الأزمة اللبنانية تتفاقم مع بدء تطبيق ‘قانون قيصر’… السلطة تواجه بالحوار ومشاورات صندوق النقد تتعثر

17 يونيو 2020
الأزمة اللبنانية تتفاقم مع بدء تطبيق ‘قانون قيصر’… السلطة تواجه بالحوار ومشاورات صندوق النقد تتعثر

تدخل البلاد اليوم فعلياً، عصر “قانون قيصر” وتأثيره على الداخل اللبناني، وتبرز المخاوف من تداعياته، وبدا لبنان الرسمي مرتبكاً بين الرغبة في التعامل بنوع من الحيادية مع القانون، وعدم القدرة على المواجهة مع المحور السوري – الايراني، واداته الداخلية “حزب الله”.

وقد أكد الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مساء أمس، ان سوريا هي المنفذ للبنان وطريق التجارة، داعيا اللبنانيين الى عدم الخضوع لـ”قانون قيصر”، من غير أن يحمّل الحكومة عبء المواجهة مع الادارة الاميركية. واعتبر ان الخضوع للقانون يضر بلبنان ويسلمه الى اسرائيل وليس الى أميركا. وعلى اللبنانيين ألا يفرحوا لهذا القانون، وهو آخر اسلحة الاميركيين ضد سوريا، وستتصدى له كل الدول الحليفة للنظام السوري.

وسط هذه الأجواء، يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية اليوم قبل ظهر اليوم في السراي الحكومي، وعلى جدول أعماله والتي على جدول أعمالها 20 بنداً، منها الموافقة على منحة من الصين وتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسراً، وفتح اعتماد إضافي بقيمة 70 مليار ليرة لبنانية في موازنة 2020، في باب النفقات المشتركة لتغذية نبذة معاشات التقاعد، ومشروع قانون لتعدل ضريبة الدخل، وتنفيذ عقد شراء مادة البنزين عيار 95 الجاري تنفيذه مع إحدى شركات الطاقة.

قانون قيصر
اذاً، فرض “قانون قيصر” نفسه على طاولة البحث في لبنان، من زاوية تداعياته، من وجهة نظر مصادر رفيعة المستوى، كشفت لـ”اللواء” ان هذا الموضوع سيكون محور دراسة في وزارة الخارجية والمغتربين، متحدثة عن ان أي عقوبات تفرض على سوريا يتأثر بها لبنان تلقائياً في عدّة محطات.

واستناداً إلى نص القانون، فإن لبنان يمكن ان يتأثر بالقسم المتعلق بـ”العقوبات المفروضة على الأشخاص الأجانب المتورطين في معاملات معينة”، ليس على مستوى الحكومة أو الدولة، بل على مستويات أخرى، لا سيما في البند “ب” الذي ينص على “يبيع أو يوفّر عن علم سلع أو خدمات أو تكنولوجيا أو معلومات مهمة، أو أي دعم مهم آخر يسهل بشكل كبير صيانة أو توسيع الإنتاج المحلي للحكومة السورية من الغاز الطبيعي او البترول أو المنتجات البترولية”.

دعوة الحوار في بعبدا
وسط هذه الأجواء، برزت أمس الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى طاولة الحوار التي من المقرر ان تنعقد في القصر الجمهوري في بعبدا، في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وهي المرة الأولى التي توجه فيها بعبدا الدعوات إلى رؤساء جمهوريات سابقين ورؤساء حكومات سابقين وان الهدف منه التشاور في ظل الظروف التي تمر بها البلاد حالياً والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تكب كما الإقليمية خصوصاً ان الأحداث لامست حدود الفتنة لولا الادراك لخطورة ما جرى، وفقاً لمصادر مطلعة على أجواء التحضير على أجواء هذا الاجتماع الوطني الموسع.

وأفيد ان الرئيس عون تشاور في طاولة الحوار مع بري ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب. وتشمل الدعوة كلاً من رؤساء الجمهورية السابقين ورؤساء الوزراء السابقين ونائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي ورؤساء الكتل النيابية ورؤساء الأحزاب. ونقل عن أوساط بعبدا أن من المفترض أن يناقش المشاركون في الاجتماع الأوضاع العامة ويوحدوا الموقف الوطني في هذه المرحلة من تاريخ لبنان، بغض النظر عن التموضعات السياسية التي قد تكون متناقضة، خصوصا أن تحديات كثيرة تواجه البلاد، بعد الأحداث الأخيرة، وقد أظهرت أن هناك مخططاً لاستهداف لبنان تجب مواجهته بالوحدة لا بالفرقة والانقسام.

وقالت المصادر لـ”اللواء” أن الظروف املت على رئيس الجمهورية الدعوة بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء على تحديد الموعد في الخامس والعشرين من.حزيران الجاري مشيرة الى ان ما من جدول اعمال لهذا الأجتماع انما مواضيع قد تطرح وهناك اتصالات تجري من اجل توجيه الدعوات وشرح الغاية من هذا الأجتماع اي تحصين الوحدة الوطنية ومواجهة التحديات بتضامن اكبر بصرف النظر عن الأختلافات السياسية وهي يحب الا تشكل عائقا امام لقاء القادة في ظل الظروف التي تفرضها دقة المرحلة.

وعلمت “اللواء” ان الرئيس عون اتصل قبل يومين بالرئيسين بري ودياب، واطلعهما على نيته الدعوة الى هذا الحوار الوطني فرحبا بعقده فوراً، على ان تتولى دوائر القصر الجمهوري دعوة الرؤساء السابقين ورؤساء الاحزاب السياسية بينما يتولى الرئيس بري دعوة رؤساء الكتل النيابية باعتباره رئيسا للمجلس.

وذكرت مصادر قصر بعبدا ان الداعي لهذا اللقاء الحوار الوطني هو البحث في كل الاوضاع القائمة سياسياً ومالياً واقتصادياً ومعيشياً واقليمياً لاسيما بعدما كادت الفتنة تطل برأسها مؤخراً، وذلك لتوحيد الموقف الوطني قدرالامكان بمواجهة كل التطورات السلبية الحاصلة والتي قد تطرأ نتيجة تازم الوضع الاقليمي والذي ينعكس حكماًعلى لبنان وبما يكفل تحصينه.

وعن مدى مشاركة القوى السياسية في هذا اللقاء؟ قالت المصادر: ان الدعوة ستشمل الجميع ومن يريد مقاطعة اللقاء يتحمل هو مسؤولية إخراج نفسه من الحوار والطني ومحاولة إنقاذ البلاد من ازماتها.

ورجحت مصادر سياسية ان يكون لقاء الرئيس برّي في عين التينة مع الرئيس سعد الحريري والذي استمر ساعة ونصف الساعة، وتخللته مأدبة غداء في سياق التحضير، ومحاولة لاقناعه بالمشاركة.

وفيما تتجه الأنظار إلى ما ستكون عليه ردود الفعل حيال اللقاء وكيفية التجاوب معه، قال النائب في حزب “الكتائب اللبنانية” إلياس حنكش لـ”الشرق الأوسط” إن الحزب لا يتعامل مع الدعوة من منطلق سياسي إنما انطلاقاً من المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق الجميع في هذه المرحلة، وبالتالي سيتعامل بإيجابية مع الدعوة على أن تُبحث في دوائر الحزب والتكتل ويُتخذ القرار النهائي بشأنها.

ولا تختلف مقاربة “القوات” لهذه الدعوة، وقال مسؤول الإعلام والتواصل في “القوات” شارل جبور لـ”الشرق الأوسط”: “قرار مشاركتنا يُتخذ لاحقاً على أثر التشاور بين التكتل والحزب”، موضحاً: “موقفنا بات معروفاً وهو أننا نتعامل بإيجابية وانفتاح مع أي دعوة تحت سقف المؤسسات، إنما تبقى النقطة الأساسية والمطلوبة بإلحاح هي الخطوات العملية”.
وليلاً، جرى تشاور بين رؤساء الحكومات السابقين، إذ عقد اجتماع في منزل الرئيس نجيب ميقاتي حضره الرؤساء فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام.

وأكّد مصدر مقرّب من اللقاء ان المشاورات جارية للبحث في المشاركة في اجتماع بعبدا أم لا.

المفاوضات مع صندوق النقد

وعلى صعيد التفاوض مع صندوق النقد الدولي، تبددت الآمال في التوصّل إلى اتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي لانتشال لبنان من ازمته، بحسب “اللواء” إذ تعقدت المحادثات بخلاف بين الحكومة والبنك المركزي على حجم الخسائر في النظام المالي.

وفيما يؤكد المخاوف المتنامية، قال مصدر مطلع على سير المحادثات مع صندوق النقد إن الصندوق يريد أن يشعر بالارتياح لبدء الإصلاحات على الأقل قبل إمكان بدء المفاوضات الموسعة على اتفاق إنقاذ. ويريد الصندوق أيضا أن يشهد تقدما في تقييم الخسائر المالية التي تواجه البلاد وسن قانون جديد لحركة رؤوس الأموال. وقال المصدر إن المحادثات ما تزال في المرحلة التشخيصية.

وقال دبلوماسي دولي “نشهد تدهورا مستمرا في الوضع على أرض الواقع… المجتمع الدولي ما يزال على استعداد لتقديم الدعم لكن السلطات اللبنانية وحدها هي التي يمكنها تحقيق الإصلاح وإعادة بناء الاقتصاد”.