لعبة “داعش” والأمن.. لإخفاء كارثة السياسة والاقتصاد

صورة وزعتها "مديرية التوجيه" لأسلحة ضبطتها في منزل بعرسال!

18 يونيو 2020
لعبة “داعش” والأمن.. لإخفاء كارثة السياسة والاقتصاد

تعود اللعبة التقليدية اللبنانية إلى صباها. قوى سياسية تستجمع قواها، سيناريوهات أمنية تجتاح الوسط اللبناني، أزمة اقتصادية لا وجود لبصيص ضوء يشير إلى الخروج منها، الحكومة تتخبط وتُثقل بأرقام خاطئة ومتضاربة، أحالت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي إلى لزوم ما لا يلزم.

إذ هُزمت الحكومة أمام المصارف وخطتها، فظهرت أرقام الحكومة خاطئة، بينماعادت اللجان النيابية المشتركة إلى أرقام المصارف.

هُزمت الحكومة أيضاً مع صندوق النقد في مسألة إغلاق المعابر غير الشرعية، فلم تتمكن من التعهد بإغلاقها.

لن يكون هناك إعلان رسمي لوقف المفاوضات مع صندوق النقد. ستستمر تقطيعاً للوقت.

وعندما سيراجع المفاوضون مرجعياتهم سيكون الجواب بحجب المساعدات.

وسط ذلك ترسل الحكومة رسائل، راجية بأن لا تُظهّر هزيمتها في خطة الأرقام المقدمة.

التقاط الأنفاس
أمام كل هذه الأزمات والمآزق، وفي ظل ضغط سياسي وشعبي هائل، لا تجد الحكومة فرصة لاستعادة أنفاسها. إنه الانهيار الكبير الذي يعيشه لبنان.

مواجهته تتم الآن بأساليب تقليدية، غالباً ما يبرع اللبنانيون في العودة إليها، سواء بتحريك العصبية الطائفية والمذهبية والتي جُرّبت في الأشهر والأيام الأخيرة، أو من خلال أسلوب قديم قابل للتجدد، يتعلق باستعادة شبح الإرهاب والتنظيمات المتطرفة وترهيب اللبنانيين وتخويفهم منها.

اللجوء إلى دعاية الخطر الأمني والتهديد، ليس إلا محاولة جديدة من الحكومة لاستعادة أنفاسها، بتخويف الناس من اللجوء إلى الشارع والتظاهرات، والإلهاء عن الفشل الاقتصادي بذريعة الاهتزاز الأمني ومواجهة الخلايا الارهابية، تماماً كما تم تبرير أشهر الضياع حول الخطة المالية بأن لبنان انشغل بأزمة كورونا. الآن، لا بد من استبدال الأزمة الصحية بالأزمة الأمنية أو الخوف من الإرهاب، لتبرير إضاعة بضعة أشهر أيضاً – وفق الخبرة اللبنانية – في الرهان على الوقت، الذي قد يأتي ربما بمعجزات سياسية من الخارج.

استحضار السيناريوهات الأمنية، منذ تسريب برقية العمل الأمني في المطار، إلى إلقاء “الأمن العام” القبض على عناصر شبكة إرهابية يحضرون لعلميات أمنية، وصولاً إلى بيان الجيش عن اكتشاف أحد عناصر تنظيم داعش مع أسلحة ونفق في منزله بعرسال، ليست إلا من عدة الشغل القديمة لتبرير الفشل السياسي، والتنافس القائم والدائم على ضبط الأمن في لبنان، وتحميل مسؤولية الفشل إلى هذه الهموم.

الخبرة الإيرانية السورية
هذه السيناريوهات ستتزايد في المرحلة المقبلة بالتأكيد، في لبنان كما في سوريا، التي بدأ فيها تنظيم داعش يستعيد نشاطه في المنطقة الشرقية، وفي العراق كذلك، في إشارة لافتة إلى استحضار اسم التنظيم ونشاطه تزامناً مع تشديد الضغوط الأميركية على ايران وحلفائها. وبالتالي، أي ردود أو عمليات أمنية سيكون داعش هو من يتحمل مسؤوليتها.

وهناك خبرة طويلة لدى إيران والنظام السوري في الاستثمار بهذه التنظيمات لإطلاق رسائل وتخفيف الضغوط، بحيث تكون العمليات لقيطة، أو يتبناها داعش، لتستعيد إيران دعاية محاربتها للارهاب وتكرار تجربة مشتركة مع واشنطن سواء في العراق، أو في السلسلة الشرقية للبنان.

والملاحظ في الدعوة التي وجهت من رئاسة الجمهورية إلى القوى المختلفة للاجتماع في قصر بعبدا تركيز أيضاً على ضرورة إرساء الهدوء والاستقرار، بعد التوتر الأمني والمذهبي الذي حصل في بيروت. وهذه الدعائيات أيضاً جزء من الأدوات التقليدية اللبنانية، على نحو يعود الاجتماع المرتقب إلى البحث عن صيغة سياسية لإطالة أمد التسويات، ريثما تتغير المعطيات في الخارج، وعدم مقاربة الملفات الاقتصادية والمالية بشكل جذري، والتذرع مجدداً بمنع الفتنة الأهلية والحرب المذهبية والتعاون في سبيل مواجهة خلايا الإرهاب.. إلخ.

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع بيروت نيوز بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.

المصدر المدن