في إحدى المرات التي زارَت فيها السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعبدا، تطرّقت من جملة المواضيع التي أثارتها مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى ملف الترسيم البري والبحري مع فلسطين المُحتلّة، من باب أن حلّه “سيُساعِد في تهدئة الأجواء بالجنوب وكل لبنان”. هذا الملف حملته شيّا معها أيضاً إلى طاولة رئيس تكتّل “لبنان القوي” جبران باسيل في آخر لقاء (مُعلَن) بينهما، مُطالبةً بالحسم، وقد “عبّر لها بدوره عن إيجابية للتعاون”. سُرعان ما بدأ هذا الهمس يخرُج إلى العلن، وتخرُج معه شرارة اشتباك سياسي جديد في ظل الحديث عن انقسام يعتري موقف المسؤولين ومُحاولة لاسترداد ملف التفاوض من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليٌصبِح في عهدة الرئاسة الأولى.
عون يقترح سحب ملف ترسيم الحدود من برّي.. فهل تُنقَل إليه هذه ‘الأمانة’؟
كتبت ميسم رزق في “الأخبار”: تضغَط الولايات المتحدة الأميركية، عبر سفيرتها في بيروت، لإعادة إحياء ملف التفاوض على الترسيم البحري، فيما بدأ الهمس سرّاً عن نية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استرداد الملف من عين التينة ليكون في عهدته، “لأن الدستور خصّ رئيس الجمهورية بحق التفاوض مع الدول الأجنبية”. فهل تُنقَل إليه هذه “الأمانة”؟
فقد علمت “الأخبار” من مصادر مطلعة على أجواء بعبدا، أن الرئيس عون بدأ منذ حوالى شهر يُسرّ إلى مقرّبين منه نيته إحياء التفاوض، لأن هذه الخطوة ستُخفّف الضغط عن لبنان، معبّراً بشكل غير مباشر عن استيائه من طريقة إدارة الملف سابقاً.
ينطلق عون من الدستور اللبناني الذي ينيط به وحده صلاحية التفاوض وعقد المعاهدات الدولية، فيقول إنه في صدد العمل داخل الحكومة لاتخاذ قرار نقل الملف ليكون بين يديه عبرَ آلية جديدة تُحدد من أين يبدأ التفاوض وكيفيته وعلى أي أسس، ما يعني إمكانية نسف الإطار الموحّد الذي وضعه الرؤساء الثلاثة سابقاً، وأهم ما فيه التلازم بين البر والبحر.
تزامناً مع هذا الجو، فُتحت قنوات اتصال دبلوماسية مع معنيين بهذه القضية، وتكثّفت بعدَ تأليف الحكومة “الإسرائيلية”، حاملة رسائل ضغط لاستئناف التفاوض. وفيما لم تكُن عين التنية بعيدة عمّا يُعَدّ، تُفضّل حتى اللحظة التزام الصمت على اعتبار أن “كل ساعة ولها ملائكتها”، لكن على الجميع أن “يعلَم مدى حساسية هذا الموضوع واستراتيجيته، والذي لا يُسمَح فيه بارتكاب أي دعسة ناقصة أو التفريط بكوب ماء أياً كانت الجهة التي تُفاوض”.