهم، لكن الاهم هو ان علينا قول الحقيقة»..
«لا استأهل محبة بهذا الحجم»، هكذا علّق عبد الساتر على ردّة فعل اهل «طرابلس عروسة الثورة»، الذين رفعوا صورته في وسط ساحة النور «مربض الثورة والثوار». ويشعر انّ المسؤولية التي اوكلت اليه اصبحت اكبر ولا يستطع تحمّلها، مؤكّداً انّه حدث فريد في لبنان، «بخاصة انّ الصورة التي رُفعت معبّرة جداً، وهي مأخوذة من الذبيحة الالهية عند رفع دم المسيح ذبيحة، اي تقدمة لله الآب، ورمزيتها انّها وُضعت قرب مجسّم كلمة الله الذين يعبدون، ومعناها هم يعرفون انّ الذي يتكلم هو «شقيق لهم» ولو كان من طائفة اخرى، وانّ الله الخالق جمع بينه وبينهم في مشهدية موحّدة ومعبّرة في وسط ساحة النور، واشعر بعد هذه الخطوة انّ المسؤولية كبرت عليّ ولم أعد استطيع ان اتكلم سوى عمّا يعبّر عن وجع جميع اللبنانيين وليس وجع منطقة او فئة واحدة من اللبنانيين».
وبالنسبة الى أحداث السبت الماضي تمنّى عبد الساتر على رجال الدين والسياسة «أخذ ما حصل بأهمية قصوى وليس الاكتفاء بالاستنتاج بأنّها ابنة ساعتها ولن تتكرّر، لأنّ لا احد يعلم الحقيقة حتى الساعة. إذ يجب العمل على تنقية النفوس».
أما عن إنتفاضة أمس الأول فعلّق عبد الساتر قائلاً: «انّه لمحزن أن يستغل أحدهم ألم الناس ويأسهم ليخرّب ويحرق»، داعياً إخوته إلى أن يرفضوأ «التعصّب المذهبي والتزلّم الأعمى والإنقياد الى شعارات فارغة ..لأنّ لا ثورة تقوم الاّ على يد من كان حرّ الضمير والإرادة».
*** للاطلاع على المقابلة كاملة اضغط هنا