ينبغي القول أولا أن الصين ليست حليفا لمحور المقاومة. فالتبادل التجاري مثلا بين بكين والسعودية يقارب حاليا 80 مليار دولار، وهو رقمٌ لا يحلُم به لبنان بعد 10 سنوات. ومع الأمارات كذلك فان التبادل التجاري الصيني يفوق بضعفين ما هو بين الصين وايران، خصوصا بعد التراجع المضطرد للعلاقات التجارية الصينية الإيرانية في اعقاب العقوبات الأميركية. فقد أعلن رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية، مجيد رضا حريري، تراجع حجم التجارة بين طهران وبكين بنسبة 35% خلال العامين الماضيين.
في خطتها العالمية الكبرى ” الحزام والطريق” تتجنب الصين تفضيلَ خيار على آخر، وهي تسعى لأن تتعاون مع الجميع، ولن تدخل في معارك جانبية لأجل أحد ضد أحد آخر. ولذلك فان المحورين يغاليان في تصوير مستقبل العلاقة معها، وازدادت المغالاة بعد التنافر الصيني الأميركي.
المسألة مع ايران مختلفة تماما. فالمؤيدون لها في لبنان، يُدركون تماما أن حضورها الاقتصادي وتوظيف خبراتها على الأراضي اللبنانية سيعززان تماما دورهم في السلطة مهما حاولوا التخفيف من ذلك الآن، كما ان المعارضين لها يخشون أن يكون في تقدم ايران صوب لبنان بشكل رسمي كبير، اضعاف للحليف الأميركي وبالتالي لدورهم، خصوصا ان واشنطن أظهرت ضبابية وترددا كبيرا في سنوات ترامب حيال قضايا المنطقة وكادت تنسحب من سورية لولا ضغوط إدارات عسكرية وسياسية ونفطية أميركية وضغوط أوروبية.
أما وقد وافق الرئيس ميشال عون ضمينا على الخيار الشرقي حتى ولو انه يفضل عدم المجاهرة كثيرا فيه، ووافقت حكومة الدكتور حسان دياب علانية بعد يوم واحد من خطاب أمين عام الحزب، فثمة سؤال آخر يُطرح الآن: ماذا لو عرضت تركيا أيضا خدماتها ؟ وهذا لأسباب عديدة :
· أولا في لبنان قسم لا بأس به يؤيد تركيا ويفضلها تماما على ايران. ( ظهر ذلك بعد قرار الرئاسة بإحياء ذكرى قيام لبنان الكبير)
· ان لتركيا خبرات كبيرة في المجالات السياحية يحتاجها لبنان.
· ان تركيا لن تزعج أميركا لو عرضت سلاحا على الجيش ذلك انها جزء من حلف شمال الأطلسي واسلحتها غربية اطلسية بشكل عام. لا بل انها قد تحظى بتأييد أميركي على اعتبار ان حضورها يحد من الحضور الإيراني.
· ان تركيا لا تزعج روسيا لأنها على علاقة ممتازة معها.
· ان الموالين لإيران في لبنان لن يكونوا قادرين على مواجهة هذا الخيار علانية أولا لعدم اثارة نعرات مذهبية، وثانيا، وهذا هو الأهم، هو ان العلاقات التركية الإيرانية بقيت ممتازة حتى في أوج الاجتياح التركي لأراضي سوريا الحليفة لإيران.