“حزب الله” صاحب الحكومة وصاحب المعارضة يمسك الحكم والشارع..!!

15 يونيو 2020
“حزب الله” صاحب الحكومة وصاحب المعارضة يمسك الحكم والشارع..!!
منير الربيع
منير الربيع

تحت عنوان حزب الله يسابق الأميركيين على الفوضى والعقوبات كتب منير الربيع في “المدن” منذ يوم الجمعة الفائت دخل لبنان مداراً جديداً.

أصبح لا بد من نسيان مشاهد تظاهرات مشابهة لتظاهرات 17 تشرين، ولو مرحلياً. فالمشهد سيختلف كلياً في الشارع.

وفي ذلك استكمال للانقلاب على الثورة وعلى كل ما تبقى من توازنات. تحدّث رئيس الحكومة عن إفشاله محاولة انقلاب، فأوقع نفسه في شرك تناقضاته. هو تحدث باسم 17 تشرين ادعاءً، بينما من انقلب عليها هم الذين أتوا به إلى الحكم ويوفرون الرعاية له.

بلا قفازات
مشهد الدراجات النارية التي حولت هدف التظاهرات من إسقاط الحكومة والعهد إلى إسقاط حاكم مصرف لبنان، هو بحد ذاته الانقلاب. كما عمليات التخريب التي شهدتها بيروت.. وحتى طرابلس.

لم يعد من مجال لارتداء القفازات، خصوصاً في سلوك حزب الله وأعماله. أخذ الأمر على عاتقه، بمشهد يوم السبت 6 حزيران، وبمشهد ليلة الخميس، وبمشهد ثالث ليل الجمعة.

ثلاثة مشاهد، دفعت حزب الله إلى السيطرة على الأرض وعلى التحركات والتظاهرات وتوجيهها. وقد نجح بذلك، حتى غابت مشاهد التظاهرات الأخرى التي كان يسعى إلى إلغائها.

قال حزب الله للجميع إنه صاحب الحكومة وصاحب المعارضة، يمسك بالحكم وبالشارع. وأي مفاوضات ستجري ستكون معه لا مع غيره.

هو يعتبر أنه إذا ما كان الأميركيون يهددون بالفوضى، فها هو يسبقهم إليها ويصبح قادراً على التحكم بها. واللعبة لم تقتصر على بيروت بل حتى في طرابلس. ومحاولات زرع الفتنة بين أبناء المدينة والجيش، تهدف إلى إعادة تصوير عاصمة الشمال كعاصمة للمتطرفين أو المخربين، وبذلك يتم القضاء على التحركات الشعبية التي اضطلعت بها المدينة في 17 تشرين.

في الانفتاح على سوريا
لمثل هذه الخطوة، تفسير واحد وهو أن الحزب يعمل على خطف الكرة من الأميركيين في لبنان، وتجميع أكبر عدد من الأوراق إلى أن تحين لحظة التفاوض. أو ربما لاستعجال هذه المفاوضات.

فيما الأميركيون يبدون في مكان آخر، ولم يعد لديهم بوادر استعجال، طالما أن إيران لم تقدم التنازلات المطلوبة. فبالنسبة إلى واشنطن، الضغوط مستمرة ويجب أن تتشدد أكثر في المرحلة المقبلة، إلى أن يأتي موعد الانتخابات الأميركية.

المؤكد أن الضغوط الأميركية ستتزايد. وهي دفعت رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة إلى خطوات تراجعية في السياسة، بينما قابلها حزب الله والرئيسان بإنجاز التعيينات بما لا يتلاءم مع واشنطن.

أما التراجع فيرتبط بشكل مباشر بالعزوف عن التفكير في الانفتاح على النظام السوري، وترتيب زيارة إلى سوريا. لم يعد دياب في وارد إجراء هذه الزيارة.

وكذلك لم يعد باسيل وعون قادرين على المطالبة بالانفتاح على النظام السوري وتطبيع العلاقات معه سياسياً. لا سيما بعد رسائل أميركية متشددة.

وتفيد معلومات متابعة أن الأميركيين أبلغوا اللبنانيين بوجوب الامتناع عن نسج أي علاقة رسمية مع النظام السوري، لأن ذلك سيؤدي إلى فرض عقوبات على مؤسسات وإدارات رسمية لبنانية.

كما أن الرسالة تشير إلى استمرار بعض الوزارات اللبنانية بالتعاون مع الوزارات السورية. وهذا أمر يجب أن يتوقف.

إسراع بالعقوبات
سيكون لبنان في مواجهة مدار من الفوضى، وفق المعطيات المتوفرة حالياً. طريق التفاوض بعيدة، وإجراءات الضغط ستتزايد.

المخزون الاحتياطي في مصرف لبنان سيتضاءل، ما سيزيد من الأزمة المالية والمعيشية، وسيؤسس إلى انهيار أكبر.

فبعض المعطيات تفيد بأن الأميركيين يدرسون تقريب فترة فرض العقوبات على مسؤولين وأشخاص وأصحاب شركات لبنانيين، بعد التعيينات المالية التي أُنجزت، وبعد خطوة حزب الله في الشارع.. ما سيعقد الأمور أكثر.

الأنظار تتجه يومي الاثنين والثلاثاء إلى المنصة التي تعهد حاكم مصرف لبنان من خلالها بالعمل على ضخ الدولار، وتخفيض سعره.

ولكن إذا لم تنجح هذه المساعي، فإن الضغوط ستتجدد وستتكثف أكثر على سلامة، ربما لدفعه إلى الاستقالة. ومعلوم أن لا سلامة ولا غيره قادر على تثبيت سعر صرف الدولار ووقف الانهيار.

وهذا يعني أن لبنان سيكون أمام موجة فوضى جديدة. وعندها أيضاً لا بد من انتظار ردّ الفعل الأميركي الذي سيكون أكثر تشدداً.