
ثورة ١٧ تشرين، يُعرف عنها أنها ثورة سلمية، لا تُريد دماءً أو حروبًا… كي لا تنجرف بمسارٍ يطيحُ بها كما أطاح ببقية ثورات الربيع العربي.
فمن المسؤول عن التخريب الذي يطال أموال الناس وأرزاقها؟!
في الآونة الأخيرة لم تستطع الثورة الصمود سلميًا تمامًا… فالخروقات الحزبية تحاول الإطاحة بها عمدًا كي تعكس صور مشبوهة للرأي العام الدولي.. وتصوِّر الثوار على أنهم شلَّة مخربين لا أكثر.
والسؤال الذي يبرز هل قانون قيصر هو المسبب بافتعال المشكلات في لبنان بين أنصار الأحزاب وخصوصًا الثنائي الشيعي وبين الثوار؟! ولماذا حاول الحزب استفزاز الثوار في الشارع وساهم بارتفاع الدولار إلى الـ 6000 ليرة لبنانية؟!
لنبدأ أولاً، أقرت أمريكا قانون قيصر الذي يفرض على النظام السوري وكل من دعمه في ارهابه، ضد الشعب السوري من تعذيب في السجون وغيره من جرائم محرَّمة دوليًا تُنتهك في الداخل السوري دون رقيب أو محاسب.. وفي ملحق هذا القانون عقوبات تمس مباشرة بحزب الله اللبناني باعتباره شريك أساسي في هذه الجرائم مع بشار الأسد… مما تسبب في انهيار العملة السورية أكثر بعد أن رفعت أميركا ضخ عملاتها في الأسواق السورية.. فارتفعت الأسعار الجنونية لتجعل المناطق السورية الحليفة (السويداء مثالاً) للأسد تثور ضده….
فكانت الخطة كالتالي، مطالبة الحزب بضخ دولارات الاحتياط للمودعين اللبنانيين وهي سرقة علنية لأموال المودعين واحتياطي اللبناني وهي عملية تساهم في خفض قيمة الليرة أكثر فأكثر…
لذا كان عليهم استغلال الثوار لتحريك مطلبهم، فانتحال اسم الثورة للإطاحة بـ(سلامة) فقط بإسمه كانت عملية تسيير الثورة نحو مسارٍ آخر يناهض مطالب الثوار الذي كانوا يريدون ليلة الخميس الإطاحة بحكومة حسان دياب الذي جاء بها حزب الله المعاقب دوليا…
فدعم الحزب اللا متناهي للأسد ما هو إلا عملية تملُّص
من العقوبات (قانون قيصر) عبر فرض العضلات والمرجلة لا أكثر…
وهي عملية استفزازية للشارع اللبناني.. أكثر منها رسالة دولية للكونغرس الأميركي حيث كان السفير الأمريكي نهار الخميس قد أوصل مطالب الكونغرس صباحًا الى القصر الجمهوري…
ولم تنقضي ليلة الخميس 11 حزيران فقط بتغيير مطالب الثورة وخروج الثوار من أرض الثورة بل إن التخريب الذي طال بعض الممتلكات لمواطنين تابعين لبعض الحزبية المناهضة لحزب الله أو الثائرة على الوضع في البلاد.. ضربة جديدة لاذلال اللبناني لمنهج الدويلة. فهل اقتصاد سورية يبنى على أموال لبنان؟!
فكانت رسالته للمجتمع الدولي أن الحزب قوي لديه الكثير من الأنصار (الزعران) ولن يستطيع أحد خرقه أو فرض عقوبات عليه وإلا يحترق البلد…
ولكن لم تكن وسط بيروت كساحة سنيَّة وحيدة على ما يبدو لإيصال رسالته، فطرابلس كأكبر مدينة سنيَّة يصعب خرقها من حزب الله فكان يسعى دائما لاستغلالها عبر فروعه فيها، ليصوِّرها بمشاهد ارهابيَّة دمويَّة… فاستغلال جبل علويتها حين يريد، فمثلا حين نزل حزب الله وسط بيروت كان مرادفًا له نزول شباب جبل محسن لصفوف الثوار لتجييش مطالبهم طبعا على حساب الثورة…
في المقابل، هل هناك علاقة مباشرة بين حزب الله ودعم النظام بالمؤن وتجييش الشارع الطرابلسي على الشاحنات التي كانت تتجه نحو سوريا؟
يبدو أن صرخات الجوع اللبناني وانهيار العملة اللبنانية لصالح عملة بشار الأسد بدأت توجع اللبناني أكثر من اللازم.. فأضحى الشباب اللبناني يترصد دون وعي أو سؤال أي حركة مشبوهة ويتصدى لها… وهذا ما حدث فعلا يوم السبت 13 حزيران.. حين عمد شباب التبانة_البداوي لوقف الشاحنات حين ازداد عددها نحو 14 شاحنة… مما أثار غضبهم منتظرين توضيحا ولكن عبثا قبل إحراق اثنين منها ليلا… وكأن المسؤول عن هذه الشاحنات أراد إحراقها أو أراد عبث الشباب الطرابلسي بها… وإصدار بيان الأمم في اليوم التالي وبهذا الإهمال الواضح… كأن هناك يد تريد العبث بالمساعدات السورية من جهة وبالشباب الطرابلسيين من جهة أخرى… كما لا يخفى على الكثير من الطرابلسيين، فالذي رمى الموتولوف على آليات الجيش اللبناني، حسب شهود عيان، هي وجوه غريبة عن المدينة ليتم التأكد عن وجود شخصين من الضاحية الحنوبية أتت تلك الليلة إلى المنطقة خفية لإثارة الفتن…
بالنهاية.. في ظل الجوع والتجويع، وهبوط قيمة العملة والغلاء الفاحش واستغلال التجار لهذا الوضع ضاربين بوجه الدين والأخلاق والقيم…
هل يصمد اللبناني أكثر؟ هل ستبقى ثورته على المدى الطويل سلميَّة؟ وكم ستطول هذه الثورة للمحافظة على سلميَّتِها أكثر؟
هل من الممكن أن يستطيع الجائع أكثر ضبط النفس، كي لا يتهمونه بالإرهاب مثلاً؟ أليس من يقوم بتجويعه واستنزافه وإذلاله هو الإرهابي الأكبر؟! وهل سيستطيع اللبناني عمومًا و الطرابلسي خصوصًا ضبط نفسه مقابل استفزاز الأحزاب المهيمنة أكثر، وعملاته تنهار لصالح نظام الأسد الذي ذبح أهالي التبانة في الحروب الأهلية اللبنانية؟! النظام الذي شرَّد المئات وفقد الآلاف بين موت وتعذيب وسجن في غياهب السجون السورية التي باتت معروفة عالميا منها سجن صيدنايا ومَزَّة وفرع فلسطين وفرع 215..
ففي النهاية هي ثورة، والثورة ما كانت يومًا سوى تحصيل حق أو إرجاع عز…. والثورة طالما كانت بالدماء وإحقاق الحق وعدم الخوف.. فهي تبدأ عادةً بكلمة حقٍّ بوجه سلطان جائر.
والسؤال الأخير… إلى متى ستستطيع الثورة اللبنانية المحافظة على سلميتها؟
وإلى أي مدى يمكن تنفيذ قانون قيصر وما مدى صلاحياته؟ وما مدى انعكاساته على اللبنانيين عامة؟ وهل سيخدم قانون قيصر الثورة أم سيعطي قوة البطش أكثر لحزب الله كما حصل ليلة الخميس؟
أسئلة لن تخفي الأيام اللاحقة أجوبتها… واللطف والسلامة من الله ببلد حكمه الجَشِع والظالم والطامح بالوصول على حساب الدماء…