‘قيصر’ يسقط جسر طهران – بيروت

15 يونيو 2020
‘قيصر’ يسقط جسر طهران – بيروت

كتب شارل جبور في “الجمهورية”: الهدف الأساس الذي وضعته واشنطن في مواجهة طهران يكمن في لجم دورها في المنطقة في موازاة الملف النووي، وقد تنوّعت الخطط في تنفيذ هذا الهدف بين 3 اتجاهات – مراحل حكمت تعاطيها في هذا الملف.

تنقلّت واشنطن في مواجهة الدور الإيراني بين مواجهة الأذرع الإيرانية في مرحلة أولى من أجل إسقاطها ووضع طهران أمام الأمر الواقع الذي يجعلها تسلِّم تلقائيّاً بتعديل دورها، وبين محاصرتها في مرحلة ثانية، أي محاصرة المركز الذي بمجرّد تنازله وقبوله بالشروط الدولية تسقط الأذرع تلقائياً وتدخل في تسويات في الدولة الموجودة فيها، وبين المزاوجة، في المرحلة الثالثة، أي في المرحلة الحالية، بين الضغط على المركز والأذرع معاً.

ففي موازاة الضغط على إيران الذي يشتد ويتصاعد بغية دفعها إلى التسليم بالشروط الدولية، عملت واشنطن على مواجهة الأذرع الإيرانية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، فلجَمت الدور الحوثي، وتقاسمت النفوذ مع طهران في بغداد، فلم تعد طليقة اليدين، وأصدرت قانون “قيصر” لوضع الورقة السورية في عهدتها، وتخلّت عن نظرية منع لبنان من السقوط، فربطت المساعدات بالإصلاحات، ما شَكّل أكبر ورقة ضغط على “حزب الله” وكل من يدور في فلكه.

وقبل قانون “قيصر” كانت مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا تقتصر على فتح المجال الجوي السوري أمام تل أبيب لاستهداف كل ما تراه يشكل خطراً تسلحيّاً استراتيجيّاً، كما تمّ إبعادها عن الجولان بتفاهم مثلّث بين الإميركيين والروس والإسرائيليين، ولكن موسكو احتفظت بهامش تحرُّك سياسي واسع، وحافظت إيران على دورها ونفوذها والأهم الخط الاستراتيجي الذي يربط طهران ببيروت.

ومع قانون “قيصر” أضحت الورقة السورية في واشنطن بشكل كامل، فلم يعد بالإمكان الكلام عن إعادة إعمار او عودة النازحين أو إبقاء النظام السوري على قيد الحياة مع الحصار الاقتصادي المُحكم الذي سيعيد تجديد الثورة السورية، ويؤدي إلى انهيار الوضع السوري من الباب المالي، ويفتح باب التفاوض الروسي-الأميركي على رأس الأسد تمهيداً لتغييره بشروط أميركية.

وبعد أن رأت واشنطن أن لا قدرة للعرب على قيادة مواجهات عسكرية مع إيران وأذرعها في المنطقة، وبما ان لا نية لديها لإنزال عسكرها في مواجهة مباشرة، لجأت إلى السلاح الاقتصادي الذي تعتبره الأمضى وبمثابة السلاح النووي الذي استخدم في الحرب العالمية الثانية، فيما نَوَويّ المرحلة الحالية هو الحصار المالي والاقتصادي.